عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
اسشعر توفيق كريشان وزير الإدارة المحلية الحاجة إلى التفاعل الداخلي ولقاء المواطنين في البلديات والحوار معهم والاطلاع على مشاكلهم وهموم بلدياتهم ورؤيتهم في تدبير أوضاعها والنهوض بها.. وقد قام بجولات واسعة في الاغوار ومناطق الوسط وشرق عمان حيث زار أكثر من عشرين بلدية وحاور رؤسائها وأعضاء مجالسها ومواطنيها..
قيمة زيارة كريشان أنها جاءت قبل واثناء وبعد التوجيه الملكي للحكومة بالالتقاء مع المواطنين والتفاعل معهم ، ولذا فإن هذه الجولة الاستباقية المستمرة كانت تدرك المغزى الملكي وتجسده وتستجيب له بالتزام ، وتؤكد واجبات الوزير والرجل العام ازاء بلده وحقوق مواطنيه..
الوزير توفيق كريشان صاحب خبرات ممتدة أكسبته حكمة التناول للأشياء والصبر وطول البال وجعل لك مقام مقال فهو مستمع جيد ، وهو معالج جيد للقضايا الماثلة في البلديات، ويتمتع بجرأة النقد التي يوجهها باستمرار دون مجاملة أو خلل حين تقتضي الضرورات الوطنية، وحين تصبح المحاباة على حساب هذه المصلحة فترهن البلديات قراراتها لأشكال من التواطئ الاجتماعي..
كنت تابعت عمل الوزير كريشان اثناء مناقشة اللجنة المالية النيابية بمجلس النواب لمشروعي قانوني الموازنة العامة والوحدات الحكومية وبنك تنمية المدن والقرى.. وقد كانت اجاباته عن الاستفسارات التي اوردتها الاسئلة اجابات شافية تضع النقاط على الحروف ولا تهرب من الاستحقاقات المطلوبة حتى من الحكومة، فقد تعود كريشان ان يكون صوت المواطن حين تصل به القناعة انه على حق ..
الوزير كريشان أضاف للمعلومات التي ينتظرها الصحفي قوله ان اقامة انتخابات المجالس المحلية ستكون في موعدها ..ورغم ايمانه بحق الاختيار والديموقراطية ودعوته لمزيد من الاصلاحات العامة على مختلف الصعد إلا أنه ظل يحذر بحكم خبرته من الاعراض الجانبية والسلبية في انتخاب رؤساء البلديات والاعضاء حين يسقطون في المحاباة ويحملون “جميلة” من انتخبهم فلا يقوى على محاسبة من يقصر من المواطنين في تسديد التزاماته للبلدية .. ومن هنا كان رأي الوزير الصائب في أسباب تراكم ديون البلديات..
ولعل هذه الظاهرة السلبية تعتري مجتمعاتنا خاصة في العالم الثالث الذي تواجه بنيته المحسوبية والمجاملة وغض البصر لصالح الحرام من السلوك!!
أعجبني قول الوزير كريشان في تمجيد عامل الوطن واسناده على المستويين المادي والمعنوي حين قال:” أنه في درجة أهمية الأمين العام وحتى الوزير” ، وهذا القول يرتب نظرة جديدة يجب اعتقادها من جانب كل المواطنين وهم يتعاملون مع عامل الوطن الذي لعمله أهمية كبرى..
عمل وزارة كريشان “الإدارة المحلية” يتغلغل في كل ثنايا المجتمع ، فالرجل يتعامل مع (100) بلدية متباينة الامكانيات والاستقامة، منها ما هي عبء ومنها ما هي نتيجة ولا يستوي فيها التي تعمل من التي لا تعمل، ولذا كان في جولته على البلديات حالة اعادة تشخيص ومعاينة مباشرة لأوضاعها لمعرفة اين يكمن الخلل الطبيعي أو المفتعل، وليبدأ العلاج..
ولعل ما كتبه كريشان في رأس روشيتة التشخيص هو قوله موجها كلامه لرؤساء البلديات وأعضاء مجالسها :”لديكم تقصير في الرقابة على ما لكم من أموال ” وقد كشف كثيرا من المسكوت عنه حين قال ان كثيراً من استثماراتكم فاشلة ودعاهم الى الانخراط في مشاريع مشتركة مع القطاع الخاص حيث تتجه الحكومة الى ذلك، وان لا تكون هناك اي حساسية حين يكون للقطاع الخاص اكثر من 51% ، لأن رؤساء البلديات المنتخبون يجاملون مواطنيهم في البلديات على حساب الأموال التي تشكل معظم موازنة البلدية .. كما أنه كشف موضوع منح الاستثناءات لإقامة مصانع على الأراضي الزراعية وبين ان في تلك الصفقات ما يشوبها وما يستوجب اعادة النظر فيها..
كريشان وعد بمخطط شمولي لكافة مناطق المملكة وهذا المخطط كما قال سيكفل حل العديد من المشاكل خاصة المتعلقة بالتنظيم والتعدي على المساحات الزراعية التي تراجعت لحساب العمران العشوائي والصناعات غير المدروسة..
لقد كان نموذج ما استمع إليه كريشان وسجل نقاطه بخط يده ليحتفظ بذلك نموذجا هو ما جاء من بلدية الجيزة لتنوع محتوى البلدية وتداخلها بين الزراعي والصناعي..
الحصاد الوفير من المعلومات والملاحظات الذي حملها كريشان من الميدان بدأت الورش في الوزارة بدراستها وتغطية الأسئلة والبحث عن حلول ومخارج داخل الوزراة وفي اروقة الرئاسة حين تطلب الأمر رأي الرئيس ومجلس الوزراء ، فالوزير بدأ الآن حافظا لدرسه ومستعد لتقديم أي طرح مناسب، وقد لاحظت ابتسامته أكثر اتساعا لأنه رافق التوجيه الملكي وعمل على انفاذه بسرعة حتى اذا ما انتهى التشخيص وقام العلاج بدأت الأشياء متغيرة لتنتقل البلديات إلى مرحلة أخرى تتوجها عملية الانتخابات القادمة..