صديقي الذي أهاج الذكرى..

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب  
كنت استعرض اسماء البيوت الاولى القديمة التي لها اسرار وقصص في عمان، وقد توقفت عند الكثير منها بالكتابة والتصوير في محاولة لإصدار كتاب بها يروي قصصها منذ نشوئها، خاصة وان بعضها كان موجودا قبل تأسيس الامارة والمملكة والبعض الاخر بعد ذلك..
وقد تقلبت ملكيتها بين المالك الاصلي او من حل مكانه من الورثة الذين تصرف بعضهم في هذه البيوت بالبيع او لتصبح وقفا ثقافيا او فنيا او لاشراف امانة عمان..
بعض هذه البيوت تحول الى متاحف وبعضها الى مطاعم ومقاه ، ذكرني صديق بقصه بيت ظل معمورا ولم يهجر لأكتشف انه لم يكن في قائمتي فسررت لذلك، وتتبعت لاجد انه في هذا البيت نام الرئيس صدام حسين حين زار الاردن ولم يشأ ان ينام في السفارة او بيت السفير العراقي او اي من القصور او البيوت الاردنية التي كانت سترحب به، ولكنه اختار منزل الوجيه ورئيس الوزراء الاسبق وخريج بغداد .. انه “أبو ناصر احمد اللوزي” ومن حسن الحظ انني رأيت في الانترنت صورة واضحة وكبيرة لمرافقة الرئيس احمد اللوزي للرئيس صدام اثناء ذلك..
كنت محظوظا بمقابلة هذا الرجل العلم اكثر من مرة في احداها اجريت معه مقابلة تناولت حياته وقد نشرتها في جريدة صوت الشعب حين كنت رئيسا للتحرير فيها، وقد اعجبته المقابلة وبقينا على صلة الى اخر ايام حياته التي رحل عنها راضيا مرضيا بما قدم ..
كان اللوزي عميد رؤساء الوزارات وكان صاحب حكمة ودراية واتزان، لم يعرفه الكثيرون منفعلا او متسرعا او مستعجلا في اطلاق الاحكام.. ولا اعتقد ان مسؤولا اردنيا قد شغل من المناصب على امتداد نصف قرن من عمره ما شغله احمد اللوزي من مواقع متقدمة في السلطة التنفيذية وغيرها.. فقد جاء رئيسا للوزراء بعد استشهاد وصفي التل مباشرة وكان على علاقة طيبة معه.. كما جلس على كرسي الرئاسة اكثر من مرة وكذلك كان رئيسا للديوان الملكي وفي مواقع تشريعية متقدمة استهدفت حماية الدستور وايضا على رأس المحكمة الدستورية..
كان معلما لم تفارقه هذه الصفة التي مكنته من ادراك اهمية التعليم في حياة الأمم، ولذا اسس وقاد مجالس امناء الكثير من الجامعات الاردنية وترك عليها بصماته وتوجيهاته.
لا يذكر اللوزي الا وتذكر الحكمة والوطنية والنزاهة وحب الاخرين واحترامهم.. كان بيته محجا لكل صاحب رأي او باحث عن الاصلاح والوئام، وقد عقدت فيه لقاءات غاية في الأهمية، فقد كان الرجل ايضا رئيس المجلس الوطني الاستشاري الذي كان بديلا للبرلمان حين غاب البرلمان، كما كان رئيس وزراء في اصعب الظروف واعقدها بداية السبعينيات..
ابو ناصر حلال النشب ومن أهل العقد والحل يشار إليه بالبنان..
لقد أهاج الصديق الذي ذكرني بما مثله بيته من رمزية بحياة الراحل لأكتب عنه ، وفتح أمامي باب تذكر بيوت كثيرة في عمان والسلط، وقد نزل في بعضها الامير المؤسس عبد الله بن الحسين كبيت مهيار في السلط ، كما ان هناك بيوت نام فيها ونزل الامين العام للجامعة العربية عزام باشا حين جاء يحضر احتفالات المملكة بمناسبة يوم الاستقلال في الذكرى الاولى عام 1946 ، وقد انصرف بعض الضيوف من القصر ليناموا وعزام باشا في مقدمتهم في بيت اسماعيل البلبيسي..
كما ان بيوتا اخرى كان لها تاريخ عريق كبيت توفيق ابو الهدى رئيس الوزراء لمرات عديدة وبيت رئيس الوزراء ابراهيم هاشم الذي جرى اغتياله في العراق في الانقلاب الذي وقع عام 1958 ، وهناك بيت قائد الجيش وكنت كان بريطانيا هو “فريدريك بيك” الذي سكن في المكان المسمى الان دارة الفنون والتي سكنها ايضا فؤاد الخطيب شاعر الثورة العربية واحد مفكريها القادمين مع الشريف حسين، كما كان فيها اسماعيل عبده رئيس بلدية عكا آنذاك..
اما هربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني فقد نزل في بيت السكر في السلط، وكان هناك بيت في جبل عمان سكنه كلوب باشا وقد اصبح مطعما يحمل اسم 56 ، اضافة الى منزل الامير نايف بن عبد الله في جبل الجوفة والذي اصبح بيت الشعر .. وهناك بيت السخن الذي اصبح مركزا للفنون.. وبيت ماضي الذي تملكه “الدوق” البشارات وحوله الى متحف شهير، كما هناك قرية الكباريتي المكونة من عدة بيوت في جبل عمان وقد تحولت الى متحف ومكان رسم وفن للعمارة، وقد جرى ترميمها والاشراف عليها اضافة الى بيوت عديدة مثل بيت يعيش الذي اصبح متحفا وموقع لرعاية اثار البتراء .. وهناك عشرات القصص التي جمعتها وكلها على درجة من الاهمية عن بيوت ايضا تحولت الى مقاه سواء في عمان او السلط او غيرها ومنها بيت رئيس الوزراء فوزي الملقي وهو اول رئيس وزراء في عهد الملك الحسين رحمه الله تحول الى مطعم فخر الدين في الدوار الأول..

شاهد أيضاً

البطالة تتمدد.. والحكومة تتفرج!* أسرار جوهر حيات

عروبة الإخباري – لا يمكن إنكار أن ملف التوظيف في الكويت أصبح مرهقاً للدولة، فالأجهزة …