يحتفل في 24 تشرين الأول بمرور 76 عاما على تأسيسها الذي إستدعته نتائج الحرب العالمية الثانية بهدف حقيقي بترسيخ هيمنة ونفوذ الدول المنتصرة على العالم وأهداف معلنة نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وهذا ما يعنينا في هذا المقال .
ديباجة ميثاق الأمم المتحدة :
نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين احزانا يعجز عنها الوصف ، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد. ..
إرتايت من الأهمية أن استعرض جزءا من ديباجة الميثاق قبل الإنتقال إلى بعض نصوص أهداف الأمم المتحدة ومنها :
أولا : الحفاظ على الأمن والسلم العالمي والأمن بين دول العالم وهو الهدف الرئيسي لتأسيس المنظمة بعد الحرب العالمية الثانية من خلال منع حدوث النزاعات ومساعدة أطراف النزاع على تحقيق السلام .
ثانيا : حماية حقوق الإنسان حيث تقوم المنظمة بحماية حقوق الإنسان عن طريق الصكوك القانونية والأنشطة الميدانية .
ثالثا : إنماء العلاقات الودية بين الأمم التي لا يمكن أن تقوم على أساس القهر والعدوان أو على أساس المتبادلة والحرية الكاملة وفي مقدمتها حق تقرير المصير .
حفظ السلم والأمن الدولي ليس شعارا :
بين ميثاق الأمم المتحدة التدابير التي يتعين إتخاذها من أجل حفظ السلم والأمن الدولي :
— منع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها .
— قمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم .
يبقى السؤال الجوهري هل نجحت الأمم المتحدة عبر مسيرتها منذ تأسيسها بتحقيق أهدافها الرئيسية المذكورة أعلاه ؟ أم أن سطوة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن تبعا لمصالحها أو لأي منها أدى إلى إخفاقها ؟
القضية الفلسطينية نموذجا للتناقض والإخفاق :
من يضع مقاربة بين أهداف الأمم المتحدة وفق ميثاقها وبين أفعالها بموجب القرارات الصادرة عن مؤسساتها تلك القرارات التي فرضتها الدول الإستعمارية دائمة العضوية في مجلس الأمن على غالبية أعضاء الجمعية العامة لإضفاء شرعية مزيفة على قراراتها وعلى نهجها وسياساتها المناقضة لميثاق ومبادئ واهداف الأمم المتحدة ولنا في صناعة الكيان الإستعماري الإسرائيلي على ارض فلسطين وما نجم عنه من إقتلاع وطرد مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي عام 1948 وتخل مجلس الأمن بما يتمتع به من صلاحيات عن الإضطلاع بواجباته إتجاه حقوق الشعب الفلسطيني والإنحياز والتوجه لدعم الكيان الإستعماري الإسرائيلي بالرغم من إستراتيجيته العدوانية والتوسعية سياسيا وعسكريا وإقتصاديا مما مكنه من إستعمار باقي ارض فلسطين إلى جانب تمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه التي تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية او ترقى لذلك وعلى الصمت إتجاه عنجهيته وصلفه برفض تنفيذ القرارات الدولية الداعية إلى إنهاء إستعمارها الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من تجسيد حقه بتقرير المصير واقعا بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
بل وتمادي قادة الكيان الإستعماري الإسرائيلي بوصف القرارات الدولية بأنها ما هي إلا حبر على ورق نموذجا جليا للتناقض والإخفاق والفشل الذريع بالعمل الجاد دون إزدواجية لتحقيق السلم والأمن الدوليين وإزالة أسباب وعوامل تقويضه الذي يمثل إستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لفلسطين والجولان عنوان لذلك التهديد .
من ينشئ الصراع مسؤول عن حله :
الأمم المتحدة التي ورثت عصبة الأمم المتحدة أنشأت صراعا ممتدا منذ قرن من الزمان بل يتصاعد ويتاجج بسبب فشل الأمم المتحدة بجمعيتها العامة التي ارتضت ولم تزل بتهميش دورها والتنازل عن سيادتها لصالح خمس دول دائمة العضوية بمجلس الأمن بإرغام سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي على الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئها وأهدافها وتنفيذ القرارات الصادرة عن مؤسساتها الواجبة التنفيذ تحت طائلة المساءلة .
الصراع العربي بمركزيته القضية الفلسطينية مع أعتى واشرس كيان إستعماري إسرائيلي مصطنع يرى في نفسه السوبر سوبرمان الذي يتوجب على العالم توظيف إمكانياته وقدراته خدمة لإستراتيجيته العدوانية التوسعية المتطرفة وتبرئته من الجرائم التي يرتكبها بفلسطين وطنا وشعبا .
هذا الصراع أسس له إطلاق وعد بلفور توج بإنتزاع قرار الجمعية العامة رقم 181 بالسطو على غالبية فلسطين التاريخية وتقسيمها ظلما إلى دولتين في رسالة أرادت الدول الإستعمارية بقيادة بريطانيا وفرنسا إرسالها إلى العالم بان إرادتها غالبة ومصالحها فوق أي إعتبار وإن تناقضت مع مبادئ وميثاق الأمم المتحدة التي صاغته .
هذا القرار الإستعماري الذي انتزع بفارق صوت عبر إتباع سياسة الترهيب والترغيب مارسته الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن أسس وأنشأ لصراع لم ينتهي ولن ينتهي إلا بزوال أسبابه بإقامة الدولة العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 .
هذا القرار صنع كيانا محميا من صانعيه وراعيه يتولى مهمة تهديد وتقويض الأمن والسلم الإقليمي والدولي وما حروبه التوسعية العدوانية وإرتكاب العديد من جرائم الاغتيالات بحق قيادات عربية وفلسطينية في دول عدة من العالم وإستمرار إستعماره لدولة فلسطين المحتلة والمضي بإنتهاكاتها وجرائمه للشرعة الدولية دون خوف ورادع إلا دليل على فشل مجلس الأمن بتحقيق الأمن والسلم الدوليين وحماية حقوق الإنسان من خلال إعمال التدابير اللازمة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها والقيام بقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم .
إذن بات مجلس الأمن المهيمن على مفاصل القرار في الأمم المتحدة والذي أسس وأنشأ الصراع يتحمل مسؤولية العمل الجاد لحل الصراع الفلسطيني مع سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وفق الجدول الزمني الذي عرضه رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أمام الجمعية العامة في خطابه الإستراتيجي في الرابع والعشرين من أيلول الماضي .
في الذكرى 76 لتأسيس الأمم المتحدة وفشلها بتحقيق أهدافها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين في العديد من دول العالم بات واجبا على قادة الدول العربية والإسلامية والافريقية وعدم الإنحياز وأحرار العالم أن يحشدوا قواهم لفرض إجراء إصلاحات جوهرية قوامها إلغاء حصر الصلاحيات التنفيذية بمجلس الأمن وإلغاء الفيتو وتفويض ذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة .
ستبقى فلسطين والإنتصار لحقوق شعبها نحو الحرية وتقرير المصير وتصفية الإستعمار وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية التحد والبوصلة لترسيخ قوة الحق وقوة الشرعة الدولية ونبذ العدوان والتطرف والعنصرية وإرهاب الدول الذي تمثل إسرائيل الإستعمارية عنوانه ورمزه. … ؟
الأمم المتحدة. .. أفعالها. .. نقيض لأهدافها .. .. فلسطين دليلا ؟ د .فوزي علي السمهوري
9
المقالة السابقة