عروبة الاخباري- اطلقت أسر أردنية «نداء استغاثة» لوقف الاغتراب القسري لأبنائها الذي فرضته لعبة «ببجي»، وسط دعوات لدراسة أسباب الانسلاخ الذي يأسر نحو مليوني شاب وشابة في الفئة العمرية من 15 الى 25 عاما يهدرون من وقتهم ما بين 3 الى 12 ساعة يوميا. ويستنتج من هول هذه الارقام ان جميع أفراد الفئة العمرية المنغمسة في لعبة «ببجي» يهدرون بالمجمل نحو مليوني يوم عمل يوميا، وهو رقم صاعق إذا قورن هذا الرقم بالإنتاجية المهدورة والضائعة، فضلا عن الحالة النفسية التي تنقلهم اللعبة اليها بفعل الانتصارات الوهمية التي تعتبر في نظر كثيرين ملاذا من واقع مُحبط.
مدير خدمات وشبكات الاتصالات في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات المهندس واثق شقرة لوح، اكد أن الهيئة تدرس حظر بعض برامج (في بي إن) التي تفك شيفرة حظر (ببجي) لتتحقق الغاية من حظرها بصفتها مطلبا مجتمعيا.
وأضاف شقرة، ان الهيئة لجأت لهذا الاجراء بعد شكاوى متكررة ليس من لعبة «ببجي» فحسب بل من تلك المتعلقة باستهلاك حزم الإنترنت بفعل اللعب ساعات طويلة يوميا، ما يرتب عبئاً ماليا اضافيا، واعتقاداً بأن شركات الاتصالات لا تلتزم توفير الحزم المتفق عليها في الاشتراك الشهري ظناً أن اللعبة لا تستهلك حزم إنترنت، وهو بخلاف ما ذهب اليه شقرة من أن اللعبة تستهلك نسبة كبيرة من رصيد الحزم.
على ان استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، يرى من جانب آخر، انه يجب دراسة قرار الحظر بعمق قبل اصداره، متسائلا عن الوجهة التي سيبدد الشباب وقتهم فيها، وما إذا كانوا سيعودون إلى حياتهم الطبيعية أم سيبحثون عن وسائل أشد خطراً وأكثر ضررا؟! ويعرب الخزاعي عن أمله لو يتم إجراء دراسة جادة تتناول الأسباب التي دفعت هذه الفئات للانغماس في اللعبة، وكذا الانسلاخ عن الواقع، ومعالجة هذه الاسباب، إن لجهة البطالة أو الإحباط أو قلة الاماكن الترفيهية والترويحية، في وقت يقول أرباب اسر، ان اللعبة اجتاحت حياة مئات الآلاف من الشباب، فلم تترك صغيرا أو كبيرا إلا واقتحمت خصوصيته، وعزلته عن وسطه الاجتماعي.
أما لاعبو (ببجي)، فهم وإن اقروا بالهروب الى عالم افتراضي فيه من العنف والاقتتال والانتصارات الوهمية التي يسجلونها لأوقات قد تزيد على عشر ساعات يوميا، فإنهم يجدون لذة في عالم اللعبة الشيق الذي لا يدانيه عالم، وفي المقابل منهم سارعت «تنظيم قطاع الاتصالات» تحت ضغط شعبي الى حظر اللعبة وفرضت قيداً اعتبره البعض تدخلاً غير محمود، في حين اعتبره آخرون قراراً صائباً يعيد الشاب الى اسرته.
فبعد أن علمت بقرار حظر (ببجي )، لم تتمالك أم محمد نفسها لتطلق زغرودة طويلة وكأن ابنها المغترب عاد للتو من غربته، وتقول إن ابنها علي الذي يبلغ من العمر 25 سنة انقطع تواصله مع الاسرة منذ أدمن اللعبة باستثناء سويعات من اليوم، كما انقطع تواصله مع أصدقائه إلا من خلال اللعبة، مشيرة الى أن ابنها (علي) احجم عن استكمال دورات علمية التحق بها بعيد تخرجه من الجامعة في تخصص ادارة الاعمال، ولم يعد يبحث عن عمل ولا عن شهادات! « كأن زوجي مغترب، لكن دون سفر» تقول (فرات) واصفة حال زوجها الذي ادمن «ببجي»، ثم لتسرد اشكالا من معاناتها من هروبه الذي القى على كاهلها مسؤوليات اضافية، وتقول، «اشتقت لزوجي الذي أدمن اللعبة منذ أشهر وأخذت جل وقته واهتمامه، بل انه كان يلعب الـ (ببجي) برفقة فتيات لا يعرفهن اصلا، وكنت استمع لتبادل الأحاديث بينهم، ما أدى إلى حدوث مشكلات مضاعفة بيننا، ولتغدو حياتنا محفوفة بالمخاطر ومهددة بالانفصال».
أما عمر طالب الهندسة في سنته الثالثة فيقول، «كنت أعشق اللعبة وما زلت اتوق للعبها، لكن بعد الحظر أصبحت أكثر تركيزا في دراستي، ففي الايام القليلة الماضية وجدت متسعا من الوقت لدراسة المساقات الجامعية المقررة في الفصل الصيفي، فيما سابقا أراكم دروسي حتى ليلة الامتحان وأكتفي بانتصاراتي في لعبة (ببجي)».
ويضيف الشاب عمر، ان تلك الانتصارات كانت تشعره بالحماسة والاندفاع، بينما هو يحاول اليوم جاهدا التأقلم مع غياب اللعبة، معربا عن أمله في إلغاء قرار حظر اللعبة.
ويدعي سيف (22 عاما) انه ليس من حق أحد أن يمنعه من ممارسة لعبته المفضلة وقال، ان « من حقه أن يقضي وقته كيفما يشاء وأنه يملك من الإرادة التي تمنع اللعبة من السيطرة عليه فهو يمارسها وقت فراغه فقط بدافع التسلية والترفيه ويحاول اللعب من خلال فك شيفرة الحظر (في بي ان)»
«تنظيم الاتصالات»: حظر برامـج تفك شيفـرة حجب «ببجـي»
10
المقالة السابقة