عروبة الإخباري – غيب الموت، مساء السبت، الفنان والمخرج الأردني الشهير غسان المشيني، عن عمر ناهز 70 عاما، إثر جلطة قلبية حادة.
ويعتبر المشيني من رواد الفن الأردني والعربي منذ سبعينيات القرن الماضي، لما قدمه للمشهد الفني من أعمال بارزة، امتد أثرها حتى أيامنا هذه، وبقيت أعماله خالدة في ذاكرة الأجيال العربية المتعاقبة.
ولد غسان المشيني في العاصمة الأردنية عمان عام 1952، في عائلة اهتمت بالثقافة وتطوير التجربة الفنية في المجتمع الأردني، فوالده الإعلامي الأردني الشهير إسحق المشيني، الذي قدم الكثير للإعلام الأردني، كما اشتهر في التمثيل أخواه الفنان نبيل المشيني، والفنان أسامة المشيني.
حصل غسان المشيني على شهادة البكالوريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة عام 1980، وحاز عضوية نقابة الفنانين الأردنيين، وكان ناشطًا لامعًا فيها، ومن خلال مسرحية ”حياة صعبة“ المنتجة عام 1973، دخل المشيني عالم المسرح، قبل أن يتوجه للعاصمة المصرية لبدء دراسته الفنية.
اشتهر الفنان الراحل بشخصية ”أبو الخل“ ضمن المسلسل الكوميدي الأردني ”حارة أبو عواد“ والذي حقق مساحة مشاهدات عالية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كما لمع المشيني في شخصية عمرو في مسلسل ”المناهل“ عام 1987، الذي مثل نقلة نوعية في رحلته الفنية، هو والعديد من الفنانين الأردنيين، أبرزهم الفنان ربيع شهاب والفنانة أمل دباس، حيث يتضمن مسلسل المناهل فقرات تعليمية للأطفال في موضوعات مختلفة وبطريقة مشوقة.
كما شارك الفنان الراحل في مسلسل ”القدس أولى القبلتين“ عام 2008، بمشاركة العديد من الفنانين العرب، ناقلا معاناة أهل القدس مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الجانب الإخراجي أخرج المشيني مسرحية ”عمارة العلالي“ التي تطرقت لمشاكل اجتماعية في المجتمع الأردني والعربي، وكان أسلوبه الإخراجي ناقدا ملامسا لصلب الموضوع خلال طرحه، كما أخرج مسرحيتي ”طعة وقايمة“ و“كباريه“.
المشيني اتخذ خلال مسيرته الفنية نهجي الكوميديا والتراجيديا، حسبما تتطلب الأدوار، فكان يتميز بخفة ظله، وعفويته في الأداء التمثيلي، مما جعل له مكانة مميزة لدى المشاهدين العرب.
كما تميز المشيني بتعدد الأدوار التي قدمها خلال دربه الفني، حيث مثل الأدوار الساخرة وأتقنها، كما مثل الأدوار الوطنية الممتدة للجانب القومي، في الصراع العربي مع الاحتلال منذ القرن الماضي.
ولمع المشيني في التمثيل للأطفال في حلقات تعليمية ممنهجة من أجل بث روح الإنسانية فيهم، فلا يغيب الراحل عن ذاكرة جيلي الثمانينيات والتسعينات وما قبلهما من الأجيال العربية، لما قدمه من إثراء وثقافة للوعي، بطريقته الفنية التلقائية.
كما قدم الفنان الراحل مسلسل إخوة الدم في عام 2014، ضمن قصة تتمحور حول حياة البدو عاكسة منظومة الحياة الاجتماعية بكل ما فيها، مع تسليط الضوء على صراعات القبائل، وبعض العادات والتقاليد، ومن ذلك زواج أبناء الشيوخ وبناتهم، فهم لا يزوجون ولا يتزوجون إلا من أبناء الشيوخ الذين يساوونهم منزلة ومكانة، وأخرج المسلسل حسن أبو شعيرة.
وشارك غسان المشيني عام 2015 في المسلسل التلفزيوني ”مدام بريزيدنت“، وتدور أحداثه في قالب من الكوميديا حول سيدة تتولى رئاسة الجمهورية في جمهورية عربية افتراضية، ومع حساسية منصبها، تمر بالعديد من الصعوبات والتحديات.
كما كان الفنان الراحل ضمن فريق تمثيل المسلسل التاريخي مالك بن الريب في العام 2016 وكان في دور ”قهندز“.
وفي عام 2017، شارك في مسلسل ذباح غليص، الذي أثار الجدل حول قضية سرقة الماء العربية من خلال أطماع الدول الاستعمارية، وصراع الماء في الصحراء العربية، محذرا من خطورة الأزمة المائية في المستقبل القريب، وهو من إخراج المخرج الأردني أحمد دعيبس، والذي قدم موسما آخر بعنوان ”ثار غليص“ في عام 2018، بمشاركة غسان المشيني، وتناول المسلسل قضية الثأر بين القبائل العربية.
مشوار فني طويل امتد لعقود، قدم الراحل غسان المشيني خلاله كوكبة من الأعمال الفنية الراسخة في الوعي العربي، أعطته مكانة فنية وثقافية وتربوية مهمة، متمثلة في تواجده ونشاطه المستمر مع أبرز المخرجين الأردنيين والفنانين العرب.