يلتقي اليوم في عمان، ممثلون عن الحكومة ومجلس النواب ومجالس المحافظات وخبراء ومختصون، للبحث في تجربة اللامركزية بعد مرور عامين على انطلاقتها، وأثر انتخاب مجالسها على أداء مجلس النواب، باعتبار أن واحدة من مبررات ولوجنا غمار هذه التجربة، تخليص مجلس النواب من دوره الخدمي لصالح تعزيز دوريه الدستوريين، الرقابي والتشريعي.
في دراسة استطلاعية أعدها مركز القدس للدراسات السياسية، على عينتين ممثلتين من النواب وأعضاء مجالس المحافظات، ارتأى قرابة الـ 83 بالمائة من النواب أن لا تأثير يذكر لتجربة اللامركزية على دورهم التشريعي والرقابي وأفاد 64 بالمائة منهم عينة النواب أن معدلات الطلب على الخدمات بقيت على حالها…النتيجة ذاتها جاءت لدى عينة أعضاء مجالس المحافظات، وإن بدرجة أقل قليلاً، إذ قال ثلاثة أرباع المبحوثين، أن أثر اللامركزية على إداء المجلس النيابي الرقابي والتشريعي، جاء قليلاً جداً، أو معدوماً
في تقييم تجربة اللامركزية، قال أكثر من نصف أعضاء مجالس المحافظات، أنها كانت ناجحة بدرجة قليلة أو غير ناجحة… الصورة لم تكن مختلفة كثيراً عند النواب، فقد ارتأى 42 بالمائة منهم أن من الأفضل التراجع عن التجربة، في حين قال 53 بالمائة أن تطوير التجربة هو شرط نجاحها.
في السؤال عن أبرز التعديلات التي تراها عينة النواب ضرورية لإصلاح قانون اللامركزية، وسُمح بأكثر من إجابة، فإن تعزيز الاستقلالية المالية والإدارية لمجالس المحافظات احتل 38 بالمائة من الإجابات، واحتلت إعادة صياغة قانون اللامركزية بحيث يصبح أكثر وضوحاً، 32 بالمائة من الإجابات، فيما قال 23 بالمائة من النواب، أنه يتعين توسيع الصلاحيات الممنوحة لمجالس المحافظات خاصة في مجال الرقابة وإعداد الموازنات، بينما اختار أعضاء مجالس المحافظات هذه التعديلات الثلاثة مجتمعة بنسبة 68 بالمائة من مجموع الإجابات.
في الوقت الذي احتل فيه تحسين البنية التحتية المرتبة الأولى في نوع الخدمات التي يطلبها المواطنون من أعضاء مجالس المحافظات وبنسبة 35 بالمائة من مجموع الخيارات، فقد احتل إيجاد فرص عمل المرتبة الأولى في نوع الخدمات التي يطلبها المواطنون من النواب، وهذا يدلل على تزايد وعي المواطن بالفوارق في المهام والصلاحيات المنوطة بكل من المجلسين.
في سؤال عن أبرز التعديلات التي تراها عينة مجالس المحافظات ضرورية لقانون اللامركزية، وسُمح بأكثر من إجابة، اختار أكثر من ثلثي المستطلعة آراؤهم (68 بالمائة)، المقترحات الثلاثة التالية معاً: توسيع الصلاحيات الممنوحة لمجالس المحافظات خاصة في مجال الرقابة وإعداد الموازنات، إعادة صياغة قانون اللامركزية بحيث يصبح أكثر وضوحاً، وتعزيز الاستقلالية المالية والإدارية لمجالس المحافظات… أما النواب، وبنسبة 60 بالمائة، فقد أولوا اهتماماً خاصاً بإعادة صياغة قانون اللامركزية بحيث يصبح أكثر وضوحاً، وتعزيز الاستقلالية المالية والإدارية لمجالس المحافظات.
أوضحت الدراسة كذلك، أنه في الوقت الذي تنتظم فيه اللقاءات بين مجلسي المحافظة المنتخب والتنفيذي، فإن اللقاءات التشاورية بين المجالس المنتخبة ونواب المحافظة، تكاد تكون نادرة أو معدومة، وهذا أمر غير طبيعي في ظل الحاجة لخلق فهم مشترك للأولويات التنموية وتنسيق المواقف بين المجالس والنواب عند إقرار موازنات المحافظة والموازنة العامة للدولة.
نجاح تجربة اللامركزية في تحقيق أهدافها، غير ممكن طالما أن كثيرا من النواب وأعضاء مجالس المحافظات، يعتمدون الأساليب و»الوعود» ذاتها في حملاتهم الانتخابية، ويصلون إلى المجالس المنتخبة بالأدوات ذاتها، ويحصدون من الحقل نفسه باستخدام المناجل ذاتها… تفكيك هذا التشابك، يكون بمجلس نيابي منتخب على أسس وطنية وحزبية، ومجالس محافظات بصلاحيات أكبر ودرجة أعلى من الاستقلال المالي والإداري واللوجستي.