عروبة الإخباري – تصاعدت في الآونة الأخيرة، تهديدات ودعوات “جماعات الهيكل” المزعوم، وحاخامات وقادة المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى المبارك خلال ما يسمى عيد “الفصح” العبري، الذي يتزامن مع منتصف شهر رمضان الفضيل، وتقديم “قرابين العيد” داخل باحاته.
ونشرت الجماعات المتطرفة دعوة مركزية لاقتحام الأقصى في “عيد الفصح” الذي يبدأ في 16 الشهر الجاري، مزينة بصورة خروفٍ صغير رمزًا للقربان الذي يتوعد حاخاماتها ونشطاؤها تقديمه في المسجد الأقصى.
وتأتي دعوتها قبل 11 يومًا من موعد الاقتحامات المرتقبة، لتخرج تلك الجماعات بذلك عن تحفظها الذي اتبعته ما بعد معركة “سيف القدس”، والذي كانت بموجبه تتجنب النشر العلني عن اقتحاماتها وتلجأ إلى أساليب تعبئة أخرى.
وأيضًا يأتي هذا الإعلان مكملًا للقمة الحاخامية التي عُقدت في المسجد الأقصى، ولدعوات حاخامات اليمين الإسرائيلي الديني لتقديم “قرابين الفصح” فيه مساء الجمعة الموافق 15 أبريل، وهو ما تعهد بفرضه زعيم جماعة “العودة إلى جبل الهيكل” رفائيل موريس.
وقال موريس في رسالته لشرطة الاحتلال: “سأصل كما هو مخطط مع رفاقي عشية عيد الفصح لتقديم القربان… لنوضح للعالم بأن هذا هو ردنا الصهيوني الأصيل على موجة الإرهاب، أن نعلن السيادة اليهودية الكاملة على جبل الهيكل”.
وهذا ما يُؤكد أن الاقتحام قائم، وأن حكومة الاحتلال وشرطتها قد تعهدت بتأمينه وحمايته، وقد حُصرت الاقتحامات بالأوقات الصباحية لحشد جهودها و”جماعات الهيكل” خلالها، مما يجعل التصدي لهذه الاقتحامات أولوية أولى للدفاع عن الأقصى اليوم.
ويحذر مراقبون من خطورة ما ينتظر المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، على ضوء تلك الدعوات والتهديدات باقتحامه، وتقديم “قرابين الفصح” بداخله.
وكل هذه التطورات والتحذيرات تأتي في وقت دعا فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو أقطاب اليمين إلى المشاركة في التظاهرة العارمة المقررة مساء اليوم غربي القدس للاحتجاج على تردي الوضع الأمني والمطالبة بإسقاط الحكومة.
3 مسارات
نائب مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات يقول لوكالة “صفا”:” من الواضح تمامًا أن الاحتلال يُسخن في موضوع القدس والمجريات في الأقصى، بالوقت الذي يدعي فيه الحديث عن تسهيلات وتهدئة للأوضاع في المدينة”.
ويضيف أن حكومة الاحتلال بكافة أذرعها ومستوياتها تريد من خلال تلك التطورات والأحداث، تسخين الوضع واستفزاز المقدسيين والمصلين والوافدين للأقصى.
وبحسب بكيرات، فإن حكومة الاحتلال تريد تحقيق ثلاثة مسارات، أولًا: ترويض المجتمع المقدسي والمحلي والعالمي على قبوله داخل القدس عاصمة الشعب الفلسطيني، سواء كان من خلال المظاهرات أو اقتحام المتطرف “إيتمار بن غفير”، أو زيارة نتنياهو للمدينة، وغيرها، حتى يصبح الأمر وكأنه مقبولًا.
ويتابع “أعتقد أن هذا الترويض لا يمكن أن يمر في قضية الأقصى، فهناك ثوابت فلسطينية لا يمكن ترويضنا عليها”.
وأما المسار الثاني-وفقًا لبكيرات- أن حكومة الاحتلال تريد إرسال رسالة أنه” لم يعد هناك شيء مقدس لديها، والمسجد الأقصى ليس مقدس عند المتطرفين اليهود، وكذلك رمضان، لذلك تتعدى على كل المقدسات لترسل رسالة للعالم الإسلامي بانتهاء قضية القداسة العربية والإسلامية على الأقصى”.
في المقابل، “نحن ننظر لقضية القدس والأقصى على أنها قضية مقدسة عربيًا وإسلاميًا، وجذر لا يمكن قلعُه، لذلك فالصراع مع الاحتلال مستمر في عدم قبول الترويض، وتغيير القداسة”.
والمسار الثالث، فإن الاحتلال يحاول من خلال إجراءاته وتصريحاته، تفريغ المدينة من الفلسطينيين، عبر الاعتقالات والإبعاد، ونشر عناصر الشرطة، من أجل تهيئتها للأعياد اليهودية.
لكن، نؤكد للاحتلال أننا “نحن أصحاب المدينة والأرض، ولن نغادرها، وعلى هذه الأعياد أن تبحث لها عن مكان آخر غير القدس والأقصى، لأننا لا نعترف بوجودها”.
ويشير إلى أن هناك صراع مستمر، ومستقبل غامض ينتظر القدس، نتيجة ممارسات الاحتلال وإجراءاته الممنهجة، في مقابل زيادة التلاحم والمواجهة مع المحتل.
ويقول: “إذا حلم الاحتلال يومًا أنه استطاع أن يفرض الصلاة الصامتة في الأقصى كما يظن، وأن يدخل المقتحمين من باب المغاربة، فلا يحلم بأن يقدم قرابين الفصح بداخله، لأن ذلك سيؤدي إلى تقديم قرابين بشرية، فالأقصى عبارة عن برميل بارود، والمساس بقدسيته وعقيدته يُنذر بحرب دينية لها بداية دون أي نهاية”.
مخططات خطيرة
وحول ما تخطط له “جماعات الهيكل”، يقول بكيرات إن تلك الجماعات تُخطط لقبول “قربان الفصح” بالمسجد الأقصى وتقسيمه ومن ثم هدمه، لأنها لم تعد تخفي على أحد ما تريد تحقيقه، فهي تدعو إلى طرد المسلمين، وعدم اعتبار لوجود أي كائن في القدس غير اليهود.
ويوضح أن الجماعات المتطرفة تريد تغيير الواقع في الأقصى، وخلق واقع جديد بالقدس، ما يعني القضاء على القضية الفلسطينية برمتها، محذرًا في الوقت نفسه، من خطورة المرحلة القادمة وتداعياتها على المسجد المبارك.
ولمواجهة تلك المخاطر، يؤكد نائب مدير أوقاف القدس على ضرورة شد الرحال والرباط الدائم والتجذر في الأقصى طوال الوقت، وألا يكون هناك أي تغيب بأي لحظة، لمواجهة مخطط الاحتلال وجماعاتها المتطرفة.
ويطالب باتخاذ قرار وموقف فلسطيني وعربي واضح اتجاه ما تقوم به الجماعات المتطرفة، داعيًا العالم الإسلامي لأن يتحرك شعوبًا ومنظمات ودول لمحاكمة “إسرائيل”، وإلزامها بوقف المساس بعقيدة المسلمين ومشاعرهم ومقدساتهم.