ثلوج تغمر الشوارع!/ فهد الخيطان

بلغت دقة التنبؤات في أحوال الطقس بالأردن حد تسمية الأحياء التي ستتساقط عليها الثلوج وتتراكم يومي الخميس والجمعة، ولم يبق عليهم سوى تقدير الكميات على مستوى الشوارع والمنازل.
واستنادا لهذه التقديرات الصارمة استنفرت أجهزة امانة عمان والبلديات وأعلنت حالة التأهب القصوى منذ يومين. وتصدرت صور الجرافات وكاسحات الثلوج وهى تستعد للانقضاض على الشوارع، المواقع الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي.
ومع استمرار تدفق الأخبار بغزارة في وسائل الإعلام عن الثلوج ومايرافقها من صور أرشيفية، يشعر الناس أن الثلوج تتساقط بالفعل وتغمر الشوارع وتسد أبواب منازلهم. ثلوج افتراضية لا أكثر ولا أقل.
مرت ليلة الخميس وصباح الجمعة ولم نشهد أثرا لتلك التوقعات. امطار غزيرة بين الحين والآخر، مع زخات خفيفة من الثلوج على المرتفعات العالية جنوب المملكة.
يحدث هذا للأسبوع الثاني على التوالي، فقد تأهبنا الجمعة الماضية وخَزن الأردنيون أطنانا من الخبز استعدادا للثلوج. أكلوا الخبز ولم تأتِ الثلوج. ونهاية هذا الأسبوع حدث الشيء ذاته؛ التزم الناس بيوتهم، وناموا على وعد بصباح أبيض ثلجي.
نشاطات وفعاليات عديدة تم تأجيلها تحسبا من إغلاق الطرق من بينها مؤتمر مهم لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ناهيك عن مناسبات اجتماعية.
ورتب إعلان حالة الطوارئ في مؤسسات خدمية نفقات إضافية ودواما كاملا لطواقم العمل في انتظار الثلوج، وغرف عمليات تعمل على مدار الساعة في”الداخلية” ومديرية الدفاع المدني والمستشفيات الحكومية. جميعها استندت في خططها لمعلومات مراكز متخصصة في رصد أحوال الطقس.
حتى ساعة كتابة هذا المقال “ما بعد ظهر يوم الجمعة” ما تزال مراكز الرصد خاصة موقع “طقس العرب” متمسكة بتوقعاتها؛ ثلوج متراكمة على مرتفعات عمان الغربية وشمال المملكة تمتد ليلا لمرتفعات الشراه جنوبا.
لكننا في الحقيقة لانعلم ما الذي ستكون عليه الحالة الجوية خلال الساعات القادمة استنادا لرواية هذه المراكز، فهناك تنبؤات لمراكز عالمية تفيد بسقوط الأمطار دون ذكر للثلوج.
اللافت حقا ليس عدم دقة التنبؤات لفترات زمنية طويلة، بل الإخفاق في تقدير حالة الطقس لعدة ساعات قادمة، وتأخر وصول المنخفضات مقارنة مع التوقعات لأكثر من 24 ساعة.
هذا لايحدث في دول متقدمة أبدا،فقد وصلت دقة التنبؤات بحالة الطقس حد اصدار تقويم سنوي للأيام الممطرة والمشمسة، ومواعيد العواصف الجوية والأعاصير.
نأخذ على ساستنا ومسؤولينا ومراكز الدراسات عدم قدرتهم على التنبؤ بالتطورات السياسية من حولنا وغياب الخطط المستقبلية للتعامل مع التقلبات العالمية والإقليمية.قد يكونون ملامين فعلا لكن لتنذكر أننا نفشل في قراءة الخرائط الجوية والتنبؤ بأحول الطقس لساعات قليلة مقبلة،فكيف لنا أن نفلح بإنجاز مهمات اكبر في ميادين لاتتوفر فيها خرائط علمية وصور دقيقة للفضاء من حولنا.نفشل في قراءة حركة الغيوم فوق رؤوسنا،ونطلب من ساستنا قراءة المستقبل؟!
على كل حال مادام موضوع التنبؤات الجوية مزادا مفتوحا فمن حقنا كمواطنين أن ندلو بدلونا أيضا. انا شخصيا لا أتوقع ثلوجا متراكمة ربما زخات خفيفة مع أمطار غزيرة على فترات.
قد لاتصدق توقعاتي أبدا، ما المشكلة إن فقدت مصداقيتي في مجال التنبؤات الجوية؟المشكلة هي في المراكز العريقة التي كادت أن تفقد مصداقيتها.

شاهد أيضاً

لمن المنابر؟* بشار جرار

عروبة الإخباري – يعاني البعض جراء سوء الحظ أو التقدير من ظاهرة اختطاف المنابر. لكن …

اترك تعليقاً