بدأت أمريكا تحترق بنارها والوضع قد ينفجر فيها لكن بطريقة مُختلفة ربما المسألة هنا أكثر تعقيداً فالموضوع ليس سياسياً أو اقتصادياً بل ألعن من ذلك إنها آفة أمريكا وعقدتها التاريخية التي تُطارد أحلامها، إنها العنصرية (البيض والسود)، من يدري ربما يظهر اللاتينيون وغيرهم من الفئات كالهنود الحمر والتي مازالت تُعاني في بلاد العم سام وأرض الأحلام.
بعد قتل شرطي أمريكي أبيض لمُواطن أمريكي أسود وبطريقة وحشية أمام الكاميرات يصبح ذلك المقطع القشة التي قصمت ظهر البعير الأمريكي ترامب، فأمريكا اليوم ليست كأمريكا الأمس ربما تطورت الدولة نعم لكن لم يتطور العقل الأمريكي بما فيه الكفاية فالعرق دساس، والصحيح أنَّ الظاهرة اختفت بشكل رسمي منذ أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي لكن خلاياها النائمة مازالت مستيقظة في قلوب الكثير من الأمريكيين البيض.
ما أشبه اليوم بالبارحة وإليكم بعض الأمثلة في الحالة العربية القذافي وصف المتظاهرين بالجرذان والمسطولين وغيرها من الألفاظ وأمر بإنزال الجيش وحصل ماحصل، والبشير وصفهم بشذاذ الآفاق والأوباش وغيرها من الصفات وذهب مع الريح، وترامب اليوم يصف المتظاهرين بالمشاغبين والمُخربين ويرسل الآلاف من الحرس الوطني ويُهدد بإرسال الجيش وباتخاذ إجراءات قوية ورادعة ضد المتظاهرين ويصفهم بالخارجين عن القانون.
نعم ربما البعض يقول إن أمريكا بلد المؤسسات وليست حكماً فردياً ولكن المصيبة تكمن هنا، ماذا لو تسربت آفة العنصرية وريحتها فاحت وزكمت أنوف تلك المؤسسات من يدري؟!!
يبقى كلامي بالطبع مجرد تحليل شخصي ونظريات (وليس ذلك على الله بعزيز) (والله من ورائهم محيط) (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم، كلها آيات لها دلالاتها.
حسب قراءتي للأحداث المُحتملة هنالك سيناريو يقول إنَّ أمريكا دولة مؤسسات ولذلك سوف يتم نزع فتيل الأزمة من خلال التضحية بترامب وتقديمه قرباناً عبر مذبحة الانتخابات لإرضاء الجماهير الغاضبة وهنا ما يسمى بسياسة الاحتواء واختزال القضية برمتها وتحميله كل تبعاتها وإبعاده عن الساحة، وهو ماسيدعو الجمهوريين ليضعوا بديلاً عن ترامب لأنه من الصعب أن يفوز بالانتخابات في هذه الفوضى.
السيناريو الآخر هو بقاء ترامب وتفاقم الوضع وتسربه إلى مؤسسات الدولة نفسها والدخول في دوامة عنف كبيرة ربما تكون بداية انهيار أمريكا وتفككها إلى دويلات وانقلاب السحر على الساحر فأمريكا دولة قوية من الخارج ولكنها هشة من الداخل بسبب آفة العنصرية التي مازالت تنخر في جسد الدولة لتدخلها للنفق المظلم والتي وإن خرجت منه ستفقد كثيراً من بصرها بعد أن فقدت بصيرتها.