بنوع من الثقة يتحدث مسؤولون ان المساعدات والمنح الخارجية بإعتبارها ثقة دولية بالإقتصاد والدولة/ وهذا نصف الحقيقة، بينما نجد النصف الآخر ان المنح غير مستردة وتكون مرتبطة بشكل مباشر و/ او مباشر بشروط، إذ لاتقدم للدول فقط لأنها تعاني من الفقر والبطالة وعجز الموازنة العامة والميزان التجاري وعادة ترتبط المنح بتغير سياسات مالية وإقتصادية وصولا الى شروط سياسية، اما المساعدات فهي قروض متفاوتة التكلفة ( اسعار الفائدة ) وفي نفس الوقت تكون الشروط المالية والإقتصادية اشد قسوة، لذلك ترتبط الديون الخارجية بالسيادة بشكل عام.
الماليون الدوليون بدءا بالإحتياطي الفيدرالي الامريكي المملوك من قبل كبريات البنوك الامريكية ويتحكم في سياساتها اباطرة المال جلهم من يمين اليهود والحركة الصهيونية العالمية، وصولا الى مؤسسات التمويل الدولية وصناديق ومؤسسات التمويل الاقليمية التي طورت ادوارها واهدافها التي اصبحت اكثر قربا من مؤسسات التمويل الدولية من حيث شروط الإقراض والتمويل للبلدان النامية، لذلك المنح والمساعدات ( القروض) لاتعكس في الحقيقة دعم وتعاون دولي صرف بل يختلط معه التدخل وبناء التحالفات وغير ذلك السياسات.
الاقتراض المالي ( داخليا وخارجيا ) اصبح لغة عالمية لذلك ارتفع الدين العالمي الى 250 تريليون دولار، وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت هياكل اسعار الفائدة مرتفعة مما ادى الى تفاقم سريع للديون وبالتالي تنامي خدمتها ( فوائد واقساط ) واصبحت تستحوذ على قسم مهم من رصيد البلاد من العملات الصعبة من جهة وقادت بشكل او بأخر الى إنهيار اسعار صرف عملاتها المحلية من جهة اخرى مما أثقل كاهل الاقتصادات المحلية وأضعف القدرة الشرائية للمستهلكين في الدول المدينة.
إقتصاديا قد يكون الدين والإقتراض نعمة في حال توظيف الديون في مشاريع تنموية تساهم في تسريع وتائر النمو وتطوير البنية التحتية وخدمات التعليم والصحة بحيث تزيد فوائد المشاريع الممولة بالإقتراض على تكاليف القروض ( الفوائد على القروض ) عندها تظهر المؤشرات الرئيسية ماليا وإقتصاديا إرتفاعا مهما.
وفي حال توظيف القروض لغايات النفقات الجارية من رواتب واجور ومستهلكات ترتفع تدريجيا الاعباء المالية والإقتصادية والإجتماعية، وتهدد معها الإستقرار حاليا وترهن مستقبل الأجيال القادمة، ومع مرور الوقت تصبح إدارة الدين العام اكثر صعوبة وتعقيدا..لذلك ان ابجديات إدارة الديون العامة تبداء برسم منحنى واضح يمتد لأكثر من عقد من الزمن ووقف الإقتراض وتقليص النفقات لاسيما الجارية، وتعميق مبدأ الإعتماد على الذات وإطلاق مصفوفة من ترشيد النفقات على مستويات الفرد والاسرة وصولا الى الحكومات وبدون ذلك سنتابع بألم كرة ثلج المديونية تتضخم سنة بعد اخرى وتتدحرج من مرتفع لا نعرف من تصل الى نقطة القاع مهددة الإنجازات والإستقرار وما يجري في لبنان مثال حي على ذلك حيث اصبح الحصول على ربطة خبزة معضلة للفقراء.