قراءة أولية في “استراتيجية الطاقة”.. التنفيذ و”النووي” و”أشياء أخرى”؟! عوني الداوود

أذكر أنني وعلى مدى مسيرتي المهنية حضرت اطلاق “استراتيجيات للطاقة”، وكثيرا من البرامج والخطط والمشاريع، وجميعها – بالتأكيد – كانت ترفع شعار “أمن الطاقة” وتخفيض الكلف على الاقتصاد الوطني وعلى المستهلك في نهاية المطاف.
المشكلة – بحسب متابعاتي كما غيري من المهتمين والمختصين على الأقل – يرصدون أن المشكلة في هذه الاستراتيجيات باختصار هي عدم وجود ضمانات للتنفيذ ولو بالحد الأدنى، وذلك لأسباب عديدة في مقدمتها: تغير الحكومات وتغير وزراء الطاقة، وبالتالي تغير الرؤى والمفاهيم والأولويات لكل حكومة – لا بل ولكل وزير طاقة -، علاوة على أسباب أخرى عديدة منها اعتماد الاستراتيجيات أحيانًا على رؤى مستقبلية لكلف الطاقة وحساباتها لا تكون دقيقة لاعتمادها على المتغيرات السياسية والاقتصادية، وفي جائحة “كورونا” تغير كل شيء وفقا للمتغيرات الصحية بما في ذلك الطاقة وأسعارها.
أعود الى “الاستراتيجية” فأقول بأنها رفعت شعار المرحلة وهو “الاعتماد على الذات”، وأتبعته -هذه المرة – ببرنامج تنفيذي لتطبيق ما جاء في الاستراتيجية، ووفقا لأولويات هذه الحكومة بدءًا من قرار الحكومة باستبدال “باخرة الغاز العائم” في العقبة بمحطة أرضية تقوم بما تقوم به الباخرة ولكن بكلف توفّر على الدولة ملايين الدنانير.
لن أدخل في تفاصيل الأرقام التي أعلنتها وزيرة الطاقة بما يتعلق بـملفات: (الكهرباء والقطاع النفطي والغاز الطبيعي وتحسين كفاءة الطاقة)، فهي بلا شك أرقام – إن تحققت – نكون قد انتقلنا إلى مرحلة متقدمة جدًا في ملف الطاقة، ولكن تجارب كثير من الحكومات السابقة وعدم استمرارها ببرامج الطاقة التي كانت تعد بها سواء لاختلاف الرؤى – كما أسلفت – أو اختلاف الإمكانيات والقدرات، أو المتغيرات في السياسة والاقتصاد في الاقليم والعالم، تجعلنا نتفاءل “بحذر” من استمرارية تطبيق هذه الاستراتيجية للسنوات العشر المقبلة بنفس السوية والقناعات، حتى وان تم مراجعتها كل ثلاث سنوات – كما ذكرت الوزيرة.
أكثر ما أثار الانتباه في الاستراتيجية، استبعاد مشاريع “الطاقة النووية”، والتي كان يشار اليها حتى وقت
-غير بعيد – على أنها “خيار استراتيجي”، أما اليوم فيبدو أنها لم تعد كذلك، لأننا: “لسنا بحاجة لأي كمية من الكهرباء أو أي سعات من الطاقة التقليدية حتى العام 2030 “! فهل هذا يعني تمامًا وقف البرنامج النووي السلمي في الأردن.. والإبقاء على ما تم إنجازة حتى الآن، والاقتصار على “المفاعل البحثي فقط” وليس لاستخدامات الطاقة؟.. هل يعني – ونحن نتحدث عن تنويع المصادر والخيارات – أن خيارنا سيتجه نحو “الطاقة المتجددة” كأولوية؟
سؤال آخر يتعلق بتخزين الطاقة.. فلم نلحظ ما يشير إلى توجه باستثمارات لزيادة قدرة الاردن على تخزين الطاقة بزيادة قدرة المستوعبات النفطية في الماضونة وغيرها لزيادة قدرتنا في أوقات مهمة على التخزين والتحوط النفطي؟ وسؤال آخر حول إمكانية “تحرير وفتح سوق النفط المحلي؟ وغيرها من الأسئلة “الأولية” حول قطاع يستحق الكثير من النقاش لأنه – كما قال جلالة الملك – “عصب العملية الاقتصادية هو الطاقة”.

شاهد أيضاً

الإعلامية سارة علي لا ترضى إلا أن تتذوق طعم النجاح

عروبة الإخباري – هناك قول، عن النساء صاحبات البصمة المميزة في الحياة العملية، والنجاح مع …