عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب..
دعتني جارتنا لحضور حفل أقامه حزب “إرادة” تحت التأسيس ليتحدث فيه بعض مؤسسيه عن نظامه الداخلي ونهجه وبرامجه ورؤيته للحياة السياسية والحزبية التي جرى اطلاقها مجددا لبناء حياة سياسية اردنية جديدة..
كنت ما زلت محبطاً من الحال التي آلت إليه الحزبية الاردنية رغم اطلاق 53 حزبا في الفضاء الاردني منذ شرّع الميثاق الوطني الاردني الذي كنت أحد اعضاء لجنته الملكية المؤسسة في التسعينيات من القرن الماضي، وقد أدركت أننا أضعنا 30 سنة من المراوحة والنكوص والتشكيك والتدخلات والارتجالات وتغول السلطات على الحياة العامة والحزبية حتى خرجنا من الحياة الحزبية مثل “مصيفة الغور” كما يعرف الاردنيون ..
وحين دعوت لحضور لقاء حزب “إرادة” تحت التأسيس ترددت وقلت: لا بأس من اضاعة يوم اخر جديد في سبيل البحث عن جديد يستوقف.. والحقيقة التي أريد ايصالها الآن انني سمعت من المتحدثين خطابا جديدا مختلفا ومتماسكا وحريصا، وتمنيت ان يتحقق وان ينهج الحزب نهجا واضحا يحقق فيه هذه الطروحات، خاصة تلك المتعلقة بالمواطنة وانتشال الاردنيين من الانحدار الاجتماعي والاقتصادي والفقر والبطالة، والتوقف عن اتساع الشرخ الطبقي الذي يقام على حساب الطبقة الوسطى التي انقرضت..
كان المتحدث الرئيس نضال البطاينة الذي شغل منصب وزير العمل الأسبق، وقد سررت لحديثه واستيعابه للحال الاردنية وتأشيره على مواقع الخلل دون مواربة، ونقده للواقع واستعداده ورفاقه في الحزب الاجابة على كل الاسئلة والاستعانة بالجمهور المخلص الذي سيشكل منه الحزب..
نضال البطاينة “ابو فيصل” تحدث وتحدث معه ايضا صديقي الاخر الدكتور مصطفى ياغي وهم من المؤسسين الذين لم يحضروا كلهم، ولكني عرفت من البطاينة ان من المؤسسين خمسة وزراء سابقين وان الذين لبوا نداء الحزب حتى الآن تجاوزوا الـ (1300) شخصية من رجال ونساء..
على مدار ساعتين من الحديث والكلمات والحوار وطرح الاسئلة خرجت من القاعة غير نادم على ومستبشر وادركته ان هناك مساحات اجتماعية يمكن زرعها بالحزبية اذا ما صحت البذور وصحت العزيمة وتوفرت الإرادة، وبعد ذلك لن يعدم الوسيلة مهما كانت صعبة..
والسؤال هل بدأت الدولة توسيع للأحزاب؟ وهل سيسمح المتنفذون الذين عطلوا الحياة الحزبية بذرائع مختلفة، وقد اطلوا من مواقع مختلفة ليشكلوا ما اسمي بقوى الشد العكسي، هل يسمحون للأحزاب الجديدة الطالعة الآن بعد قانون الاحزاب الجديد، وبعد انتهاء اعمال اللجنة الملكية المشكلة من الـ(90) شخصية والتي أقرت اعمالها.. هل سيسمح للاحزاب الجديدة ان تثمر؟ وان تعيد زراعة المساحات التي تصحرت في بلادنا حين وصلنا الى ما وصلنا اليه؟
قد لا يدرك البعض ان لا حياة سياسية بدون الحزبية، وان لا ديمقراطية بلا احزاب سياسية، وان المشكلة هي في غياب الاصلاح السياسي وليس في غياب اي اصلاح اخر، فكل ما نعانيه من ترهل اداري وتراجع اقتصادي واجتماعي مرده تعطل الاصلاح السياسي واعاقته.. فهل نستعيد بناء ورشات الاصلاح السياسي والولوج اليه وانجازه عن طريق العمل الحزبي الجديد الذي ما زالت بيئته تحتاج الى عمل كبير ومخلص نتائج ما واجهه الاردنيون من احباط وتدليس وتزوير لإرادتهم؟ وهل نحتاج الى اختصار الوقت الذي لا يملك ترفه كما قال البطاينة ..
كانت القاعة مليئة بالحضور وكانت في مخيم الحسين وفي قاعه لجنة تحسين المخيم، وكأن الحزب يريد ان يقول ان العمل يبدأ من هنا.. من المساحات الاكثر حاجة للانصاف والعدالة والشراكة من عمان الاخرى التي ظل يجري تجاوزها ..
ادركت ان مطبخ تأسيس حزب “إرادة” قد عمل الكثير وقد انفق وقتا وحوارات واتصالات ليدرك ما ادرك، وانه مازال امامه مشوار طويل، اذ بدأت خطوة الالف ميل، وادركت ان لدى المؤمنين بفكرته عزيمة ان ينطلقوا من مظلته القانونية ومن الترخيص دون ان يقدسوا نظامه القابل للتطور، ليجد المنتسبون انفسهم وعائلاتهم وجمهورهم وقد غادر حزب الكنبة كما يقول المصريون لينخرط في الحياة الواسعة ويحك جلده بأظافره..