عروبة الإخباري – كشفت مصادر صحفية غربية عن دعم السعودية بشكل رسمي لجمعية “أوقفوا التطرف” التي يعتبر أبرز ناشطيها من المعادين للإسلام.
وقالت المصادر إن الجمعية حصلت على تمويل سعودي كبير، في إطار محاولاتها المحمومة لحصار قطر وتأجيج الرأي العام بأوروبا والعالم ضدها، وبمنطق يمكن وصفه بعدو عدوي صديقي.
وذكرت صحيفة دي تاغستسايتونغ الألمانية أن النمسا تشهد جدلا واسعا على خلفية اتهامات بتقديم السعودية أموالا طائلة لجمعية أسستها شخصيتان ألمانية ونمساوية مثيرتان للجدل، هما سيريان أطيش الناشطة الألمانية ذات الأصل الكردي، وأفغاني دونميتس السياسي النمساوي من أصل أفغاني، بهدف مكافحة التطرف.
التمويل السعودي
وأوضحت الصحيفة أن اتهامات التمويل السعودي باتت تلاحق مسؤولي الجمعية خاصة ان مصطلح التطرف الذي تستخدمه الجمعية هلامي، ويبدو موجها بالأساس ضد كل الإسلاميين، سواء كانوا مؤمنين بالعنف أو رافضين له.
وأسس الناشطان جمعية “أوقفوا التطرف” بهدف جمع مليون توقيع في سبع دول أوروبية على الأقل، لمطالبة المفوضية الأوروبية -حسب القوانين- بإصدار قواعد جديدة تسد الثغرات بمكافحة التطرف، وتطبيق عقوبات صارمة ضد الأشخاص والمؤسسات المشتبه بتطرفهم، وضد مموليهم والمتعاطفين معهم، حسب ما تقول الجمعية.
واقترحت الجمعية لهذا الغرض جملة قوانين، منها منح علامة جودة وتميز للشركات والمؤسسات ذات الجهود الواضحة بمكافحة التطرف، ووضع الأفراد والمؤسسات المشتبه بتطرفهم في قائمة سوداء، وفرض غرامة عليهم تصل إلى 20 مليون يورو، وتسهيل رفع دعاوى قانونية ضدهم من جانب “ضحايا التطرف”.
وتعتبر أطيش الوجه الألماني لجمعية “أوقفوا التطرف”، وأثارت قبل شهر من تأسيس الجمعية جدلا واسعا بألمانيا بتأسيسها مسجدا حمل اسم “ابن رشد-غوته” الذي حظي باهتمام إعلامي ودعم سياسي واسعين من وسائل الإعلام الأوروبية.
ووصف هذا المسجد -الذي يشير اسمه إلى الفيلسوف الأندلسي ابن رشد وأمير شعراء ألمانيا يوهان فولفغانغ غوته- بالكاسر للمحرمات بعد إعلانه أن أبوابه مفتوحة للسنة والشيعة والصوفيين والعلويين والشواذ جنسيا، وأن إمامة الصلاة فيه لرجل وامرأة معا، وأن الرجال يمكنهم الصلاة بملاصقة النساء.
كما عمل دونميتس المؤسس الثاني لسنوات في حزب الخضر النمساوي، وخرج منه في مايو الماضي إثر تصريحات وأنشطة أثارت جدلا عندما أيد ترحيل الأتراك المؤيدين للرئيس رجب طيب أردوغان من النمسا، وأظهر خلالها دعما لمنظمة الهوية الأوروبية اليمينية المتطرفة.
وانضم دونميتس لحزب الشعب اليميني المحافظ ووصل على قائمته إلى البرلمان النمساوي بالانتخابات التي جرت منتصف الشهر الجاري.
من جانبه، وصف الصحفي الليبرالي الأوروبي ألان بوسنر الجمعية بأنها “مكارثية جديدة” موجهة ضد المسلمين بأوروبا، وتهدف لاستغلال مكافحة التطرف بتبرير إجراءات غير ديمقراطية، مشيرا بذلك إلى حملة المكارثية التي لاحقت الشيوعيين في الولايات المتحدة خلال ستينيات القرن الماضي.
استهداف قطر وتركيا
وأشار بوسنر إلى أنه من اللافت اتهام الجمعية على موقعها الإلكتروني لتركيا وقطر تحديدا بتقديم تمويل كبير لمنظمات متطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين، وتحميل البلدين مسؤولية مقتل 293 شخصا في أوربا عامي 2015 و2016 بسبب هجمات إرهابية.
واستغرب الصحفي الألماني هذا الاتهام لقطر وتركيا، دون الإشارة بكلمة واحدة إلى السعودية أو التيارات السلفية التي تدعمها!.
توصية راند
ويرى مراقبون أن دعم السعودية لجمعيات غربية مناهضة للإسلام يندرج في إطار ترجمتها العملية لتوصية مؤسسة “راند” RAND “المدعومة من المؤسسة العسكرية الأمريكية التي دعت لبناء شبكات مسلمة معتدلة في أوروبا بشأن التعامل مع المسلمين، تهدف أساساً لبناء شبكات تهدف لإضعاف تمسك المسلمين بدينهم.
وتطرح التوصية الصادرة في صيغة تقرير أفكارا جديدة للتعامل مع المسلمين وتغيير معتقداتهم وثقافتهم من الداخل تحت دعاوى “الاعتدال” بالمفهوم الأمريكي، كما تطرح الخبرات السابقة في التعامل مع الشيوعية للاستفادة منها في محاربة الإسلام والمسلمين ودعم والترويج لنسختها للمسلمين المعتدلين!.
المسلمون المعتدلون:
ويحدد التقرير بدقة صفات المعتدلين المطلوب التعاون معهم -بالمواصفات الأمريكية- بأنهم هؤلاء الليبراليون والعلمانيون الموالون للغرب والذين لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية ويطرح مقياسًا أمريكيًّا من عشر نقاط ليحدد بمقتضاه كل شخص هل هو “معتدل” أم لا، ليطرح في النهاية -على الإدارة الأمريكية- خططًا لبناء هذه “الشبكات المعتدلة” التي تؤمن بالإسلام “التقليدي” أو “الصوفي” الذي لا يضر بمصالح أمريكا والغرب بشكل عام، خصوصًا في أطراف العالم الإسلامي (آسيا وأوروبا).
ضبط الإسلام:
الأكثر خطورة في تقرير راند أنه يدعو لما يسميه ضبط الإسلام نفسه – وليس “الإسلاميين” ليكون متمشيًا مع “الواقع المعاصر”. ويدعو للدخول في بنيته التحتية بهدف تكرار ما فعله الغرب مع التجربة الشيوعية، من خلال تغيير ثوابت الدين ومعتقداته، كإمامة المرأة في الصلاة، والسماح للرجال بالصلاة ملاصقة بالنساء.
ويدعو التقرير الحالي إلى بناء شبكات مسلمة معتدلة، ويبدو أن الهدف يتعلق بتغيير الإسلام نفسه والمسلمين ككل بعدما ظهر لهم في التجارب السابقة أنه لا فارق بين معتدل ومتطرف وأن الجميع يؤمن بجدوى الشريعة في حياة المسلم، والأمر يتطلب “اللعب في الفكر والمعتقد ذاتهما”.