بهدف تعزيز تنافسيَّة الاقتصاد الأردني وقدرته على جذب الاستثمار، وتطوير وتنظيم بيئة الاستثمار والأعمال في المملكة يأتي مشروع قانون الاستثمار الجديد والذي يحمل رقم (7) كنص تشريعي جديد ناظم للعملية الاستثمارية في الأردن، والذي يتوقع الاعلان عنه عبر موقع ديوان الرأي والتشريع لتلقي الملاحظات حوله قبل ارساله لمجلس النواب كأحد المواد المدرجة في الدورة الاستثنائية المقبلة.
ما نتوقعه من القانون الجديد أن يحدد الاطار التشريعي والتنظيمي للعملية الاستثمارية في الأردن بصورة واضحة ومباشرة، دون تعدد للمرجعيات أو تعدد للنصوص التشريعية التي تنظم هذه العملية والتي قاربت على 1800 تشريع من تشريعات القوانين والأنظمة والتعليمات المرتبطة بالاستثمار وممارسة الأعمال في الأردن، يعمل على إنفاذها أكثر من 50 جهة حكومية، وبما يخالف الممارسات الدولية الفضلى، ويؤثر على سهولة ممارسة الأعمال، بحسب البيانات رسمية.
ذلك يتطلب أن يتضمن القانون وبدقة حجم الميزات والحوافز ونسب الاعفاءات الضريبية والرسوم الجمركية التي ستمنح للمستثمر في القطاعات الاقتصادية المختلفة دون أي تصنيف لذلك المستثمر ما بين مستثمر كبير أو صغير، فالمعيار الأساسي هو أن يكون هذا المستثمر ناجحاً في استثماره، مما يعني تدفقات مضافة في رأس والمال وفرص عمل أكثر وربحية تدفعه للتوسع في استثماره أكثر! بالتالي ما على التسهيلات المقدمة من خلال هذا القانون أن تكون مبنية على دراسات الجدوى والتي تقدر كلف الانتاج المتوقعة في كل قطاع والعائد الربحي المتوقع بالإضافة الى محاولة تمييز القطاعات ذات الميزة التنافسية في الاقتصاد الاردني والتي ترتبط بنسب تشغيل عالية وخلق فرصة متجددة للأردنيين. إن ربط الاستثمار بتشغيل الأردنيين من الضروريات التي بات تأطيرها بإطار تشريعي مثل قانون الاستثمار ضرورة اقتصادية لتخفيف اعداد المتعطلين.
القراءة الأولية لمشروع القانون تشير الى أن القانون لم يساو بين مناطق المملكة استثمارياً ليصبح الأردن كله عبارة عن “منطقة استثمارية واحدة” وأي إعفاء أو تسهيل يمنح لمقدار القيمة المضافة للمشروع الاستثماري الجديد بأي مكان كان! دون الحاجة لمناطق تنموية (7 مناطق) وحرة (30 منطقة) ومدن صناعية متعددة. ذلك يعني أن تتمتع مناطق المملكة كلها بذات التسهيلات والاعفاءات الموجهة لجلب المزيد من التدفق الاستثماري وبالذات الأجنبي والذي انخفض بما يقارب 60 % خلال السنوات العشر الأخيرة. فصافي الاستثمار الاجنبي المباشر يشير خلال الفترة (2009-2021) الى انخفاضٍ وتقلب عام بالمنحنى من 16 مليار دينار عام 2009 الى 0.5 مليار دينار عام 2020!
مسودة المشروع تتضمن تشكيل مجلس للاستثمار (13 عضوا برئاسة رئيس الوزراء) ولجنتين الأولى للحوافز تشكل من مجلس الوزراء والثانية تم تسميتها اللجنة العليا (19 عضوا)! حيث يتكون مجلس الاستثمار من ذوات بصفاتهم الوظيفية والاعتبارية ويشمل مسؤولين حكوميين ومن القطاع الخاص ومستثمرين محليين وأجانب، لكنه وللأسف يخلو من الخبرات الاكاديمية ذات التخصص الدقيق بالمفاهيم المتعلقة بالاقتصاد الكلي والنمو والاستثمار والذي قد يكون وجودهم إضافة نوعية مميزة! أما لجنة الحوافز والتي ستعمل على اعتماد أي اعفاءات للأنشطة الاقتصادية فهي تشمل وزراء الفريق الاقتصادي والمتواجدين أصلاً بمجلس الاستثمار المنوي تشكيله، ومن ثم اللجنة العليا لتطوير الرقابة وتفتيش الاعمال على الانشطة الاقتصادية! وقد يكون وجود مجلس الاستثمار كافيا للقيام بأعمال كل هذه اللجان من خلال منح الحوافز أو التطوير والرقابة!
إن تسهيل الحصول على التراخيص بالاضافة الى تقديم الخدمات الحكومية الالكترونية السريعة واللازمة وبمكان واحد وتفعيل منظومة الحوافز، مثل منح حوافز على أسعار الأراضي وربط تلك الحوافز بالقيمة المضافة لتلك المشاريع وفرص العمل التي تخلقها سيشجع إقامة مشاريع كبيرة تلحقها المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بهدف تكاملية المفهوم الاقتصادي لتلك المشاريع. كل ذلك متطلبات جذب الاستثمار!
قراءة أولية لمشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية رعد التل
5
المقالة السابقة