خارطة التحالفات الاقليمية برعاية الكوماندوز بقلم: وصال أبو عليا

الاتفاق الذي تم بين الامارات ودولة الاحتلال تجاوز التطبيع التقليدي واخترق حتى الثقافة والوعي الجمعي العربي، فمن جهة التطبيع هو أول بنود هذه العلاقة التي باتت تطفو على السطح بشكلها العلني دون غصة في ضمير القيادة الاماراتية بأنها كشفت ظهر القيادة الفلسطينية وتركتها تواجه عدوا شرسا يحظى بغطاء الادارة الامريكية الحالية بساق واحدة.
وبعد سنوات قليلة سيُدجن الوعي العربي بمضمونه الأساسي وسلوكه تجاه الآخر، ليصبح كمن يسير في حقل للألغام وسعيد بسنتيمترات محدودة يتجاوزها، ليعود مرة اخرى للمربع الأول.

لا يروقني القول بأن تفكير دولة الامارات بأنها ستحقق مكاسب اقتصادية من وراء هذه الصفقة، لأنها ليست بحاجة لشيء من دولة الاحتلال إنما الأخيرة من تحتاجها وستمتص دمها.

الأردن الشقيقة كذلك ستدفع ثمن هذا الاتفاق بين الامارات ودولة الاحتلال، ما يعني انها ستفقد دورها الوظيفي المتعلق بكونها شكلت على مدار السنوات الماضية جدارا مانعا يحول دون دولة الاحتلال ودول النفط، ومع هذا الاتفاق باتت المنطقة مكشوفة لأقدام الصهاينة.

الآن وإن تخطينا المفهوم التقليدي لهذا الاتفاق فإنه سيؤول إلى إعادة ترسيم خارطة التحالفات الإقليمية في المنطقة برعاية الكوماندوز الأمريكي الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة أن يثبت قواعد في الشرق الأوسط مناصرة لدولة الاحتلال ولا تشكل تهديدا لها وبشكل آخر حبل نجاة لنتنياهو في ظل أزماته المتلاحقة، ما يعني أن الاتفاق مع الامارات شكل اختراقا في الموقف العربي الذي لطالما تغنى بمبادرة السلام العربية التي تنص على احقاق الحقوقية الفلسطينية بدءا من انهاء الاحتلال على أراضي عام 67 واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وبعد كل ذلك يكون هناك تطبيع عربي اسرائيلي وليس العكس.

أكاد أجزم أن التصريحات الأخيرة التي صدرت عن السودان والبحرين وعُمان ودول أخرى أعربت عن عدم معارضتها للاتفاق، ستذهب لاهثة لدولة الاحتلال لتوقيع اتفاق معها ضمن هذا التحالف الاستراتيجي الجديد، وهنا لم يعد هناك ما يطلق عليه دول الاعتدال في الساحة العربية فقد تطور هذا المفهوم كثيرا، وسنشهد قواعد عسكرية اسرائيلية وأخرى أمريكية على امتداد وطننا العربي، ولن نقبل نحن الفلسطينيون بدغدغة مشاعرنا بأغاني وين الملايين وغيرها مما تربت عليه الأجيال، لنستفيق على ذعرنا من “سجل أنا عربي”، ذهب فخرنا أدراج الرياح.

ورغم كل هذه المعطيات والواقع الذي بات أكثر وضوحا الآن، ما زلت أعوّل على الشعوب العربية التي ان نهضت قلبت المعادلة، وأراهن كذلك على وعينا الفلسطيني وتكلله بالوحدة لنكون يدا واحدة في مواجهة التحديات التي تتعاظم يوماً بعد آخر.

شاهد أيضاً

رسائل بالأسلحة وردود راشدة* د.منذر الحوارات

عروبة الإخباري – غرق شهر نيسان هذا العام بالترقب والتوجس وتوقع ما هو أسوأ وربما …