عروبة الاخباري – في زيارة هي الأولى للأراضي الفلسطينية لجلالة الملك عبدالله الثاني منذ عام 2017، يرى مراقبون أنها تعزز حضور المملكة في قضية، هي الأبرز إقليميا وعالميا، في ظل حاجة الولايات المتحدة الأميركية إلى لاعب رئيسي، يخفف من وطأة مواجهات محتملة بين طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وانشغالها في مواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
الزيارة الملكية بحسب مراقبين، جاءت في إطار التنسيق المتواصل بين الأردن وفلسطين حول مختلف القضايا، لذا ثمة تطابق في المواقف، بوجوب أن يكون هناك أفق سياسي لتطبيق حل الدولتين، بالاضافة لبحث التطورات في الملف الفلسطيني- الإسرائيلي، وأيضا التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي سيكون لها تأثيرات دولية واسعة.
ويقول الوزير الأسبق مجحم الخريشا، إن زيارة جلالة الملك، تأتي في ظل الحراك المستمر بالمنطقة والإقليم والعالم تجاه القضية الفلسطينية، والصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، فضلا عن إدامة التنسيق المستمر والمتواصل في الملفات كافة.
وأشار إلى أن الزيارة الملكية، تعد مساندة للجانب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وتؤكد دعم الأردن الكامل للحقوق المشروعة للفلسطينيين، ومساندتهم بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، كما يحمل توقيت الزيارة دلالات، أبرزها التنسيق الدائم بين الجانبين في هذه المرحلة الدقيقة، وإحياء العملية السلمية وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، باعتبارها أولوية إقليمية ودولية.
وبين الخريشا، أن هذه الزيارة تعد بمنزلة رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي وتحذيره من استمرار سياساته العنصرية والعدوانية تجاه الفلسطينيين ومدينة القدس ومقدساتها، باعتبارها تخضع للوصاية الهاشمية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور جمال الشلبي، ان الزيارة الملكية الى رام الله ولقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تكتسي أهمية خاصة، كونها تأتي بعد نشاط دبلوماسي مكثف وملحوظ على الساحة الإقليمية، متعلق بشكل أو بآخر، بالقضية الفلسطينية والسلام بين العرب وإسرائيل، وربما جيرانهم أيضاً؛ تركيا وإيران.
واضاف إن “الزيارة الملكية، تأتي بعد اجتماع القمة الذي احتضنته العقبة بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وبعد اللقاءات المكوكية لمساعد وزير الخارجية الأميركي هادي عمرو، الذي زار عمان ورام الله وتل أبيب، داعياً لتحسين جودة حياة الفلسطينيين، وعدم تقويض جهود الدفع نحو حل الدولتين المتفاوض عليه.
وأضاف، إن زيارة جلالة الملك، تأتي بعد قمة حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة: مصر، الإمارات، وإسرائيل، في شرم الشيخ في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، وسبقها بأسبوعين تقريياً، زيارة تعد الأولى من نوعها منذ 14 عاماً للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى تركيا في التاسع من الشهر الحالي واجتماعه برئيس تركيا طيب رجب أردوغان، وبعد يومين فقط من استقبال الإمارات في الرابع والعشرين من الشهر الحالي للرئيس السوري بشار الأسد، بعد عقد من القطيعة والصراع، كأول زيارة للرئيس السوري لدولة عربية منذ عام 2011.
ويرى الشلبي أن زيارة جلالة الملك، تأتي في سياق هذا الحراك الإقليمي والدولي المتعدد غير المسبوق، والذي لم تشهده المنطقة منذ فترة طويلة، ما يشي بأن هناك شيئاً ما يدور فيها، قد يكون الهدف منه، ليس فقط التأكيد على ضرورة عدم انفجار الوضع المتأزم في الضفة الغربية وغزة في حالة حدوث فراغ سياسي، إذا ما توفي أو تنحى محمود عباس (87 عاماً)، بل ووضع تصورات متعلقة بتحريك التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين المتوقف منذ مدة طويلة، والبحث- ربما- بإمكانية فتح أفق اندماج سوري في سلام أوسع، يفضى إلى سلام شامل وكامل بين دول المنطقة، بخاصة مع قرب التوصل لاتفاق بشأن “البرنامج النووي الإيراني” بين إيران والقوى العظمى الممثلة في مجموعة (5+1).
ولذلك وفق الشلبي، يعد الدور الأردني بقيادة جلالة الملك، مهماً وضرورياً لأي عملية تتعلق بالتهدئة أو إعادة التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أو حتى إطلاق عملية سلام أشمل تضم سورية، لا سيما وأن العلاقات الأردنية – الأميركية، عادت مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن للسلطة، إلى وهجها وقوتها الاستراتيجية، ما منح الأردن هامش حركة واسعا ومتصاعدا للتواصل مع سورية، والمشاركة بفاعلية في (مشروع الشام الكبير) الذي يضم العراق ومصر والأردن.
وبخصوص دلالات الزيارة وتوقيتها، يقول أستاذ العلوم السياسية صدام الحجاحجة، إن الأمر مرتبط بتحرك في الإقليم، إسرائيل جزء منه، مشيرا إلى أن الأردن لديه أجندة واضحة في السعي لإعادة التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، برغم أن هدفه لم يتحقق خلال السنوات الأخيرة، نتيجة مواقف الحكومات الإسرائيلية، لكن تبقى المحاولة قائمة.
ويضيف إنه “برغم حالة التهميش التي شهدتها القضية الفلسطينية خلال حقبة إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لكن الادارة الاميركية الحالية، تدرك أهمية دور المملكة، سيما مع حالة الترابط الجيوسياسي والديموغرافي مع الضفة الغربية.
ولفت الى أنه، إضافة إلى ما سبق، فإن زيارة جلالة الملك إلى رام الله، تشير إلى حدوث انفراجة في مستوى التواصل الأردني الإسرائيلي بعد سنوات عجاف، مرت خلال فترة إدارة رئيس وزراء دولة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، موضحا انها تأتي ايضا في سياق حراك إقليمي ودولي متعدد غير مسبوق، لم تشهده المنطقة منذ فترة طويلة.
ويشدد الحجاحجة على أهمية منح الأردن وقيادته الهاشمية، اليد الطولى على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية في أي اتفاق محتمل لهذه المدينة المقدسة، التي تشكل باستمرار عقبة حقيقية في التوصل إلى سلام عادل وشامل ومقبول من الجميع، لحساسيتها الدينية العميقة لدى العرب والمسلمين.