عروبة الإخباري – بينما يتم سحق الشعب الفلسطيني تحت غطاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي الوحشي، وحرمانه حتى من أبسط حقوق الإنسان الأساسية، وبينما يتعرض لبعض تقنيات المراقبة الأكثر قمعا فوق هذا الكوكب، فإن الإمارات، الدولة المسلمة العربية الخليجية، مستعدة لتعزيز إثراء صناعة الأسلحة الإسرائيلية المربحة.
وقال مصدر في صناعة الدفاع الإسرائيلية لصحيفة “هآرتس” إن الإمارات تُعتبر عميلا مثاليا لمجال التقنيات الأمنية الإسرائيلي، لأنه يحكمها نظام استبدادي له “جيوب عميقة” يمكنه اتخاذ “قرارات سريعة بشأن شراء الأسلحة”.
ومن الغريب أن هذا الجانب من “صفقة السلام” المخزية بين (إسرائيل) والإمارات، وهي تسمية خاطئة متعمدة نظرا لعدم وجود البلدين في حالة حرب مع بعضهما البعض، حيث قاما بتشكيل تحالف أمني وثيق على مدى العقد الماضي، ظل غائبا عن تحليل دوافع كل منهما.
ويعد “تطبيع” الإمارات للعلاقات مع (إسرائيل) مدفوعا بشكل أساسي بـ3 دوافع، رد الجميل لإدارة “ترامب” في شكل انتصار محسوس في السياسة الخارجية عشية الانتخابات الأمريكية، وشراء بوليصة تأمين ضد خسارة “ترامب” لمنافسه المؤيد لـ(إسرائيل)، نائب الرئيس السابق “جو بايدن”، والحصول على الأسلحة الإسرائيلية وتقنيات القمع، إلى جانب “الوصول الخاص” إلى الأسلحة الأمريكية المقيدة.
وقال السفير الأمريكي في (إسرائيل) “ديفيد فريدمان”، الجمعة: “كلما أصبحت الإمارات صديقة لإسرائيل، وأصبحت شريكا أهم لإسرائيل، وأصبحت حليفا إقليميا للولايات المتحدة، أعتقد أنه من الواضح أن هذا يغير تقييم التهديد، ويمكن أن يعمل لصالح الإمارات بشأن مبيعات الأسلحة المستقبلية”.
وحتى الآن، لا يُسمح للإمارات بشراء أنظمة ومنصات الأسلحة الأكثر قيمة للولايات المتحدة بسبب السياسة الأمريكية طويلة الأمد التي تضمن “التفوق العسكري النوعي” لـ(إسرائيل) على جيرانها العرب، وهي سياسة أعاد تأكيدها كل رئيس أمريكي منذ “ليندون جونسون”.
وتعتبر الطائرة المقاتلة “إف-35″، التي تعتبر أكثر الطائرات الحربية القتالية فتكا في العالم، أحد الأمثلة على المعدات العسكرية الأمريكية التي تسعى الإمارات بشدة للحصول عليها.
ووفقا لتقرير صادر عن منفذ الأخبار الإسرائيلي “ينت”، تضمن “اتفاق السلام” المثير للجدل “بندا سريا” يسمح للإمارات بشراء طائرة مقاتلة من طراز “إف-35”.
وتم تأكيد ذلك بسرعة وفي وقت لاحق عبر مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” أكد على أنه “ينكر المسؤولون الأمريكيون أن الدفعة الجديدة لبيع الأسلحة المتقدمة هي مكافأة مباشرة للدور الإماراتي في الاختراق الدبلوماسي، حيث تصبح الإمارات الدولة العربية الثالثة فقط اعترافا بـ (إسرائيل). ففي المقابل، ستعلق (إسرائيل) ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة”.
وبميزانية عسكرية سنوية تبلغ 23 مليار دولار أمريكي، أصبحت الإمارات ثالث أكبر مستهلك للأسلحة في الولايات المتحدة، بعد السعودية وأستراليا.
وخلص مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة إلى أن الإمارات، إلى جانب السعودية، اشتريا ما قيمته 68.2 مليار دولار من الأسلحة وأنظمة الأسلحة والتدريب العسكري الأمريكية المصنعة منذ بدء حربهما في اليمن قبل 5 أعوام.
وفي الواقع، اشترت الإمارات أسلحة في الأعوام الـ4 التي سبقت 2010 أكثر من السعودية والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان مجتمعة، بما في ذلك العشرات من مقاتلات “إف-16” وطائرات الهليكوبتر القتالية من طراز أباتشي وطائرات ميراج الفرنسية.
وفي وصف “تمارا كوفمان ويتس”، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية، لولي عهد الإمارات “محمد بن زايد”، قالت: “لقد خلقنا نوعا ما من فرانكشتاين”.
ومع تخلف “ترامب” عن “بايدن” بفارق رقمين، ومع بقاء أقل من 80 يوما حتى يوم الانتخابات، تخشى الإمارات أن تغرب شمس هذه الفترة الاستثنائية من صفقات الأسلحة غير المقيدة التي تمتعت بها بعد فترة طويلة من التقييد في ظل إدارات أمريكية متعددة.
وأوقف الرئيس الحالي باستمرار جهود المشرعين لربط مبيعات الأسلحة لكل من الإمارات والسعودية بإنهاء الحرب في اليمن وتحسين سجل حقوق الإنسان لكل منهما.
ووعد “بايدن” الذي تقف وراءه مجموعة معادية للملكية الخليجية العربية، في صفوف الحزب الديمقراطي، بإنهاء التدخل العسكري الأمريكي في اليمن، والعودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران، وإنهاء صفقات الأسلحة غير المرتبطة بشروط في الشرق الأوسط.
وأعرب كل من الديمقراطيين والمشرعين الجمهوريين عن انتقادهم لإدارة “ترامب” بعد أن كشف تقرير رقابي تابع للحكومة الأمريكية أن وزارة الخارجية لم تقيم بشكل كامل خطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين في اليمن عندما سمحت بحزمة ضخمة من الأسلحة إلى الإمارات والسعودية عام 2019.
وفي الواقع، اتخذت الإدارة إجراءات متعمدة لتجاوز مراجعة الكونجرس من خلال تقسيم مبيعات الأسلحة المثيرة للجدل إلى حزم أصغر.
وفي ضوء ذلك، من السهل معرفة السبب الذي يجعل الإمارات ترى (إسرائيل) شريكا احتياطيا مثاليا لتعويض أي تخفيض في صفقات الأسلحة من المحتمل أن تمارسه إدارة “بايدن”.
وبينما تنكر (إسرائيل) علنا أن تطبيع العلاقات الثنائية سيؤدي إلى شراء الإمارات أسلحة وتقنيات دفاعية “يمكن أن تقلب الميزان”، كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” هذا الأسبوع، تظل الحقيقة أن (إسرائيل) تقوم منذ فترة طويلة بتحويل تكنولوجيا المراقبة والطائرات بدون طيار وطائرات الاستطلاع وتقنيات القرصنة الإلكترونية للإمارات سرا عبر رجال أعمال إسرائيليين بارزين.
وتعد علاقات (إسرائيل) المفتوحة الآن مع الإمارات مبنية على الخوف المتبادل من إيران والجماعات الإسلامية السياسية.
وبالتالي، سترغب الحكومة في أبوظبي الآن في كل ما يمكن أن يساعد في الدفاع عن نفسها من الصواريخ الإيرانية والسياسات الثورية والمعادية للملكية من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
على وجه الخصوص، تسعى الإمارات للحصول على نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي المضاد للصواريخ، وتقنيات إدارة القمع التي تسمح لها بتتبع واستهداف المعارضين والمنتقدين.
وكما هو واضح، فإن تطبيع الإمارات مع (إسرائيل) لا يتم فقط بدافع مساعدة الحكومات الصديقة للإمارات في واشنطن العاصمة وتل أبيب على تسجيل نقاط سياسية رخيصة التكلفة، ولكن أيضا بدافع تعطشها الذي لا يهدأ للأسلحة وتكنولوجيا المراقبة.
لكن الإمارات لم تفكر في الشعب الفلسطيني ولو للحظة واحدة!