عروبة الإخباري – ميعاد خاطر – مثل الاف المواطنين من أهالي الرصيفة المقهورين الذين لا يملكون إلا الانتظار ، تغطيني حالة من الحزن والغضب والقرف والذي يأخذ النوم والعافية.
فالذي يسكن الرصيفة في الأحياء القريبة من اوتستراد الزرقاء والذي يمر من خلالها لا يخفق قلبه حبا ولا إحساسا، ولكنّه يرى البؤس ويعيش لحظات من الألم والضيق والأذى لمجرد المرور.
كنت وأبنائي في زيارة لصديق يقطن المنطقة الموبوءة بهوائها وأرضها، ولم يكن عنوان بيته واضحا، فتوقفت أمام مسجد الحي لسؤال مسن يحاول قطع الشارع، فصرخ أبنائي بهتاف واحد !! ” من شان الله أسرع”وهم يهزون كتفي .. ضحكت قليلا .. لأنني اعتدت على الرائحة النتنة التي تزكم الأنوف، ولكنني أشفقت كثيرا على صديقي وعلى سكان المنطقة الذين يعانون الألم والضيق والأف المُفضي إلى الذبحات الصدرية والموت المفاجئ ،عدا عن اغلاق الشبابيك الدائم في صيفهم القادم الذي لا يشبه جوّه جوّ المناطق الأخرى.
أذا لم يكن هذا هو الإرهاب فلا وجود للإرهاب أبدا.
اتحدث عن مخلفات مصنع الخميرة التي تُفرغ في الأراضي المواجهة للمناطق السكنية عبر أنابيب مزروعة في الأرض لتسقي شجر حرجي يعشعش الدود فيه.أتحدث عن الاعتداءات المستمرة وبموافقة الحكومات المتعاقبة وعبر السنيين الكثيرة على صحة المواطن ، حتى رفعت درجة حرارته إلى أربعين درجة لتؤدي إلى موته أو تولد لديه حالة من القهر نتيجة استمرار بث هذه السموم.
ينظر المستفيد بشغف الى صعود أرباحه في البنوك ويكتفي انتظار تشييع المواطن! ما هو موقف الحكومة التي تقدم الخدمات والتسهيلات لهذا المستفيد ليصل إلى المكان الذي يجعله لا يسمع ، ولا يحركه شيء باتجاه الأمام أو الوراء.
أشعر بالإحباط لأن كل الوعود المفضية إلى الحل الذي يرضي الطرفين أوقفت أو جرى اجهاضها، والسنين التي طالت حتى شاخت وقوائم المرضى المتزايدة التي تأملنا اغلاقها جاءت الآن مرة اخرى بالهوان والسراب.ليصدق القول بالوعود هنا “المية بتكذب الغطاس”.
رؤية حالنا ونحن أمام جدار اليأس جريمة،و سيكون له ثمنا باهظا وعلى الحكومة أن تدفعه قبل ان ندفعه لأنها السند والداعم ولأن الضحية لا يجوز ان يدفع الثمن مرتين.
لا اطالب بانتفاضة ،حتى لا يختلط الحابل بالنابل، أطالب بالعودة الى الحوار وكف الغضب وامتصاص كل تشنج.
فالرصيفة كانت الأجمل في عيون أهلها وسواعد ابنائها جميعا ،لا يليق بها الوجع والاصفرار، لذلك نشد على الجرح والألم والمرارة والجوع وننظر الى الأمام وسيكون من بيننا نفر يخشى الوطن ويحس بمصلحة الشعب.
بقيت الرصيفة في قلب جلالة الملك عبدالله الثاني وفي وجدانه رغم تهميش نوابها عبر المجالس السابقة وادارة الظهر لها، إلا أن جلالته اعاد للرصيفة القها بطلته البهية و بنفسه الذي يرد الروح حين أمر بمكارمه الهاشمية التي اسعدت أهالي الرصيفة الذين هتفوا بحب القائد والتفافهم حوله.
حبي للرصيفة يجعلني احب الذين يحبونها ويسهرون على جمالها وديمومة شبابها، ولذا اعتبر الذي يقلق راحتها ويؤذيها سجان… فحسبنا الله ونعم الوكيل.