عروبة الإخباري – انتقل إلى رحمة الله تعالى مساء أمس الأول علامة اللغة والأدب والفقه وأصوله فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي بعد حياة حافلة في نشر العلم والمعرفة، وإلقاء الدروس والخطب في شتى المجالات بكل الوسائل والطرق،لا سيما عبر برامجه الإذاعية.
نشأ الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد بن سليمان الكندي في بيت علم وفضل، فنهل من موارده الصافية، فجده لأمه هو العلامة سعيد بن أحمد الكندي، حفظ الشيخ إبراهيم الكندي القرآن الكريم وعمره لم يتجاوز العاشرة فقد اعتنت به والدته الشيخة أصيلة بنت سعيد الكندية التي يقول عنها “والدي سعى إلى تحفيظي القرآن الكريم منذ صغري فحفظني نصف القرآن، ثم توفي، كذلك والدتي كانت تحفظ القرآن عن ظهر قلب فكانت تقرأ وأنا أردد خلفها حتى حفظت القرآن الكريم كاملا”.
ويقول عنها كذلك: “كنت أتابع حفظ وتسميع لامية الأفعال عن طريق والدتي رحمها الله حتى أتقنتها”، بدأ الشيخ إبراهيم الكندي طلب العلم في مدينته نزوى وعمره سبع سنين، وتلقى العلم على يدي العلامة سعود بن أحمد الإسحاقي وعند أخيه العلامة يحيى بن أحمد الكندي، ثم عين مدرسا في ولاية المضيبي.
واصل دراسته واكملها في الحرم المكي، ثم في جامعة الإمام محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية، فنبغ في النحو وعلوم الآلة، وتعمق في أصول الدين والشرع والفقه والفتوى، وأبدع في النظم بغرر فرائد، وكانت جذوة تلك العلوم كلها مسارات مجتمعه الأسري ومرجعياته الكامنة في المدارس النظامية ومعاهد الجوامع في كل من المدينة المنورة ومكة المنورة بمثل ما تكلل ذلك في الجامعات وكليات الوعظ والإرشاد، وحلقات الجوامع منذ دراسته المبكرة فيها، وتخرجه منها، وحصوله على أعلى المراتب العلمية أستاذًا مساعدًا، فمشاركًا، فأستاذًا مكتمل الأستاذية، حيث حصل على شهادة الدكتورة في من الجامعة نفسها في سنة ١٤٠٨ هجريا الموافق ٢٢/٧/١٩٨٨م، وكان ذلك في سابقة مميزة سجلها له التاريخ الوطني العماني، ونال إثريهما وسام الاستحقاق الرسمي في الثقافة والعلوم من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
وللشيخ إبراهيم بن أحمد الكندي مجموعة من المؤلفات منها “الاستثناء عند الأصوليين”، و”القياس الشرعي بين الإثبات والإنكار”، و”إجماع أهل المدينة، نوعه وحجيته”، و”الإسلام دين العدالة والسماحة والرحمة”، و”القرآن الكريم حجة الله البالغة”، و”الأدلة الاجتهادية”، و”القصاص في الإسلام”، و”الأسرة في القرآن الكريم”.
من جهود الشيخ إبراهيم بن أحمد الكندي في نشر العلم والمعرفة وتبصير الناس بأمور دينهم ودنياهم إمامة الناس في صلاة الجمعة، وصلاة العيدين في نزوى، وإلقاء دروس علمية في جامع المهلب بن أبي صفرة في مسقط، وكذلك إلقاء الدروس والمحاضرات في العديد من الأماكن، وله الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية منذ عام ٢٠٠٠م ناهزت حلقاتها على أربعة آلاف حلقة.
أطلق سماحة الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري المفتي السابق على الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي طناجة العرب لغزارة علمه في علوم العربية، ووصفه الباحث محسن بن حمود الكندي بأنه “عميد السلك الفقهي والشرعي واللغوي الحديث في بلادنا، ينسل من سلالة مدرسة عمانية صرفة تليدة، يندرج فيها كبار فقهائنا وأدبائنا وعلمائنا ونحويينا، شأن العلامة المحقق بدر الدين الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، وقبله مفتي الديار العمانية الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري، وبعده الشيخ النابغة المجيد كهلان الخروصي، ومن سار على دروبهم برؤية الاعتداد والوسطية، شأن أقرانه الكبار الذين تتربع على قممهم أسماء كثيرة؛ ليس أقلها الشيخ سعيد بن ناصر بن عبدالله الكندي، وإبراهيم بن سيف الكندي، والشيخ يحيى بن أحمد الكندي، والشيخ سعيد بن أحمد الكندي، والشيخ خلفان بن جميل السيابي، والشيخ سعيد بن خلف الخروصي، والشيخ سالم بن حمود السيابي، وسائر قضاة المرحلة الحديثة”.
وقد تلقت جامعة السلطان قابوس خبر وفاة فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي الذي يعد أحد أبرز علماء السلطنة والأمة الإسلامية وقد عمل المغفور له في قسم العلوم الإسلامية بكلية التربية في المدة من 1 سبتمبر 1995 إلى 30 يونيو 2007م، ولمدة اثني عشر عاما، كان رحمه الله واحدا من العلامات البارزة في كلية التربية وقد ترأس قسم العلوم الإسلامية ثلاث مرات كما أشار بذلك الدكتور علي بن هلال العبري أستاذ مساعد بالقسم والذي قال أيضا بأن المرحوم كان واحدا من البلغاء إلى درجة أن أحد شيوخ العلم منحه لقب “صناجة العرب”.
رحم الله فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي وأسكنه فسيح جناته.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.