عروبة الإخباري_كتب سلطان الحطاب
ما زلت اعتقد ان الرجل نائل الكباريتي وهو يحمل صفة العين و رئيس غرفة تجارة الأردن جريء ويميل الى الشفافية ويقدر النقد الايجابي وله في ذلك مواقف نعرفها وسمعناها حتى في النقد للأداء الحكومي أمام رئيس الوزراء مباشرة..
الكباريتي الذي يدرك حجم الركود في الاقتصاد الأردني يقف كمثل لغرفة التجارة والى جواره رئيس غرفة الصناعة المهندس “فتحي الجغبير” الذي وصف الكباريتي بالمعلم والقائد وفوضه عن التمثيل المشترك أمام غرفة السعودية للتجارة والصناعة المشتركة… استطاع بعقد ملتقى الأعمال الأردني السعودي الذي نظمته غرفة تجاره الاردن بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية أن يرمي حجرا لتحريك المياه في بركة العلاقات الاقتصادية الأردنية السعودية وان يلفت الانتباه لذلك ويدعو الى الشفافية في العلاقات الثنائية الاقتصادية والى تطويرها وقد كشف عن كثير من مواقع الاعاقة والخلل أمام الوفد بأسلوب مؤدب تحيط به لياقات الضيافة الأردنية المعهودة…. لقد مرر الكباريتي كثيرا من الرسائل وقد كان بودي أن أساعد في تمرير رسالة حرصت أن امررها تصب في نقد بطيء هذه العلاقات وعدم شفافيتها لكنني لم اعطى الفرصة لأسأل، مقدرا حين لم يحدث ذلك ان الاولوية هي لأعضاء الوفدين الاردني والسعودي الذين لديهم كثيرا من الاسئلة المعلقة والتي تتناول حثيات من التجربة والميدان والمعاناة لذلك رضيت بالاستماع وتوقفت عن رفع يدي التي رأها الكباريتي حين رأيت انهيال الأسئلة وتأخر الوقت الذي زاد بأكثر من ساعة عن حده المقرر..
أدركت أنني بحاجة أن أسمع عن هذه العلاقات أكثر من أن أتحدث عن إنطباعي عنها وهو انطباع ليس ايجابياً تماماً اذ أن الملاحظات التي احملها سألها غيري، فقد كنت اريد ان اتساءل على سبيل المثال سؤالين قد يكونان خارجين عن المجال المبحوث وهو ” التجارة والصناعة ” لأقول لماذا تشمل المملكة السعودية (49) دولة بعدم التأشيرة لزيارتها ليس من بينها دولة عربية واحدة إذ كنت اطمع ان يكون الاردن بلد الجوار والشقيق الحريص امنياً مشمولاً وتذكرت قول الشاعر:
وليس قريب الدار منك بنافع……إذا كنت من تهواه ليس بذي ود
كما كنت اريد أن اثير بطء انجازات المشروع الكبير الذي سمي الصندوق السعودي الاردني للتنمية والذي جاء مبشراً وطموحاً ولكن النتائج ما زالت برسم المعاينة..
العلاقات الثنائية تحتاج الى مزيد من الشفافية فالسعودية هي الشقيق الاكبر والأقدر في اقتصادها والمأمول منها التعامل مع الاردن بالمثل اذ ان السعوديين لا يحتاجون التأشيرة ولهم تسهيلات عديدة أخرى ولصالحهم الميزان التجاري في حين أن الاردنيين على اختلاف فئاتهم تحتاج تأشيراتهم إلى وقت وربما لا تخرج..
كان نظير الكباريتي الدكتور سامي العبيدي قد تحدث أيضا ووصف الملتقي بأنه حجر الزاوية لنقل العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى الاتجاه الصحيح…
القائم بالأعمال السعودي كان مقنعاً لجهة كلمته الواضحة ومعرفته باللغة وعدم اللحن وقدرته على تمثيل بلده بوعي وأريحية، وكانت إدارة جلسة النقاش التي أجاب فيها ممثل المملكة العربية السعودية وممثل الأردن نائل الكباريتي، وكذلك المهندس الجغبير رئيس غرفة الصناعة الأردنية واعتقد أن إجابات هذه الاطراف كانت أكثر جراءة وشفافية من كلمات الافتتاح المجاملة والتي ذهبت تختبئ وراء الانشاء في الحديث عن العلاقات التاريخية وضرورتها ولعل ممثل المملكة السعودية في الحوار كان صائبا حين قال ان علينا ان نتحدث بلغة الارقام، وحتى الارقام التي رآها السعودي كبيرة ونافرة حين تحدث عن تبادل (13) مليار ريال هي متواضعة نظراً لجوار البلدين وصخامة الاقتصاد السعودي وغياب كثير من المشاريع والشركات المشتركة التي مازال اكثرها افكاراً تتعثر أو برسم موافقات لا يعلم احد مصدرها..
الكباريتي في الملتقى وضع نقاطا على الحروف وتبقى الترجمات مرهونة بالحكومات وبيروقراطيتها وربط السياسة بالاقتصاد، وهو عمل يقتصر على العرب و لا ينسحب على دول العالم التي تضع الاقتصاد اولاً ولا تخضعه في اغلب الاحيان لتقدم او تراجع العلاقات الثنائية السياسية .
صحيح أن الحكومات لا تبيع ولا تشتري ولا تذهب للسوق ولا تصنع أوتتاجر وإنما توفر المناخات اللازمة كما قال الوزير الحموري لكن للحكومات في عالمنا الثالث الدور الابرز غير الشفاف في خنق أوتأجيل البرامج الاقتصادية والمشروعات التي يكتفي بالحديث عنها في المناسبات…
ما زال القطاع الخاص في كل بلداننا العربية قطاعا خداجاً يحبو تتحكم فيه الاجراءات الحكومية وتحد من انطلاقته وكثيرا ما تعبث به، ولذا فإن الرهان هو على إطلاق طاقات القطاع الخاص وهذا لا يتم بالوعظ والمناشدة والنوايا الصالحة وإنما بالتشريعات الحقيقية والشفافة وبالإخلاص في انفاذها والابتعاد عن فساد القرارات او فساد الإدارة أو ضعفها…
لقد جاء الكباريتي في الملتقى بأفكار وقدّم فرصة لم تقدم من قبل، وجمع “رأسين على مخدة” كما يقولون وأدار بينهما حواراً لم يكن متاحاً، صحيح أن كل ما قبل في قاعة فندق الرويال النشيط الذي استضاف قبل ايام ملتقى السياحة العلاجية العالمي… لن ينفذ ولكن يمكن ان يكون حافزاً ودافعاً للتنفيذ على أمل أن لا تذهب جهود ملتقى الاعمال الأردني السعودي إلى قرارات إضافية على الارفف أو برسم الحفظ..
يجب ان يكون القطاع الخاص مقررا وان يكون له أدوات ضاغطة ومقررة لإجبار الحكومات على تطوير العلاقات والخروج بها إلى الشفافية، فكثير من الاجابات غير دقيقة وكثير من الاجراءات غير سالكة كما يجري الحديث عنها في القاعات والغرف فربما عطل موظف عادي على الحدود اتفاقية كاملة حين تبقى القناعات والإجراءات في رؤوس المسؤولين فقط و لا تسري لتصيب كل الكوادر المعنية، ولنا نحن في الأردن في ذلك عبرة، فكثير من القرارات يتخذها المسؤول ولكنها لا تصل الى المنفذ في الميدان ولا يؤمر بها أو يدرب عليها وتكون النتيجة كأنها لم تتخذ..
لفت انتباهي تعطل سكة الحديد بين الأردن والسعودية منذ عام 1916 فلماذا ومن المسؤول والى متى ونحن في عصر ما بعد سكك الحديد…. هل هناك اطراف لا ترغب ومن هي من غير الاردنيين والسعوديين يا ترى؟