النفوس والعقول التي تعاني الخبث؛ تميل دوما للمشاعر والأفكار الرديئة، التي تهوي بالإنسان الى بيئة الشكل والجهل والتخلف..
نسمع عنوة بعض الأصوات عبر أثير الإذاعات، فتتكدر خواطرنا، وأمس حاولت التواصل مع مدير إحدى الإذاعات، بعد أن سمعت خطابا رديئا، فياضا بالسلبية، يهيىء بيئة مثالية للإشاعة الساحقة الماحقة، واستغربت بصراحة كيف يسمح لمثل هؤلاء بالحديث عبر أي إذاعة، ولماذا لا يتنبه «حماة الهويات الفكرية والثقافية والوطنية والأمنية» لمثل هذا الخطاب الفج الباعث على الريبة والمشكك في كل ما تقوم به الدولة الأردنية ومؤسساتها؟..في الفم ماء وحسبي هذه الإشارة لمن يفهم ويحترم بلده او يحترم العقل على اطلاقه.
من بين البيئات المثالية للسلبية والإشاعة وسوء الظن ثلاثية من أخبار سمعناها أمس وقبله بأيام:
يتأفف البعض ويتحدثون عن «سخط رباني» بعد أن انتشرت صور لمجموعة من كائنات الجراد تظهر في محيط الكعبة المشرفة، خبر حين سمعته قلت سبحان الله الذي يسبح بحمده ما في السموات والأرض، وسألني أطفالي عن «السخطة» التي يتحدث عنها البعض التي تحيق بالكعبة والعالم، فقلت لعلها كائنات جاءت تحج بيت الله الحرام، فلو كانت طيورا جميلة مثلا لقيلت فيها أشعار، أما الجراد فخبر ظهوره حول البيت الحرام فتح «مخيال» البؤساء والبسطاء على مزيد من تشاؤم وروايات «شعوذة»،.. قولوا سبحان الله الذي خلق هؤلاء وخلق نيوتن.
وصوامع العقبة التي فشلت عملية هدمها من قبل شركة تركية مختصة؛ أصبحت خبرا يقدمه العباقرة، وكأنهم يتحدثون عن انهيار بناية حكومية تم بناؤها للتو، وربما تحدث عنها بعض هؤلاء على اعتبار أنها أيضا قصة فساد حكومي، تتطلب من الصناديد الذهاب الى الرابع ومطالبة الحكومة بجلب الفاسدين المتسببين بعدم سقوط البناية القديمة .. الحمدلله أن الشركة المنفذة ليست أردنية، وأن المطلوب التخلص من مبنى قديم وليس تسلم مبنى جديد.
حتى الأرصاد الجوية لم تسلم من العبقريات الخارقة، ولا من النفوس المتوهجة ثورة وتشكيكا وهيزعيات.. فالبعض يتساءل عن عدم سقوط الثلج وعدم ثباته في المواقع التي تعرضت لتساقط ثلوج ليلة أمس الأول، يريدون محاسبة أي أحد تسبب بخيبة أملهم في رؤية تلال ثلج في الشوارع وحولها: قلتم في النشرات الجوية سيتساقط الثلج وصحونا في اليوم التالي ولم نجده، ماذا نفعل بكل هذا الخبز الذي اشتريناه وسائر الطعام الذي جمعناه؟..وين الثلج يا حكومة؟..ولست أدري ان قالوا بأنه نوع آخر من فساد خطير يضرب في المؤسسات والجوّ هذه المرة..!.. الشعب يريد ثلجا.
هل تتحسسون حجم هذه الثقافة الرديئة المنبعثة من خطاب اللامنطق؟ ..إن غياب العقل وطغيان الجهل والتخلف واستشراء المرض ثالوث لا يهزمه أو يقف في وجهه سوى ربنا سبحانه وتعالى..
لا تقرأ خبرا في أي مكان، ولا تسمع او تشاهد اية وسيلة اعلام، والغ «وجودك» على التواصل والتناصل الاجتماعي..وافقع حسرة ومُتْ كمدا يا قتيبة ، فالرداءة تطغى.
صوامع وثلج وجراد /ابراهيم عبدالمجيد القيسي
6
المقالة السابقة