عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب – انه الحبل السري كما يسميه ماجد الساعدي ، وهو الشريان الذي يصل النفط العراقي الى الكنانة مصر المحروسة على ضفاف النيل ، انها الفكرة الحلم التي سعى الدكتور ماجد الساعدي رئيس مجلس الاعمال العراقي ورجل الاعمال متعدد المواهب والمشاريع الى ترجمتها وتجسيدها منذ عرض الفكرة لوصل العراق بالاردن من خلال النفط ، فحين توزعت العرب وانقسمت خلف حدود سايكس بيكو، وتشطرت كما قطع الفسيفساء في اطارها من المحيط الى الخليج ، وسطت عليها عوامل الفرقة والاختلاف والاحتماء بجدران القطرية الضيقة ، استمرالتشطير ولم يحسن العرب حتى خدمة المقسم من دولهم ، فلم ينهضوا بالدولة الوطنية (القطرية)،ولم يخلصوا في بنائها ، لتكون سبيلهم الى الوحدة والتكامل وتكون حجر الاساس للبناء القوي الاكبر ، بل انهم ازدادوا فرقة حتى جائهم الربيع العربي الذي حمل اسمهم فكان كالريح العاتية التي اقتلعت ماتبقى من اعمده واوتاد النظام العربي ومنعة أمته وأصبحو في مهب هذه الريح وكأنهم وسط وسط الحرائق والمذابح والتطرف والقمع والتنكيل لايملكون لانفسهم ضرا ولانفعا.
الدكتور ماجد الساعدي الذي اعياه الواقع العربي وترديه لم ييأس بل واصل قرع الباب واشعال شمعه الامل داعيا الى النهوض وتغميد الجراح ونفض غبار التخلف ،والتخلص من الارتهان للماضي، وراح يبشر لفجر جديد تحل فيه المصالح المشتركة، والمشاريع الناظمة للعلاقات والجغرافيا والتاريخ،فالناس تلتقي على مصالحها وبما يقدم لها الخير ولذا فان من البديل لعناصر الاختلاف هو عناصر الالتقاء ،التي يجد المواطن العربي له فيها مصلحة .
هناك عوامل جامعه عديدة تحتاج الى احياء وبناء، وهناك ايضا عوامل اقتصادية واجتماعية واذا كانت المسالك في العلاقات البينية العربية اصبحت وعرة،فان الافكار الاقتصادية المشتركة ستسهل دروب الاتصال والربط ، مثل مشروع الربط الكهربائي العربي الناجح، وكذلك مشاريع تكاملية اخرى حتى لاتبقى المراوحه في نفس المكان.
الدكتور الساعدي ممن امنوا بكسر الحلقات المفرغة ، وطرح أفكاره عبر مشاريع مشتركة عابرة للحدود العربية فكان لديه فكره ربط العراق بالاردن، عبر انبوب نفط يبدأ من البصرة ليصب في مصفاه الزرقاء ويصل الى العقبة، وهو اليوم يرى أن هذه الفكرة قابلة للتطبيق ومحفزة للحكومات ورجال الاعمال، وهي تؤكد على مزيد من العلاقات الطيبة بين البلدين حين تكون لحمتها المصالح المشتركة و الارتباط العضوي ، وغير الكهرباء والنفط هناك مشروع الجسر العربي الناجح بين مصر و الاردن والعراق وهناك مشاريع عدة اقرها مجلس التعاون العربي ، ومجلس الوحدة الاقتصادي الذي أقر قبل اكثر من ربع قرن ولكنه جمد وتلاشى في حين اثمرت الافكار التي جاءت بعده في اوروبا ،في الاتحاد الاوروبي ومثل ذلك كثير في دول العالم التي عبرت عن نفسها بعلاقات اقتصادية ناجحة وبكتل صلبة حملت العديد من الدول لتصبح في قائمة الدول الكبار ،والدكتور ماجد الساعدي عبر عن افكاره بشكل واضح وجلّي وموضوعي في مقابلة لاتعوزها الصراحة مع صحيفة الاهرام المسائية في القاهرة وقد أجرت الحوار معه احدى الصحفيات “فاطمة العربي”قبل ايام وفي الثاني من شهر ايار الجاري عام 2017 فماذا قال ماجد الساعدي ولماذا اراد ان يبقى في موقع الرياده في طرح افكاره والتبشير بها ولماذا مصر الان للربط الذي يستفيد من تحسين العلاقات المصرية العراقية وخروج مصر الى فضاء أوسع في علاقاتها العربية الدولية ؟ فمصر اليوم عند ماجد الساعدي هي افضل لما كانت علية بداية الربيع العربي الذي اصابهاولولا حب المصريين لبلدهم وامساكهم بهويتها وتاكيدهم على عروبتها لذهبت مصر الى حيث يرغب اعداؤها.
اذن مصر اليوم أفضل كما ان الدكتور الساعدي يعتقد ايضا أن العراق الذي كابد الارهاب والتمزق والعنف والتقلبات الصاخبة والولاءات المتناحرة هو أقرب الى الاستقرار وهو افضل لما كان عليه من قبل .
ولذا فان شفاء العراق شرط لقدرته على مد الشريان النفطي أو الحبل السري ، حيث تحتاج مصر الى النفط وتتطلع اليه، كعامل من عوامل التنمية والتقدم .
ظل الدكتور ماجد الساعدي يراهن على القطاع الخاص وشركاته وعلى رجال الاعمال العرب النشيطين، ورغبتهم وارادتهم في الاستثمار في بلدانهم وظل يرى ان ذلك ممكنا ان توفرت البيئات الاستثمارية والتنموية والقرارات السياسية الوطنية .
ولذا فان الدكتور “ماجد الساعدي” وهو يغامر في عرض طروحاته الواقعية يرى ان المناخ مناسب الان لزراعه الافكار وانفاذها و الاقتناع بها وان هذا الربط الاقتصادي الاجتماعي التنموي هام جدا ، لأكثر من سبب قد يطول المقام لشرحها.
الساعدي كما قلت رجل استثمر في تعليم الطيران والتدريب عليه و الجامعات واختيار افضل المعايير لها ،وفي شراكات اخرى في الفندقة ونشاطات اخرى لكنه ظل مهموما دائما بتعليم افضل في العالم العربي ،يجعل المتعلمين اكثر قدرة على الولوج الى الحياه وأسرع في التمكن والاحتراف وتأدية العمل ،ويرى ان التعليم المعاصر الذي يدعو اليه لابد ان يعتمد على نقل التكنولوجيا والاستفاده منها وجعلها السلاح الافعل وهو يريد للعالم العربي ان يلحق بركب الحضارة وهذا لن يأتي الا بتوظيف التكنولوجيا وتوظيفها والاستثمار فيها ،ومن هنا يوظف الدكتور الساعدي أفكاره ويروج لها ويلتقي عبر الجامعة العربية المفتوحه مع كبار الاكاديميين والمستثمرين المصريين ليدخل الى حقل التعليم المصري الواسع والمتعطش للمعرفة التكنولوجيا والتطوير ، ولانه رجل لديه احساس قوي بأمته ورغبته في ان تلعب دورها بين امم العالم من موقع الرياده والشراكة، فقد اختار مصر الكبيرة والرائده ليطلق دعوته منها ويدعو المغتربين العراقيين اللذين ضاقت عليهم الارض العربية بما رحبت ، ليعودوا الى احضان وطنهم العربي ومايزيد على خمسة ملايين عراقي بينهم مئات الالوف من العلماء والباحثين والمستثمرين والعباقرة من مهندسين وأطباء افذاذ،انه يريد استدراجهم ودعوتهم لاعلى طريق الشعارات السياسية التي كانت ترفع دون ان توفر للعائدين اسباب البقاء والاحتضان ، ولكن على قاعدة عملية في ان يساهم القطاع الخاص والدولة من احتضان الافكار وترجمتها وتسهيلها.
فالعراقيون في المنافي يستطيعون العودة ان توفرت لهم اسباب مقنعه لخدمة بلدانهم العربية ولعل مصر الان هي الاكثر استعدادا لمثل ذلك سيما وانها عدلت كثيرا على قوانين الاستثمار والجنسية وبدت راغبة في الاستفادة من كل القادرين .
ان المغتربين العرب الذين هاجروا افرادا من الانظمة السياسية ،او البحث عن العلم اوالفرص أو البيئة المناسبة لابداعاتهم واستثماراتهم يعدون الان بالملايين ،فمن العراق وحدها مايقارب العشرة ملايين ومن سوريا وفلسطين وغيرها من دول عربية عديدة وهؤلاء جرى نسيانهم وتهميشهم ، ولذا تبدأ فكرته من احتواء المبدعين من العراق ومن القادرين على الاستثماروالبناء ولهذا بدا في دعوة الحكومة العراقية لاعادة انخراط المغتربين في الحياه العامة مجددا عبر فرصة أن يقترعو عبر صناديق الانتخاب للبرلمان من مواقعهم في الاغتراب وان يكون لهم تمثيل كاف ووزارات تعنى بهم فهم مورد اقتصادي واجتماعي ولوبيات سياسية واقتصادية هامة اذا ماجرى ربطهم مع الوطن الام في اقطارهم المتعددة .
يراهن الدكتور الساعدي على التحولات الجديدة في العراق حتى وان بدأت اولية او غير ناضجة تماما لانه لايوجد ترف الانتظار حين يكون الوطن بحاجة الى المساعدة وحين يكون المغتربون قد اعياهم الحل والترحال ويرغبون في امداد وطنهم بشكل مباشر ومؤسسي.
ويرى الساعدي أن ما أصاب العراق بعد عام 2003 في مجال الادارة كان كارثيا ، وهو يقدم تفسيرا لذلك ، ويرى ضرورة اعادة تأهيل الادارة العراقية بعناصر متعلمة ،وكفوة بعيدة عن التسييس المباشر ونظام الكوتات ، وان تعتمد المواطنة العراقية سبيلا للتوظيف والكفاءة .
فمصاب العراق جلل ومغتربوها المميزون تستفيد منهم دول متقدمة عبر العالم ، ولذا فان اعمار العراق مازال مستمرا وهو يحتاج ليس اعمارا بالبناء الماديي وانما بالكفاءات والتنمية البشرية المميزه واعادة استيراد ابناءه المغتربيين ليعودوا للأخذ بيده نحو البناء والاعمار والتميز.
ويضرب الدكتور الساعدي امثلة على اسباب هجره الكفاءات وعدم الالتفات لها او العناية بها، حين يقول: كيف يبقى من يصبح راتبه يعادل دولارين وهو استاذ بالجامعه يتفوق عليه سائق التكسي.
ويرى الساعدي وهو محق تماما أن حل الجيش افقد الدستور والقانون حماية كانت قائمه مما شجع الفساد ، والذي استشرى وكذلك السرقة للمال العام وقد شجع الامريكيون على ذلك ليسطروا على البلاد وقد قال الساعدي أنه يعمل رسالة للدكتوراه في العلوم السياسية بجامعة لندن حول هذا الموضوع ، ليكشف كل هذه الابعادحيث واصل المجتمع العراقي الذي عانى الحرب مع ايران تفككه بعد سقوط النظام ، وخاصة اثر غزو الكويت والحصار الذي يتبعه ل(13) عاما .
ويرى ان أوضاع العراق وصيرورتها تؤكد وجود المؤامرة ،وخاصة سلسلة الخطوات التي عاشها العراق ودمرته. ويرى الساعدي تجربة العراق في الهجرة التي مارسها العراقيون مجبرين نتاج اوضاعهم أثناء وبعد سقوط النظام مع التجربة النازية في ألمانيا واليابانية بعد استسلام النظام عام2003، وتشبه دعوته التي تطالب العراقيين في الاغتراب بالعودة للعراق ، بدعوة الراحل رفيق الحريري الرئيس اللبناني للجاليات اللبنانية ، التي هاجرت أثناء الحرب الاهلية الى اللبنان وكان لعودتها الاثر الكبير في اعادة بناء لبنان ومؤسساته.
ويرى الساعدي أن ما يحصن العراق في جانب من الجوانب الاجتماعية الهامة أن وحدة البناء الاجتماعي الاساسية هي القبيله التي فيها سنة وشيعة وهي ليست مقسمة على أسس طائفية وهذا مايجعل العراق تختلف عن لبنان ولذا فان العراق لذلك بعيد عن التقسييم والتخوف هو من تقسيم يعمل عليه الكرد الذي بدورهم يستعملون ورقة الانفصال للابتزاز ولمكاسب يستمرون في المطالبة بها ولن يستطيعون الانفصال لاسباب عديدة .
والقبول العراقي يبتعد عن التقسيم، والمجتمع الدولي لايريد ذلك والمهم هو تاكيد العراقيين على وحدة ترابهم الوطني.
ويعيد الساعدي سؤال ماذا بعد داعش؟ ويرى أن الحل هو في الاقتصاد وانعاش المناطق التي تخلصت بفعل سيطرة داعش والحروب التي اصابتها جراء ذلك، سيما وان البعد الامني قد تحقق في التحرير
ويضرب الساعدي مثالا على تفوق العراقيين وسطوع استثماراتهم في الاردن، ومواقعهم في برطانيا ولذا فانهم اي اللذين في موقع النجاح يستطيعون أن يقدمو للاخرين الكثير .
ويرى أن توجهه في دعواته من خلال مصر والاردن فلأن البلدين هما عمق العراق الاستراتيجي اكثرمن اي جغرافيا عربية اخرى ، ولذا دعا الساعدي الى خط النفط الرابط مابين العراق والاردن والعراق ومصر منذ2006 ويقول”وهذا الخط سيصل قريبا الى شرم الشيخ ليكون بمثابة الشريان في جسد الاخوة ويعيد الامن الاقتصادي المصري معتمد على واردات النفط العراقية ، وهذا امر مستمر ليس فيه انقطاع ، لانه غير مرتبط بقرار سياسي يتاثر بتغيير الحكومات لأن القطاع الخاص هو من يملكه.
ويرى الساعدي أن مستقبل العراق ومصر معا ، ويرى التشابك التاريخي والعمق فيه والذي يصل الى (7)الاف سنة ، ويرى أن مصر اليوم أفضل منها قبل 2014 ، ويرى ان الدواء والعلاج لانقاذ البلدين مصر والعراق مما هما فيه من تعقيدات اجتماعية واقتصادية هو بمزيد من الاستثمار الذي يخلق فرص العمل والامل لدى الشباب ويمتص البطالة الكثيرة بدلا من ان تتجهه الى العمل وليس الارهاب والتطرف.
مقابلة الساعدي فيها مبادره قوية وتستند الى معلومات ورؤية وبعد تاريخي وحوافزاقتصادية بشر بها، وهو يرى أن المناخ لولادة هذه المبادرة وتطبيقها والخروج بها الى الناس تصيب قناعاتهم ويبدأون في الدفاع عنها لما تحققه من مصالح لهم ، ويرى أنه موات.
والساعدي الذي ظل دائما مبادرا وشجاعا يرى فيه خصومه أنه مغامر أو يميل الى الخيال سوف تلتقط الاجيال الطالعه العراقية والمصرية التي عانت بما يكفي كل في اطار دولته الوطنية انه يجيب على اسئلة الشباب في البلدين ويجسد حلما مؤجلا أوهو برسم الامل والتحقيق، وهذا ما أغراني للكتابة عن هذه المقابلة الهامة، التي نتحمس لها نحن هنا في الاردن منذ أطلقها الدكتور الساعدي قبل عدة سنوات وعمل من أجلها رغم الاعاقات الماثلة وتطورات الظروف الصعبة التي شكلت عقبات، مازال الساعدي يؤمن بأنها ستذلل ويكون الانفاذ من خلال قبول التحدي وتحويل العقبات الى فرص.