تعهد الرئيس ترامب بعد توقيع الإتفاق الثلاثي الذي اعترفت بموجبه دولة الامارات بالكيان الصهيوني الاستعماري بتوظيف قوته كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية للقيام بدور ضاغط لإرغام دول عربية وإسلامية للقبول بشرعية دولة إستعمارية صنيعة لدول إستعمارية ” إسرائيل ” اقيمت على ارض فلسطين التاريخية خدمة للحركة الصهيونية ومخططاتها التوسعية التي نجحت بتجنيده وتوظيفه لتحقيق ما عجزت عنه مستثمرة جهله التاريخي وطموحه بالفوز لدورة ثانية في إنتخابات 3/11 /2020 .
لقد ذهبت أمنيات ترامب وفريقه المتصهين العنصري وتصريحاتهم المتتالية المبشرة بلحاق دول اخرى وخاصة المملكة العربية السعودية إلى قاطرة الإعتراف بالكيان الصهيوني العنصري دون إنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر عدوان حزيران 1967 أدراج الرياح .
وما نتائج زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو لعدد من الدول العربية التي انتهت يوم الخميس الماضي إلا دليل على الفشل الذريع الذي منيت به وإخفاقه بتحقيق الأهداف المعلنة لجولته وهذا عائد إلى عدد من العوامل والمعطيات منها :
أولا : رهان ترامب الخاسر على إمكانية تجاهل القادة العرب لتوجهات شعبهم ولعدم الإكتراث بالرأي العام للشعب العربي بغالبيته الساحقة على الصعيدين المحلي والقومي والاسلامي بقواه السياسية والحزبية والبرلمانية والإعلامية والحقوقية والفكرية والمجتمعية الرافض والمعارض للإعتراف بالكيان الصهيوني الإستعماري أو بإقامة أي شكل من أشكال العلاقات معه حتى دون الإعتراف الرسمي والعلني وما الوثيقة التاريخية التي تبناها الأخضر الإبراهيمي وبلغ موقعوما ما يزيد عن ستة آلاف من الشخصيات العربية السياسية والفكرية والمجتمعية والإعلامية من صناع الرأي العام إلا دليل على رفض شعبي واسع لأي قرار رسمي او إنتهاج أي سياسة لا تلبي طموحات الشعب العربي وطليعته الشعب الفلسطيني او تنتقص من حقوقه التاريخية بحدها الادنى تلبية لضغوط أمريكية وصهيونية في موقف يبنى عليه .
ثانيا : عنجهية مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره وتوصيفه للإتفاق وكانه إتفاق إستسلام فرضته موازين القوى التي تميل لصالح الكيان الإستعماري الصهيوني عسكريا وتكنولوجيا وعلميا وصحيا وتبجحه بنجاح بسط نفوذه السياسي والاقتصادي .
ثالثا : تراجع فرص فوز ترامب في الإنتخابات وفقا لاستطلاعات الرأي وإتساع الهوة بينه وبين المرشح الديمقراطي بايدن مما عزز رأي الفريق المنادي بالتريث وعدم الرهان على بقاء ترامب في البيت الأبيض .
رابعا : الإجماع الرسمي العربي والدولي بالتأكيد ” بما فيها موقف تلك الدول التي رحبت بالإتفاق الثلاثي ” على ضرورة إحترام القانون الدولي وتنفيذ القرارات الدولية وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 ووفقا للمبادرة العربية الصادرة عن القمة العربية عام 2002 وما تلاها من قرارات قمم عربية وإسلامية وافريقية واوربية ورفض أي إجراء من شأنه أن يقوض حل الدولتين .
خامسا : التخوف من مضمون مشروع الشرق الأوسط الذي دعا البيان الثلاثي ” إسرائيل ” والإمارات للالتحاق بأمريكا لإطلاقه ومدى تأثيره على الأمن والاستقرار الإقليمي على المديين القريب والمتوسط خاصة في حال نجاح ترامب لدورة ثانية وما تحمل دورته الثانية من عنوان للغطرسة والإنقلاب على النظام العالمي القائم وعلى القانون الدولي وعلى القيم الامريكية بالديمقراطية وتعزيزها وإحترام حقوق الإنسان وفي مقدمتها ضمان حق تقرير المصير للشعوب وتصفية الإستعمار .
سادسا : الموقف الإستراتيجي الحازم للقيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس مدعوما بدعم جماهيري داخل الأرض المحتلة وخارجها برفض أي خطوة لنظام عربي أو غير عربي لإستخدام فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني كذريعة للاستسلام أمام مخطط الثنائي ترامب نتنياهو بالهيمنة التامة على مفاصل القرار السياسي والإقتصادي والثقافي والديني لتلك الدولة أو الدول .
سابعا : الموقف السياسي الحاسم الرافض للإعتراف بالكيان الصهيوني الإستعماري أو إقامة أي شكل من العلاقات والإتصالات من الدول الإسلامية وخاصة الكبرى منها كباكستان وماليزيا واندونيسيا مما قد يلحق حرجا لدول عربية تقدم على الإعتراف بإسرائيل الارهابية وبسيادتها على كامل الأراضي الفلسطينية التاريخية التي تمثل القدس قلبها .
سابعا : إلتزام المملكة العربية السعودية ترجمة لمكانتها ودورها الريادي بمبادئ واحكام ونصوص مبادرتها التي أقرها مؤتمر القمة العربي في لبنان عام 2002 وتمسكها الإستراتيجي برفض أي علاقة مع الكيان الصهيوني قبل تنفيذ القرارات الدولية وإنهاء إستعمارها لفلسطين بدءا من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر عدوان حزيران 1967 منسحبا بذلك على مواقف دول البحرين وعمان والسودان مسبوقا بموقف دولة الكويت المبدئي برفض الإعتراف بالقاعدة الاستعمارية الصهيونية ورفض أي مشروع مرفوض من قيادة م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
ثامنا : البيان الختامي لمؤتمر القمة الثلاثي الأردني المصري العراقي المؤكد على مركزية القضية الفلسطينية وعلى رفض أي إجراءات أحادية من شأنها تقويض حق الدولتين والمطالب بإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس ما هي إلا رسالة واضحة بتحميل القادة الصهاينة ورمزهم مجرم الحرب نتنياهو مسؤولية وقف المفاوضات وتعثر إنهاء الصراع وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة كما تحمل دعوة غير مباشرة بعدم الثقة بنتنياهو وما يمثله وما تنصل القيادات الصهيونية العنصرية والمتطرفة من الإلتزامات والإستحقاقات المترتبة عليهم وفقا لإتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة وادي عربة و أوسلو إلا إثبات لذلك .
بناءا على ما تقدم فإن الأهداف السياسية لزيارة بومبيو للسودان وللبحرين ولعمان بتكليف من الرئيس ترامب بهدف دفع دول عربية وخليجية للإعتراف والتطبيع مع الكيان الصهيوني قد فشلت فشلا ذريعا يضاف إلى فشل ترامب سابقا وطوال فترة إدارته بحشد دعم امريكي داخلي واوربي ودولي لمشروع نتنياهو ترامب التآمري ” صفقة القرن ” كما فشل سواء عبر حمل قادة الإمارات على توقيع الإتفاق الثلاثي او حتى بالإعلان ترغيبا او ترهيبا عن قرار حاكم الإمارات بإلغاء قانون المقاطعة ” لإسرائيل ” تغطية لفشل الزيارة وفشل إنعكاس الإتفاق على دعم حملة ترامب الإنتخابية والتأثير على توجهات الناخب الأمريكي لصالح ترامب .
ولكن يبقى السؤال…. هل سيستسلم ترامب أمام فشل وزير خارجيته ؟
القيادات العربية مدعوة لمغادرة مربع الضعف والتشرذم والإنتقال بخطى حثيثة نحو مربع القوة “قبل ان يفوت الوقت ” ممثلة بالتضامن والتوافق وتحديد الأولويات والفصل بين معسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء وبعدم السماح للحركة الصهيوني باستباحة أمنهم ودولهم تحت شعارات براقة زائفة ….
من يعترف بالكيان الصهيوني الإستعماري. …. يعني إعترافا بشرعية الإستعمار. ….كما يمثل بذلك إنتهاك لمبادئ الأمم المتحدة وللقرارات الدولية بتصفية الإستعمار. … كما يضع نفسه شريكا للإستعمار الإحلالي الصهيوني ومخططاته التوسعية. … التاريخ لن يرحم وسيسجل من …. خان ماضياً أو حالياً أو مستقبلاً أو من يرضخ للمشاركة في مخطط نتنياهو ترامب بممارسة الضغط والحصار السياسي والمالي والإقتصادي على أرض وشعب فلسطين. . .. فلسطين قدسيتها ومكانتها الدينية والحضارية والتاريخية . ….
فهل من حكيم يوقف التهور وإستباحة الوطن العربي الكبير إلى غير رجعة. ..؟ ؟!