• تمر الإنسانية في أخطر أزمة عالمية في التاريخ المعاصر، حيث المواجهة مع أخطر وباء، الكورونا، والذي أدى في أشهر معدودات إلى شللٍ في النشاط الاقتصادي، إنتاجاً وتجارة، وإلى تجميد حركة النقل والطيران بمعدل النصف تقريباً، وإلى الانهيار في السِّلع والمنتوجات؛ وأكثر من ذلك، فقد وضع ما يقارب نصف سكان العالم في حجر صحي أو تحت إجراءات وقيود صعبة في الحركة… ولكنه ينبغي ألا يشل الفكر الإنساني، واستشراف مستقبل النظام العالمي.
• لقد كشف وباء (كورونا) هشاشة هذا النظام العالمي، وسوء تقديره لأولويات الحياة الإنسانية والحفاظ عليها، بل وضعفه في الدفاع عن البشرية وسلامة وجودها. كما كشفت تدني مستوى كفاءة المؤسسات وفعالياتها، وبخاصة مؤسسات الرعاية الصحية، وقائياً وعلاجياً، فقد أخذ الوباء هذا النظام العالمي بغتةً، فيكتشف هذا النظام افتقاره إلى آليات فعالة وذات جدوى في التضامن المجتمعين عالمياً وإقليمياً، وفي المجتمع الواحد.
• أن مرحلة هذا الوباء الحالية قد تكون بداية لإحداث تغيّر شامل في مختلف مناحي الحياة، وفي مختلف مؤسسات المجتمعات: الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية والتربوية، فقد وجدت المجتمعات الإنسانية، المتقدمة وغير المتقدمة، وجدت نفسها في نفس مستوى المواجهة والتحدي، وأصبحت كل دولة محصورة ضمن إطارها الجغرافي، ولم تختلف المجتمعات البشرية إلا في حجم الخسائر البشرية، كل حسب كثافته السكانية.
• وثمة تساؤلات يفرضها هذا الوباء على النظام العالمي الجديد:
– هل تتعرض المجتمعات إلى اختلالات في تكوين شرائحها الاجتماعية.
– هل تحدث الصراعات الطبقية في ظل تزايد البطالة والفقر والجوع.
– وأي نظم حكم ستعود المجتمعات: رأسمالية تحمل عوامل فشلها في بنيتها، أم ديموقراطية لم تنجح في حماية مجتمعاتها، أم ستعود الفرص التاريخية لنظم الحكم لشمولي.
• إن المجتمعات المعاصرة هي في أشد الحاجة اليوم لإعادة النظر في بنيانها ومؤسساتها، وأوليات تلك المجتمعات التي ستجد نفسها على المحك في مرحلة ما بعد (الكورونا):
فالرعاية الصحية، الوقائية والعلاجية، جديرة بأن تكون على سلّم أولويات المجتمعات، والأمن الاجتماعي والمجتمعي، ومتطلباته الأساسية، وبخاصة في (حزمة الخدمات الاجتماعية، التعليم والرعاية الأسرية، والتنمية البشرية).
• هل من مستقبل أفضل للبشرية ما بعد كورونا؟
إن ذلك يتطلب بناء تحالفات إقليمية تعزز التضامن الاقليمي فيما بينها، على أسس واضحة، وبمؤسسات أكثر فعالية وكفاءة بما هي عليه المؤسسات الحالية.. ويتطلب بناء (نظام عالمي إنساني) قوامه التضامن والتكافل دفاعاً عن بقاء الحياة الإنسانية واستمراريتها بمستويات نوعية أفضل.
• وهذا يدعو أصحاب الرأي والرؤية الاستشراف المستقبل ووضع (سيناريوهات البقاء الأفضل) للمجتمعات.