اثبتت ردود الفعل الأمريكية والغربية على جرائم سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي المستمرة وبتصاعد بحق الشعب الفلسطيني والتي بلغت ذروتها أخيرا في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المحتلة من إستهداف وإقتحام للمسجد الأقصى والقيام بأعمال القمع والتنكيل بالمصلين وإطلاق النار والغاز المسيل للدموع وإعتقالات جماعية تعسفية إضافة الى فرض قيود على حق الإنسان الفلسطيني بالوصول للمسجد الاقصى لأداء الصلاة بأمن وسلام دون تعريض حياته للخطر إنحيازا ودعما للعدوان الإستعماري الإسرائيلي وما يرتكبه من جرائم لا إنسانية تلك المواقف السلبية إتسمت بإقصاء متعمد لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللإتفاقيات والعهود والمواثيق والقرارات الدولية التي باتت أداة يتم توظيفها سياسيا تحقيقا لأهدافها ومصالحها بإنتقائية بل يمكن تفسيرها بأنها مواقف داعمة للسياسة العنصرية الاسرائيلية وهذه جريمة بحد ذاتها وإما تاتي إنعكاسا لنهج التمييز العنصري الدفين وكشفت عنه جرائم المستعمر الإسرائيلي الإرهابي في القدس وكافة أراض الدولة الفلسطينية المحتلة .
دلالات الدوافع العنصرية :
من حيث المبدأ لا بد من الإشارة إلى ان الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي تتميز سياستها بتناقض كبير بين خطابها وإستراتيجيتها المعلنة باهمية تحقيق وترسيخ السلم والأمن الدوليين من خلال تجسيد إحترام والإلتزام بميثاق ومبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والإتفاقيات الدولية المنبثقة عنه وبين سياساتها المزدوجة والتي كما يبدو قائمة على دوافع عنصرية خلافا للإتفاقية الدولية لمكافحة التمييز العنصري إلى جانب مصالحها المختلفة ومن الدلالات على ذلك :
أولا : الإزدواجية بالتعامل حيث لا تخضع الدول التي لا تلتزم بإحترام مبادئ وميثاق الأمم المتحدة وتمعن في إرتكاب الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لذات المقياس .
ثانيا : الدعم المطلق للسياسة الإسرائيلية الإستعمارية بالرغم من سياستها التوسعية وإستعمارها الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا سواء وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 أو لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67 / 19 /د 2012 او وفقا لقرار مجلس الامن رقم 2334 لعام 2016 .
ثالثا : عدم إحترام حق الشعب الفلسطيني بالحرية وحق تقرير المصير وتمكينه من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس عبر إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإلزام سلطات الإحتلال الإستعماري الاسرائيلي بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية الواجبة التنفيذ بغض النظر عن الفصل الصادرة بموجبه .
رابعا : تقديم الدعم المالي والسياسي وإلاقتصادي والعسكري لأوكرانيا ودعم تشكيل مقاومة شعبية سبقت بدء العمليات العسكرية مصاحبة لممارسة النفوذ بشكليه الناعم والخشن لحشد جبهة رسمية عريضة في مواجهة روسيا تحت عنوان عدم جواز إحتلال اراض دولة اخرى وعدم الإلتزام بالقانون الدولي بينما في الشطر الآخر من المعادلة نجد غياب الإرادة لمواجهة العدوان والإحتلال الإسرائيلي الذي اضحى عنوانا ورمزا للدول المارقة التي تتبجح برفضها الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئها وبعدم الإعتراف بالقرارات الدولية الداعية لإنهاء إحتلالها الإستعماري للجولان ولأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وما إستمرار الدعم المطلق للكيان الصهيوني العدواني الذي وصفته منظمة العفو الدولية بتقريرها وغيرها من المنظمات بنظام فصل عنصري وجب تفكيكه وما سياسة امريكا ودول اوربية من تمكين هذا الكيان العنصري الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه وإنتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان ولمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة وإخضاعه لذات المبدأ والمقياس والآليات التي إعتمدته في الصراع باوكرانيا إلا دليل دامغ على ذلك .
خامسا : الإزدواجية في المصطلحات ففي الوقت الذي تصف به المقاومة الأوكرانية بالشجاعة تسعى لإنكار حق الشعب الفلسطيني المكفول دوليا في مواجهة ومقاومة الغزو والعدوان الإسرائيلي الإستعماري لغاية التحرر ونيل الحرية والإستقلال بل وتسعى لوصمهم بالإرهاب .
من يتبنى خطاب إحترام القانون الدولي وإعلاء قيم حقوق الإنسان وحماية المدنيين لا يمكن او يحق له إحتراما لذاته ان يتولى ويرعى بنفس الوقت كيان إسرائيل العنصري الممعن بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وسن قوانين عنصرية ضد الشعب والإنسان العربي الفلسطيني المسلم والمسيحي .
لنفي سمة العنصرية :
على الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوربي أن تعمل لتفنيد العنصرية عن مواقفها المنحازة لسياسة العدوان الإسرائيلي ونهجها بفرض إجراءات على الأرض تهدف إلى إجراء تغييرات جغرافية وديموغرافية وتشريعية وقانونية خلافا لإتفاقية جنيف الرابعة بهدف تأبيد إستعمارها الإحلالي وتقويض حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير أن تبادر فورا إعمالا لميثاق الأمم المتحدة وللشرعة الدولية إلى :
▪توجيه إنذار لسلطات الإحتلال الإسرائيلي للبدء بخطوات سريعة نحو إنهاء إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وللجولان السورية تحت طائلة فرض العقوبات والعزل وتجميد عضويتها في الأمم المتحدة .
▪ان تبادر فورا بتشكيل قوة حماية دولية للشعب الفلسطيني وللإشراف على برنامج سحب القوات العسكرية الإسرائيلية وادواتها من عصابات المستوطنين من كامل حدود الدولة الفلسطينية المبينة في القرارات الدولية .
تحقيق التهدئة :
تتشارك مواقف امريكا واوربا وأمين عام الأمم المتحدة بمطالبة القيادة الفلسطينية والإسرائيلية بالعمل على التهدئة .
هذه الدعوات تعكس إنحيازا جديدا لسلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري وترسيخا لنهج الإزدواجية فالأولى من هذه الأطراف تحقيقا للعدالة الدولية أن يتم مطالبة قادة الكيان الإستعماري الإسرائيلي المسؤولين عن إستهداف الراغبين للصلاة أو المصلين في المسجد الأقصى بالقتل وإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع وبالإعتداء الهمجي على المسجد الأقصى بوقف كامل لجرائمه ” جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ” بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح وإقتحاماته لمنازل المواطنين الفلسطينيين والتنكيل باصحابها وإنتهاكاته للمقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصة المسجد الأقصى المبارك .
الشعب الفلسطيني مستمر في ممارسة حقه الأساس في مقاومة الغزو الإستعماري الإسرائيلي بكافة الوسائل المكفولة دوليا دفاعا عن نفسه وعن قريته ومدينته ومقدساته ووطنه حتى دحر الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وإقامة الدولة العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتمكين اللاجئين الفلسطينيين بما تمثل قضيتهم جذر الصراع من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948. ..
إلى متى سيبقى تمكين ” إسرائيل ” الإفلات من المسائلة بفضل الدعم الأمريكي. .؟
إرادة الشعب الفلسطيني المؤمن بحقه أقوى من أسلحة العدو الصهيوني الإرهابي… وستنتصر بإذن الله. ..فالحق أقوى. .؟ !