عروبة الإخباري – نظم البيت الأدبي للثقافة والفنون مهرجانه الإبداعي لموسم الربيع، وذلك بالتعاون مع مسرح عمّون للثقافة والفنون في العاصمة عمّان مساء يوم الإثنين الموافق 2018/4/16، حيث استهل المهرجان بافتتاح الممثل الأردني القدير الفنان مازن عجاوي للمعرض الفني التشكيلي الجماعي الذي شارك فيه كلّ من الفنان التشكيلي فهد بن علي العمرو والفنان التشكيلي خالد سباتين، بالإضافة إلى الفنانة التشكيلية ديالا الأشهب، التي قدّمت إحدى لوحاتها هدية للبيت الأدبي للثقافة والفنون، ليلي ذلك كلمة مدير مسرح عمّون للثقافة والفنون المخرج محمد الختاتنة، الذي أكّد على الدور المميز للبيت الأدبي للثقافة والفنون في الساحة الثقافية الأردنية والجهود المبذولة من قبل مؤسّسه في سبيل ذلك، ومن ثم جاءت كلمة مدير البيت الأدبي للثقافة والفنون الأديب أحمد أبو حليوة المعبّرة عن التجربة بصدق والحاملة للكثير، والذي أدار بدوره فقرات المهرجان وقدّم بعفويته المعهودة الدافئة المشاركين.
ومن الكلمات إلى الشهادات، التي شارك فيها كلّ من رئيس جمعية الرصيفة الثقافية الأستاذ عمر قاسم الذي أكّد على الأبوة الروحية للبيت الأدبي للثقافة والفنون، الذي استلهم منه فكرة تأسيس وإدارة صالون الرصيفة الثقافي منذ خمس سنوات، ليليه في الإدلاء بالشهادة الفنانة التشكيلية هناء البدور، التي حملت شهادتها عمقاً شاملاً للبيت الأدبي للثقافة والفنون ومؤسسه ومديره أحمد أبو حليوة، حيث غاصت فيه قاصاً من خلال الإشارة إلى مجموعته القصصية “رجل آخر” الذي هو مثلها “رجل آخر” على حد رؤيتها، معرجة بالتلميح على سيرته الإنسانية من خلال التوقف عند أحمد عبدالله، وهو الجانب المجهول من سيرة أحمد أبو حليوة المفعم بالكثير من الأحداث الاجتماعية الغريبة والفريدة في العقدين الأولين من عمره.
في الفقرة الشعرية، امتشق الشاعر عبد الباسط الكيالي قصائده وصدح بالغزل وتغنى بالوطن، وهو الذي خبر ذلك في دواوينه الخمسة ومخطوطاته العديدة المنوعة، لا سيما وأنه منذ أربعة عقود تقريباً يمتطي صهوة الكتابة وعبق الحرف، وقد تبعه في الإلقاء بكلّ ألق الشاعر السوري ياسر الأقرع، صاحب الطلة الأنيقة والحضور اللطيف وديوان “غداً تمحوك ذاكرتي” الصادر تسعينيات القرن الماضي، والذي ألّف بعده أربعة دواوين أخرى، كان آخرها ديوان “لا … أحبك”، وهو الشاعر الذي امتاز بسلاسة القصيد ودفء المشاعر، وهو العاشق لامراة والمفعم الحنين لبلاده، وصاحب التجربة الشعرية الكبيرة منذ أكثر من عقدين من الزمان حفلا بالعديد من مشاركاته المميزة في الأمسيات والمهرجانات في كلّ من سورية والأردن.
وبعد الإلقاء الشعري كان الحضور مع فقرة القص، والقاص عبدالرحيم العدم، الذي قرأ بعض قصصه التي تعيد إنتاج الواقع بطريقة واخزة ساخرة، تحمل الكثير من الكوميديا السوداء، والمقدرة الواضحة على حسن التقاط الظواهر الاجتماعية البسيطة وتوظيفها قصصياً، ومن بعده قرأت القاصة لادياس سرور بعض قصصها القصيرة، حيث رغيف يُلهَث خلفه، وظلّ يُغرِق المكان بالسواد والأسئلة، وزهايمر يقود إلى حاضر خاوي الذكريات، وسلطة تمارس دكتاتوريتها على روح المرأة من أول المهد حتى اللحد، وسياسي يضحي بشعبه وجنوده من أجل نفسه، وأقنعة تُفقد، فيستيقظُ بعض الناس بلا وجه.
الأطفال كان لهم نصيب في المهرجان، فشاركت الطفلة العراقية جنى الدوسري بإلقاء نص بعنوان “ثريا” للكاتب أحمد أبو حليوة، وثريا هي الأم المربية له رحمها الله، في حين ألقت الطفلة خلود العمري قصيدة بعنوان “بكيت حتى انتهت الدموع” التي تحدّث فيها الشاعر الكبير نزار قباني عن مدينة السلام.. القدس، وعمّا تتعرض له من ظلم واغتصاب وطغيان.
وبعد الفن التشكيلي والنصوص الأدبية الشعرية والقصصية، كان لابدّ من وقفة مع المسرح الذي تمثّل بسكتش مسرحي بعنوان “من تكون” أعده وأداه باقتدار كلّ من الفنان المسرحي الشاب الواعد عز الدين أبو حويلة والفنان المسرحي الشاب الواعد محمد وليد، وقد حمل هذا العمل في طياته الكثير من المعاني والإشارات، وهو المعتمد على الضمير الباقي فينا على قيد الحياة، إذ جمع بين الخال والعم متوقفاً بعمق عند الحنين للأم ، ليشكلوا جميعاً بذلك مظهر وجهنا العربي.. مكاناً وزماناً وحالة.
ليلي ذلك كلّه فقرة الموسيقى والغناء، التي أحياها عزفاً على العود الموسيقار طه المغربي، الذي امتاز بسلاسة العزف وعذوبة الأداء، في حين غنى بعض أغاني فرقة العاشقين والتراث الوطني الفلسطيني الفنان الملتزم حسين الهندي، ابن مخيم حطين والمعبّر بوجهه المعفر بحنطة الأرض الطيبة وصوته المجلجل المغرد، عن القضية وأحلام العودة، وهو يذكرنا بأغاني الثورة وجرحات وتطلعات اللاجئين.
مسك الختام كان بصعود المشاركين على خشبة المسرح التي كُرموا عليها بشهادات شكر وتقدير، لينشدوا بشكل جماعي نشيد الختام والعروبة.. نشيد (موطني) منهين بذلك فعاليات هذا المهرجان الإبداعي العربي، وقد شارك فيه الأردني والفلسطيني والسوري والعراقي، مؤكدين على وحدتنا إبداعياً، كما نحن تاريخاً وآمالاً وطموحات.
البيت الأدبي للثقافة والفنون ينظم مهرجانه الإبداعي لموسم الربيع
18