عروبة الإخباري – تحيي سفارة جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية الذكرى الـ 29 لتخليد شهداء مأساة العشرين من يناير عام 1990م.
وبهذه الذكرى أصدر السيد راسم رضاييف سفير جمهورية أذربيجان في عمان تصريح صحفي.
تصريح صحفي.
لقد طبعت هذه المأساة في ذاكرة الشعب الأذربيجاني وتناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل لما تمثلته من اعتداء وعدوان سافر على حق شعب أذربيجان في الحياة وانتهاك صارخ لحضارة وتاريخ هذا الشعب العريق دون أي مبرر لمثل هذا العدوان حيث نستذكر هذه الذكرى الأليمة التي تعيش في وجدان الشعب الأذربيجاني ويستذكرها كل عام تخليدا لذكرى الشهداء والأبرياء الذين سقطوا على أيدي قوات النظام السوفياتي السابق
فقد تجلت بوادر هذا العدوان في عام 1988 عندما قام زعماء الحزب الشيوعي للنظام السوفياتي السابق بمحاولات جدية لفصل منطقة ناغورني كارباخ الجبلية التي هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني الأذربيجاني ومحاولة ضمها إلى جمهورية أرمينيا .
ونستذكر هنا أن الشعب الأذربيجاني في عام 1988 قد هب كنتيجة طبيعية للعدوان على أراضيه في تلك الحقبة الزمنية لمقاومة هذه المحاولات عن طريق تنظيم المظاهرات الحاشدة والتجمعات الجماهيرية السلمية التي تعبر عن رفض واستنكار سياسة النظام السوفياتي السابق ومساندته ودعمه المتواصل لجمهورية ارمينيا وتعبيرا عن تضامن اللاجئين الأذربيجانيين
الذين تم تشريدهم وابعادهم من مدنهم وقراهم في منطقة ناغورني قارباغ ، حيث شكلت هذه المظاهرات والاحتجاجات المتواصلة نواة للحركة التحررية لجمهورية أذربيجان.
وهنا يجدر القول بأن ردة الفعل السوفياتي كانت على هذه الاحتجاجات باستخدام القوة المفرطة ضد الشعب الأذربيجاني الأعزل واجتياح القوات السوفياتية الخاصة عاصمة أذربيجان باكو والعديد من المدن الأذربيجانية الأخرى ليلة التاسع عشر من يناير عام 1990 ، مستخدمة أحدث الأسلحة المتطورة في ذلك الوقت حيث وجه الجنود السوفييت نيران أسلحتهم الفتاكة ونتيجة ًلهذا العدوان السافر فقد قُتلَ يوم 19 يناير في ليلة العشرين من يناير 147 شخصا ، وجرح 744 ، من المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ العزل ، وتم اعتقال 800 شخص، والبعض الأخر ما يزال في عداد المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم لغاية الأن.
أود أن أذكر هنا بأن هذا العدوان قد مثل بطبيعته الشرسة انتهاكا فاضحا لكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تضمن حرية وسيادة الأوطان وتحقيق العدالة الدولية واحترام حقوق الانسان ، وإنه لمن الضروري التذكير بأن أحد أهداف هذا العدوان هو إحداث تأثير معنوي وفكري وايدولوجي على الشعب الأذربيجاني وذلك من اجل إجهاض حركة التحرر الوطني وقتل الروح المعنوية لمقاومة الاحتلال.
كما وأؤكد على أن الشعب الأذربيجاني بالرغم من حجم وفظاعة المعاناة فقد تعاضدت وتكاتفت كافة شرائح وفئات المجتمع على مقاومة ورفض الاحتلال السوفياتي ودفعت إلى الأمام عملية التحرر الوطني التي تكللت بنيل أذربيجان استقلالها عام 1991م.
لقد عملت أذربيجان على بناء الدولة الحديثة والمجتمع المدني القائم على المؤسسات والتعددية الا أن الشعب الأذربيجاني يفتخر أنه بفضل قيادته الحكيمة تمكن من بناء دولته ومجتمعه المدني بروح من الإصرار والتفاؤل والأمل في مستقبل مشرق.
وإبتداءاً من صيف عام 1991 بدأت الحرب في أراضي جمهورية أذربيجان ونتيجة لإختلال موازين القوى ونفوذ الأرمن لدى قيادة الاتحاد السوفياتي السابق فقد تم احتلال منطقة ناغورني كارباخ وسبعة اقاليم أخرى و تمثل 20% من مجموع مساحة أذربيجان وذلك بمساندة ودعم مطلق من قبل قيادة وقوات النظام السوفياتي السابق وأدى ذلك إلى تهجير وتشريد السكان الأصليين من أراضيهم التاريخية وتحويلهم إلى لاجئين في وطنهم أذربيجان يكابدون أشد الظروف المعيشية في مخيماتهم التي تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية.
إن قضية ناغورني كارباخ قد تصدرت منذ بداية الاحتلال الأرمني أولويات عمل المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة التي اصدر مجلس الامن الدولي التابع لها قرارات في هذا الشان وهي القرارات 822، 853 ، 874 ، 884 الصادرة عام 1993م ، حيث طالبت جميعها بالانسحاب الفوري والغير مشروط والكامل للقوات الارمينية من جميع الاراضي الاذربيجانية المحتلة.
إن انضمام اذربيجان كعضو في منظمة التعاون الإسلامي عام 1991 ، والتي هي جزء لا يتجزأ من العالم الاسلامي بتاريخها وقيمها الدينية والحضارية ، فقد فتح افاقا جديدة حيث لقيت اذربيجان الدعم المستمر من المنظمة والدول الاعضاء فيها.
كما وقد صدرت عدة بيانات عن المنظمة تؤيد وتدعم فيها موقف أذربيجان في نزاعها مع ارمينيا وكانت المنظمة تقدر النزاع على انه (الاعتداء الأرمني على أذربيجان) وقد تبنت منظمة التعاون الاسلامي (21) المنعقدة في كراتشي عام 1993 و22 في كونكري 1995 لوزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي وقد تم تغيير اسم القرار المعني في المؤتمر 24 المنعقد في جاكرتا عام 1996 ليسمى “اعتداء جمهورية أرمينيا على جمهورية أذربيجان.كما اضيفت نصوص جديدة للقرارات أهمها :
– دعوة كل الدول للامتناع عن تجهيز الاسلحة والذخائر التي تشجع المعتدي لتعميق النزاع .
– عدم استخدام اراضي الدول الاعضاء بالمنظمة لمرور المعدات العسكرية
– والدعوة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية لوضع حد للاعتداء الارمني واحتلال الاراضي الاذربيجانية.
– وطالبت عدة مرات بتسوية النزاع بين ارمينيا واذربيجان وشددت على وحدة وسلامة اراضي أذربيجان ، والمطالبة بالإنسحاب الغير مشروط للقوات الأرمينية من الاراضي الأذربيجانية.
تسعى جمهورية أذربيجان لحل النزاع بينها وبين جمهورية أرمينيا بالطرق السلمية ، وكون أنه يوجد اتفاقية لوقف اطلاق النار بين الطرفين وحيث أن أرمينيا قد انتهكت وما زالت تنتهك وتخالف قرارات هذه الاتفاقية بتكرار الاعتداءات واستهداف الاشخاص المدنيين في منطقة ناغورني كارباخ المحتلة فإنها بذلك تكون قد انتهكت الحقوق الانسانية الدولية والقوانين الشرعية .
وخلال الوضع الحالي الذي يشهده اقليم ناغورني كارباخ والذي يتمثل في قيام أرمينيا بالهجوم على حدود اراضي أذربيجان المحتلة والتسبب في مقتل اشخاص ابرياء واحداث اضرار جسيمة بالممتلكات فإنه قد صدر عدد من القرارات والتوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية ، والتي طالب معالي امين عام منظمة التعاون الاسلامي بالانسحاب الفوري وغير مشروط والكامل للقوات الارمينية من الاقليم ومن اراضي أذربيجان المحتلة الاخرى، كما ادانت جميع الدول الاعضاء في المنظمة الهجوم السافر على حدود جمهورية أذربيجان واصرار ارمينيا على استئناف القتال وعدم احترامها للهدنه واستمرارها في سياستها العدوانية .
ان جمهورية أذربيجان تحترم قرار وقف اطلاق النار ولم يسبق لها أن تكون قد اخترقت هذا القرار ، وبالنسبة لجمهورية أرمينيا فهي الطرف الذي لا يحترم قرار وقف اطلاق النار وما حصل خلال الاحداث التي جرت في الفترة من 2-5 ابريل 2016 ، هو اختراقا صارخا لقرار وقف اطلاق النار من قبل أرمينيا ويعتبر ايضا اختراقا للقوانين الشرعية ولقرارات الأمم المتحدة والمنظمات الذي ينص على قرار وقف اطلاق النار بين الجانبين والذي تعدته أرمينا عدة مرات. حيث أطلقت أرمينيا نيران أسلحتها بكثافة على مواقع القوات المسلحة الأذربيجانية على طول خط المواجهة. ونتيجة للقصف المدفعي من القوات المسلحة الأرمينية قتل عدد من المدنيين وأصيب أخرون بجروح خطيرة ،
وقد اتخذت القوات المسلحة الأذربيجانية التدابيرالمضادة اللازمة داخل حدودها المعترف فيها دوليا لضمان سلامة السكان المدنيين وحررت جزءاً من أراضيها المحتلة ، والدليل على ذلك أن ارمينيا قد قامت بانتهاكات عديدة لوقف اطلاق النار بعد أن تم الاتفاق بين الجانبين على وقف اطلاق النار وذلك بموجب اتفاقية ابرمت بين الطرفين وتم توقيعها من قبل رؤساء هيئة أركان الجيش الأذربيجاني والأرمني بتاريخ 5ابريل 2016علما بانها جاءت بناء على طلب رئيس هيئة أركان الجيش الأرمني.
كما وقد توصلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (حقوق الإنسان الأوروبية) ، في عام 2010 إلى استنتاج هام وهو أعتبار هذه الجرائم التي حصلت من جراء اعتداء القوات العسكرية الأرمنية ضد المدنيين الأذربيجانيين وتصنيفها على انها جرائم حرب أوجرائم ضد الإنسانية، وقد ابرم ذلك في محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في حكمها الصادر في 16 يونيو 2015 الذي ينص على :
أن” ناغورني قره باخ الجبلية والمناطق المحيطة بهاهي قيد الاحتلال ” وأن أرمينيا “هي التي تمارس السيطرة الفعلية على كارباخ الجبلية والأراضي المحيطة بها “.
وبالتالي فإن السؤال هو ماذا تفعل القوات المسلحة الأرمينية في أراضي جمهورية أذربيجان؟
أذربيجان اليوم دولة مستقلة استحقت أعتراف المجتمع الدولي ككل ، وهي عضو كامل وفعال في مختلف المنظمات والهيئات الدولية المرموقة كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي وغيرها من المنظمات الدولية الأخرى .
لقد تمكنت أذربيجان خلال فترة وجيزة من استقلالها على تأسيس نظام ديمقراطي مبني على التعددية السياسية وحققت خطوات وانجازات جبارة نحو تطبيق سياسة اقتصاد السوق الحر على نظامها الاقتصادي الأمر الذي شجع وجلب الاستثمارات الأجنبية وأدى إلى نقلة نوعية في الاقتصاد الأذربيجاني.
ومن موقعي هنا كسفير لجمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية أود في هذا المقام أن أشيد وأثمن مواقف الأردن المبدئية تجاه دعم ومساندة موقف جمهورية أذربيجان في إطار المنظمات الدولية وقراراتها الصادرة وقد إتسمت العلاقات الأذربيجانية – الأردنية بطابع خاص ومميز بفضل وجود علاقات صداقة طيبة وودية تجمع بين فخامة الرئيس الهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان وصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية ، و تشهد حاليا هذه العلاقات تطورا مضطردا على مختلف الأصعدة ، حيث يعمل قادة البلدين الشقيقين على النهوض بهذه العلاقات الى المستوى الذي يرضي تطلعات الجميع وتكللت هذه الجهود بالنجاح والسعي دوما لايجاد ألية جديدة لتفعيل مسيرة التعاون.
وقد ترسخ هذا المبدأ ببناء أساس ثابت ومتين من العلاقات القائمة على التعاون بمختلف أشكاله وتّوج بتوقيع وإبرام العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات الحيوية وشكلت اللجان المختصة من البلدين للشروع في تنفيذ وتطبيق بنود هذه الاتفاقيات بما يخدم مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والثقافية والعمل على تشجيع تبادل الاستثمار بين البلدين. وقد عقد الاجتماع الثالث لللجنة الأذربيجانية – الأردنية الحكومية المشتركة في مجال التجارة ، والاقتصاد ، والتعاون التقني بين حكومة جمهورية أذربيجان وحكومة المملكة الاردنية الهاشميــة المنعقد في عمان خـــلال الفترة من 19-20 فبراير 2018 ،
ومن الجدير بالذكر انه توجد مساعي وجهود حثيثة من أجل العمل على فتح خط جوي مباشر بين عمان وباكو ، وذلك نظرا لازدياد حركة السياحة بين البلدين بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين وتوجه انظار العديد من المستثمرين ورجال الاعمال من كلا البلدين لتوسيع إطار العمل والاستثمار .
كذلك تبذل السفارة لدى المملكة جهودا كبيرة في التنسيق مع الجهات الأردنية المختصة لدراسة وإعداد المشاريع الاقتصادية بالمملكة رغبة منها بالمشاركة بتنفيذ تلك المشاريع .
كما ونفتخر ايضا بأنه تشارك وفود أردنية رسمية رفيعة المستوى من جهات مختلفة : مجلس النواب والاعيان ومن التلفزيون الاردني ووكالة الانباء بترا ، ورؤساء الجامعات ….. وغيرهم في التدابير الدولية التي تنظمها وتستضيفها أذربيجان .
كذلك قام فريق من معدي برامج من التلفزيون الأذربيجاني (Oralar) ،خلال شهر سبتمبر 2019 ، مكون من 11 شخص بتصوير وإعداد فيلم فيديو وثائقي عن المملكة الأردنية الهاشمية يتضمن التعريف باماكنها السياحية والتاريخية ، والآثرية والثقافية المشهورة ، مثل العاصمة عمان ، جرش البتراء ، مدينة العقبة ، مدينة الكرك ، مأدبا وغيرها من مختلف المدن والمناطق السياحية بالمملكة بهدف تشجيع السياحة الأردنية في جمهورية أذربيجان
وقد توج عام 2018 بالاحتفال بمرور خمس وعشرين عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين وقد تم تبادل التهاني بين قادة البلدين ووزراء الخارجية فيها .
كما إن أذربيجان حكومة وشعبا تؤكد مدى التزامها وسعيها لتطوير وتفعيل العمل في كافة مجالات التعاون التي تخدم مصلحة الشعبين الشقيقين وعن حرصها لتنمية التبادل المعرفي الحضاري الثقافي والتواصل الحضاري الفكري بين سكان مدينة عمان وسكان مدينة باكو لإثراء التبادل الثقافي المعرفي لديهما خاصة وإنه يوجد هناك تآخي بين مدينة عمان ومدينة باكو ، وقد تم افتتاح شارع وميدان حيدر علييف في منطقة بدر الجديدة في عمان ، وتم تسمية شارع المغفور له الملك الحسين في مدبنة باكو.
إننا نشيد ونثمن بمواقف الأردن المبدئية تجاه دعم ومساندة موقف جمهورية أذربيجان في قضية ناغورني كارباخ الجبلية في إطار المنظمات الدولية والسعي الدائم إلى تطوير العلاقات الأخوية وتوسيعها على مختلف الأصعدة والمجالات وما زالت الخطوات متسارعة نحو توسيع مستقبل هذه العلاقات لتحقيق قفزات نوعية كبيرة وجديدة .
ومن جهة اخرى فإن حكومة جمهورية أذربيجان ايضا يقدرون عاليا دور المملكة الأردنية الهاشمية ممثلة بجهود صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ومواقفه العادلة ومساعيه الدائمة للوصول للحل السلمي العادل اتجاه العديد من القضايا المصيرية ، منها الدعوة لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريفة ، كما وتقدر وقوفه حكومة وشعبا بجانب أبناء الشعب السوري في محنته الحالية ومؤازرته ، ومواقفه المشرفة في احتضان واستقبال اللاجئين السوريين وتقديم مختلف اشكال المساعدات الانسانية لهم وعلى الاراضي الاردنية.
وأخيرا وليس آخرا سوف تبقى ذكرى مأساة العشرين من يناير عام 1990 محفورة في الذاكرة الجماعية للشعب الأذربيجاني لتخليد ذكرى الشهداء الأبرار الذين سقطوا على أيدي القوات السوفياتية السابقة . وستبقى نبراسا يستضاء به في سعي الشعوب لنيل حريتها واستقلالها واسترداد حقوقها المغتصبة.
إننا نهيب بالمجتمع الدولي لمساندة قضية كارباخ الجبلية وسعيها الدائم لاسترجاع اراضيها المحتلة وعودة اللاجئين الأذربيجانيين إلى أراضيهم وديارهم المحتلة ، كما ونسعى لتحقيق ذلك بالطرق السلمية لاستعادة جمهورية أذربيجان لحقوقها الوطنية المشروعة والعادلة في منطقة ناغورني كارباخ الأذربيجانية المحتلة.
– حفظ الله أذربيجان والأردن –