الوضع خطير جدا، ينبغي أن يخرج للناس مسؤول كبير جدا، ويقول؛ اطمئنوا الأردن باق ومكانته في الإقليم محفوظة!
المَوّال السخيف ذاته يتردد من جديد؛ إذا لم نمد أصبعنا في أزمة الحريري، والدم السوري، وندخل في تحالف ضد إيران، ونهاجم قطر، ونساوم من وراء ظهر الفلسطينيين على حقوقهم التاريخية فنحن بلا دور أو مكانة في الإقليم.
الأردن رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، لكن منظومة العمل العربي برمتها منهارة ولا قيمة أو دور لها، ولا يستطيع الأردن أن يغير شيئا في هذا الوضع. هل تذكرون محاولات الحسين رحمه الله إنقاذ المنطقة من حرب كارثية بعد الغزو العراقي للكويت؟ لقد فشلنا حينها رغم نوايا الحسين الطيبة ومع ذلك وضعنا التاريخ في خانة ضيقة.
لقد ارتبكنا قليلا مع بدايات الأزمة في سورية، ثم استعدنا توازننا، وها نحن اليوم في المكان الصحيح؛ نحمي أمننا الوطني في العمق، ونحارب الإرهاب، ونعمل من أجل سورية موحدة أرضا وشعبا.
مع العراق اتخذنا الموقف الصحيح رغم سياسات الحكومة السابقة. اليوم نتمتع بعلاقات ممتازة مع حكومة العبادي، ونشرع في التأسيس لمشاريع مشتركة.
لسنا مسؤولين عن الأزمة الخليجية، لديهم مشكلة مع أنفسهم، وأفضل ما يمكن أن نفعله في مثل هذه الظروف أن نتجنب المرور في الأجواء الخليجية المضطربة.
قبل عقدين من الزمن كان التطبيع يمضي بين دول خليجية وإسرائيل، ثم تراجع قليلا، والمرجح انه نشط هذه الأيام. في الحالتين لم يتأثر الأردن، ولم يفقد دوره. ليس صحيحا أننا جسر للتطبيع بين الطرفين، ثمة ملفات ومصالح أخرى عبّدت الطريق، أخر هذه المصالح الصراع مع إيران.
الأردن لم يدع يوما أنه في حالة صراع مع إيران. يتحفظ على بعض سياساتها وسلوكها في المنطقة، ويسعى لعلاقات طيبة معها ضمن قواعد وأسس واضحة. وليس سرا القول إنه يجامل الدول الخليجية أحيانا في مواقفه من إيران.
دور الأردن في الصراع العربي الإسرائيلي ليس وظيفيا. انتهت تلك النظريات مع الإقرار العالمي بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس المحتلة، واعتراف القوى الكبرى والأمم المتحدة بهذا الحق. وانتهى ذلك من قبل، يوم أكد الشعب الفلسطيني تمسكه بأرضه، وحسم الأردن خياراته التاريخية.
حقائق الديمغرافيا والتاريخ تجعل من المستحيل على أي طرف تخطي دور الأردن في ترتيبات الحل النهائي غير الوارد في الأفق أصلا.
السنوات السبع العجاف التي مرت بها منطقتنا منحت الأردن الهوية، والنظام والدولة شرعية جديدة تضاف لنحو قرن من الزمن على عمر الدولة.
يتعين على النخب الأردنية أن تغادر مربع القلق والخوف والتطير مع كل حركة يشهدها الإقليم. حتى وقت قريب كنت ميالا مثل كثيرين للتحذير من “سايكس بيكو 2″ في المنطقة. اليوم وبعد فشل استقلال إقليم كردستان، واستعادة الدولة العراقية لدورها، وتمسك السوريين بوحدة بلادهم وفشل محاولات تقسيمها إلى ولايات و”خلافات” طائفية ودينية، أعتقد أن فكرة التقسيم خسرت معركتها، وأن شعوب المنطقة أدركت أكثر من أي وقت مضى أهمية الدولة المركزية الديمقراطية.
الأردن كان في الأصل خارج معركة التقسيم والإحلال، وتجاوز العاصفة قبل أن تضربه، فما الذي يدفعنا إلى القلق اليوم من بضعة مغامرين يتوهمون دور الفاتحين في المنطقة؟