عروبة الإخباري – قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم الإثنين، استقالة حكومة الدكتور هاني الملقي.
ووجه جلالة الملك إلى الدكتور الملقي رسالة ردا على رسالة الاستقالة التي رفعها إالى جلالته، فيما يلي نصها:
” دولة الأخ الدكتور هاني الملقي حفظه الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فيسرني أن أبعث إليك وإلى زملائك الوزراء بتحية الاعتزاز بكم والتقدير لجهودكم في خدمة الأردن العزيز.
الملك للملقي:
وقد تلقيت ببالغ التقدير رسالتك التي عبرت من خلالها عن خالص الولاء والانتماء للوطن والحرص على تحمل المسؤولية والنهوض بالواجب، والتي تقدّمت فيها باستقالتك من رئاسة الحكومة.
وإنني لأعرب لك ولزملائك الوزراء عن تقديري الكبير لما أبديتموه خلال ترؤسك للحكومة، من حرص على أداء الواجب وتحمل المسؤولية بكل أمانة وإخلاص وشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة التي لا تحظى بالشعبية أو الرضى، ولكنها تصب في مصلحة الوطن العليا، وقد تحملتم في سبيل ذلك الكثير من أجل مصلحة الوطن والمواطن وخاصة في هذه الظروف الصعبة، التي وضعتنا جميعاً أمام تحديات كبيرة.
إن التحديات التي تحيط بالأردن العزيز غير مسبوقة بتشعبها وتنوعها وامتدادها، منها ما هو إقليمي على حدودنا المباشرة ومنها ما هو أبعد، وفي العالم الأرحب.
ولم يكن هذا البلد بمنأى عن هذه التحديات، فواجهناها بعزيمة وإصرار وثبات في النواحي السياسية والأمنية والاجتماعية وحتى في بعض النواحي الاقتصادية، حتى غدونا مثالاً للاستقرار والمصداقية والاعتدال، وحافظنا على علاقات عربية وإسلامية ودولية قوية ومتوازنة دون خضوع لتجاذبات أو أحلاف غير مقبولة.
إلا أن استمرارية الأحداث على مدى سنين طويلة أثرت بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية وبالتحديد المالية منها، نتيجة الضغط المتزايد على الخزينة والقطاع التجاري والاستثمار، وبالتالي أثرت على معدلات النمو.
لما كانت تبعات الإنفاق المتزايد على الدولة الأردنية، وفي جزئها الأكبر نيابة عن المجتمع الدولي، فقد عانينا، كخزينة ومواطنين، من الفجوات التمويلية وارتفاعات في أسعار العديد من السلع والحاجات الضرورية مما أثر ذلك بشكل مباشر على مستوى حياة المواطن ولقمة عيشه.
وقد تزامن مع هذه التطورات انخفاض حاد في مستويات المساعدات والتي كانت تعين وطننا في إرساء قواعد الأمن في المنطقة وخدمة أشقائه اللاجئين إلى هذا البلد الحر الأبي.
ولقد بذلتم قصارى جهدكم، أنت وفريقك الوزراي، في مواجهة التراكمات والعجوزات المالية الجمة من خلال الاستمرار بالإصلاح الشامل والمثابرة والبحث عن البدائل المتاحة، ولا تزال الأوضاع في غاية الدقة وبحاجة إلى وعي وانتباه الجميع.
وإنني إذ أقبل استقالتك وحكومتك لأؤكد على استمرارية هذه الحكومة في تصريف الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة، ومؤكداً على اعتزازي بك وبزملائك الوزراء، وتقديري لما بذلتم من جهود وما قدمتموه لوطنكم من خدمات جليلة، وستبقى موضع الثقة والتقدير، سائلاً المولى عز وجل أن يحفظكم جميعاً، وأن يجزيكم خير الجزاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان في 18 رمضان 1439 هجري
الموافق 4 حزيران 2018 ميلادي”.
وكان الدكتور الملقي رفع إلى جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة استقالة حكومته، تاليا نصها:
” بسم الله الرحمن الرحيم
مولاي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله وأعز ملكه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يشرفني، يا مولاي، أن أرفع إلى مقامكم السامي أسمى آيات المحبة والولاء، مقرونة بأصدق مشاعر الفخر والاعتزاز، راجيا المولى عز وجل، أن يحفظكم، ويمتعكم بموفور الصحة والعافية، ويبقيكم ذخرا وعزا وسندا لخير الأردن الحبيب، وخير الأمتين العربية والإسلامية.
مولاي المعظم،
لقد تشرفت منذ عامين، بالانصياع لأمركم السامي، وتلبية نداء الواجب، وحمل أمانة المسؤولية؛ إذ صدرت الإرادة المليكة السامية بتعييني رئيسا للوزراء نهاية شهر أيار من عام 2016 م، في ظل تحديات محلية وإقليمية معقدة، وظروف بالغة الدقة والحساسية، كان من واجبنا أن نتجاوزها بكل ما أوتينا من عزم وهمة، ليبقى الأردن عزيزا حرا شامخا كما أراده الهاشميون على مر التاريخ.
وقد عملت حكومتي منذ ذلك الوقت، بكل عزيمة وإخلاص، مترجمة رؤاكم الملكية السامية، بوضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، مؤمنين بأن الأردن وشعبه الأبي الشامخ، يستحقون كل جهد مخلص، من أجل النهوض بوطننا العزيز، والحفاظ عليه آمنا مستقرا في ظل أحلك الظروف والتحديات.
واستطاعت الحكومة في هذه المرحلة الصعبة، أن تحقق مؤشرات إصلاحية ملموسة، في مختلف القطاعات والمجالات، فقد أنجزت خلال العامين الماضيين استحقاقات ديمقراطية إصلاحية، شهد له القاصي والداني بالنزاهة والشفافية، تمثلت بالانتخابات النيابية لمجلس النواب الثامن عشر، وانتخابات المجالس البلدية واللامركزية، كجزء مهم ورئيس من مسيرة الإصلاح السياسي التي تقودونها، جلالتكم، بكل عزيمة وثبات.
كما أطلقت الحكومة خطوات جادة ومهمة، في مسيرة الإصلاح الإداري، وتطوير القطاع العام، ومحاربة الفساد بمختلف أشكاله؛ وهي خطوات أساسسية، يمكن البناء عليها من أجل النهوض بالقطاع العام، ومواصلة تطويره وتحسينه، ليكون قادرا على أداء أفضل الخدمات للمواطنين، وليواكب مبادئ الإدارة الحديثة، اللازمة لتعظيم العطاء ومواصلة الإنجاز.
وسخرت الحكومة جميع إمكاناتها المتاحة، من أجل تحسين واقع الخدمات المقدمة للواطنين، وتطوير البنى التحتية والخدمية في قطاعات الصحة والتعليم والنقل والمياه، وغيرها من القطاعات الحيوية، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات جادة في مجال تعزيز الحماية الاجتماعية، ورعاية مختلف الفئات؛ وقد كان العمل في الميدان هو الطريق الأمثل لتلمس حاجات المواطنين وهمومهم وقضاياهم، حيث لم تدخر الحكومة جهدا ممكنا للتواصل مع المواطنين في مختلف محافظات ومناطق المملكة للتعرف على حاجاتهم ومطالبهم.
أما في مجال الإصلاح الاقتصادي، الذي يشكل التحدي الأبرز في هذه المرحلة، فقد أخذت الحكومة على عاتقها الاستمرار في برامج التصحيح المالي والاقتصادي، وتحقيق أهدافه المنشودة، حيث نجحت الحكومة في إنجاز جلّ متطلبات البرنامج، والتي لقيت إشادة دولية واسعة، وفق مؤشرات جيدة تخدم مستقبل الاقتصاد الوطني، وتعزز من قدرة الأردن على جلب الاستثمار، والحصول على المنح والمساعدات الضرورية التي يحتاجها، حيث عانت المملكة من حصار اقتصادي بسبب الظروف الإقليمية الضاغطة والمستمرة.
ورغم شح المساعدات، وانخفاضها خلال السنوات الأخيرة، وتعمق أزمة اللاجئين، فقد أظهرت الأرقام والمؤشرات الاقتصادية تحسنا في بنية الاقتصاد الوطني، إذ نجحت الحكومة في تثبيت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأوقفت تزايده المضطرد، بعد سنوات عديدة من ارتفاعه لأكثر من (4,5 %) كل عام.
كما قامت الحكومة باتخاذ إجراءات جديدة، ووضع برنامج زمني لتحفيز النمو والنهوض بالاقتصاد، من خلال إقرار التشريعات والمشاريع المهمة، الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال والاستثمار. وفي مجال النفقات، حرصت الحكومة على ترشيد نفقاتها إلى أقصى الحدود، حيث تم خلال العامين الماضيين تجميد النفقات ووقف ارتفاعها.
أما مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي أحاله مجلس الوزراء إلى البرلمان وفق الأصول الدستورية، فهو يشكل آخر الإجراءات الضرورية التي كانت ستقوم بها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، وقد حرصت الحكومة على الخروج بصيغة من شأنها أن تحقق العدالة الضريبية، من خلال تعزيز التصاعدية الضريبية، بالإضافة إلى محاربة التهرب الضريبي، الذي هو مطلب وطني حاضر، وقد راعت الحكومة ضمن مشروع القانون الطبقتين الوسطى ومحدودة الدخل، بحيث لا تترتب عليهما أعباء ضريبية.
لكن، ورغم كل ذلك، لم يلق مشروع قانون ضريبة الدخل توافقا أو تأييدا عاما، رغم الجهود المضنية التي بذلتها الحكومة للتعريف بأهميتها، وقد أكدت الحكومة احترامها المطلق لكل الآراء المطروحة حوله، وتقديرها لجميع المطالب التي ينادي بها المواطنون، عبر مختلف الأدوات، بما في ذلك الوقفات الاحتجاجية التي جرت خلال الأيام الماضية.
واليوم، وفي ظل هذا النقاش الوطني العام، واحتراما لكل الآراء والمواقف الشعبية، التي يعبر عنها أبناء الوطن بكل مسؤولية وحضارية، وحرصا مني، ومن أعضاء الفريق الوزاري، على المصلحة الوطنية العليا، فإنني أستأذنكم، مولاي المعظم، بإعفائي من المهام الموكلة إليّ كرئيس للوزراء، تاركا الموقع لمن سيتشرف بحمل أمانة المسؤولية، ويحظى بخدمة وطنه ومليكه، للتتواصل مسيرة البناء والإصلاح والإنجاز، تحت ظل عرشكم المفدى؛ آملا أن تسهم هذه الخطوة في تلبية رغبات وطموحات أبناء وطننا العزيز، الذين عملت بكل شرف وإخلاص من أجل خدمتهم، مرتاح الضمير أنني لم أتردد لحظة في عمل ما هو لمصلحة الدولة ومنعتها.
مولاي المعظم،
إن الأردن وخدمته شرف لا يعلوه شرف، وقد كنّا طوال الفترة الماضية خدما لأبناء شعبنا العزيز، نتخذ من المصلحة الوطنية عنوانا لاتخاذ قراراتنا، ونصدق الجميع في المكاشفة والمصارحة حول التحديات التي تواجه الوطن، دون مواربة أو تمويه أو تضليل؛ وإننا نعاهد الله، أن نبقى الجنود الأوفياء لأردننا الحبيب، ولعرشكم الهاشمي الراسخ، ولشعبنا الأردني الوفي المخلص، ضارعين إلى الله العلي القدير أن يحفظكم ذخرا وسندا وعزا لخير الأردن وأهله، ولخير الأمتين العربية والإسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مولاي المعظم
خادمكم المخلص الأمين
الدكتور هاني الملقي”.