عروبة الإخباري – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يؤجج التطرف في المنطقة، وسيستمر في ذلك، ما لم نتمكن من إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
وأعرب جلالته خلال مقابلة مع صحفية “الواشنطن بوست” الأميركية أجرتها الصحفية لالي ويموث أن التحدي الرئيس الذي نواجهه هو: هل نحن أمام حل الدولتين، مؤكدا انه من وجهة نظر جلالته لا بديل عن حل الدولتين، ووقف الاستيطان لما يشكله من انعكاسات سلبية على عملية السلام.
وحول موضوع نقل السفارة الاميركية إلى القدس قال جلالته أنه سيكون هناك عواقب لو جاء مثل هذا القرار معزولا عن أية إجراءات أخرى أكثر شمولية، مشيرا إلى أن الرئيس ترامب بدوره أوضح مدى حرصه على إحراز تقدم بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصل لعملية سلام منتجة، وأهمية أن نعمل معا في هذا الجهد.
وحول الإرهاب قال جلالته إن العمل على محاربته ودحره في سورية والعراق يسير على ما يرام، مستدركا جلالته أن المشكلة الوحيدة هي أن الإرهابيين سيضطرون للحركة وسوف يتوجهون جنوبا، ما سيشكل تحديا للأردن، لكننا مستعدون لمواجهته بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، ولا بد أن يكون التركيز عالمياً، على الإرهاب فأينما تواجد الإرهابيون علينا محاربتهم.
وحول بقاء بشار الأسد في السلطة قال جلالته إننا ندرك جميعاً ندرك أن روسيا تريد بقاءه لفترة أطول مما نريده نحن، لكنني لا أعتقد أن روسيا متمسكة ببقائه، فالمنطق يقتضي بأن شخصاً ارتبط بسفك دماء شعبه من الأرجح أن يخرج من المشهد.
وأضاف جلالته أنه سيكون هناك نوع من الاتفاق بين الأطراف على تحديد أولوياتهم ومصالحهم المشتركة حول كيفية التعامل مع بشار الأسد، في نهاية المطاف نحتاج نظاما سورية مقبولا من كل الشعب السوري،
وحول اقتراب قوات إيرانية لما مسافته 70 كليلومترا من الحدود الأردنية وفيما إذا كان جلالته والأردن قلقون من ذلك أكد جلالته أنه كان في غاية الوضوح مع روسيا، حول هذا الموضوع بأن مجيء لاعبين آخرين، من تنظيمات وغيرهم، إلى حدودنا لن يتم التهاون معهم.
وتاليا نص المقابلة:
* ماذا تود أن ترى كمخرجات للقائك مع الرئيس ترامب؟
– عندما التقيت الرئيس ترامب في شباط (فبراير) الماضي أبدى حرصا شديدا على إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالسرعة الممكنة، والان يترتب علينا جميعا توفير الدعم الكبير المطلوب.
* عندما التقيت الرئيس ترامب سابقاً حذرته من خطورة نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس وتبعاتها الكارثية على المنطقة.
– طُرح علي هذا السؤال، وإجابتي كانت أنه سيكون هناك عواقب لو جاء مثل هذا القرار معزولا عن أية إجراءات أخرى أكثر شمولية، وقد بادر ( الرئيس ترامب) بدوره وأوضح مدى حرصه على إحراز تقدم بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصل لعملية سلام منتجة، وأهمية أن نعمل معا في هذا الجهد.
* لقد تحدثتَ أيضاً مع الرئيس ترامب بخصوص وقف الاستيطان، أليس كذلك؟
– جل ما قلته هو أن هذه الاجراءات تخلق العداء والإشكاليات، خاصة وأننا نعلم أن أولوية الرئيس هي محاربة التطرف والإرهاب دولياً، وهذه الإشكاليات لا تخدم هذه الجهود، بل هي تزيد من قوة إيران وزعيم عصابة “داعش” الإرهابية أبو بكر البغدادي.
* أليس صحيحاً أنه بعد حديثكم، قام ترامب بحث إسرائيل على تجميد الاستيطان؟
– أعتقد أن هناك مبالغة في حجم الأثر الذي تركته، فهناك من يقول أنه كان لي دور في ذلك، ولكنني لا أعلم حقيقة إن كنت أنا السبب في ذلك، فأنا عبّرت عن آرائي فقط.
* ما رأيكم بإجراء حظر الهجرة من بعض الدول المسلمة، والذي تسعى الإدارة الحالية إلى فرضه؟
– لستُ قلقا إلى حد كبير من وصول المقاتلين الأجانب للولايات المتحدة، لأن لديكم إجراءات حازمة تمنع ذلك، الخطر الذي أخشاه هو الحرب الفكرية، فإذا ما شعر المسلمون في الغرب والمجتمع الدولي بأنهم مستهدفون، فإن هذا أكثر خطورة، فهجمات الذئاب المنفردة والإرهاب الداخلي هو أمر رأيناه مؤخرا في بريطانيا، ورأيناه أيضاً مرتين في الولايات المتحدة.
* وقد شهدتموه في الأردن أيضاً؟
– شهدناه للمرة الأولى في العام 2016. لقد تمكنا من القضاء وإلقاء القبض على 40 عنصرا من داعش ضمن عمليتين رئيسيتين، وعندما ننظر إلى الموضوع من زاوية أوسع، فإن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يؤجج التطرف في المنطقة، وسيستمر في ذلك، إذا لم نتمكن من إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، حيث نجد أن جزءا كبيرا من أولئك هم من أصول فلسطينية.
* هل جلالتكم على تواصل مع نتنياهو؟
– لقد تواصلت مع نتنياهو، فالأردن ومصر لديهما علاقات مع إسرائيل، وإذا لم نحرز تقدما ملموسا فإن ذلك يشكل مزيدا من الضغط على الأردن ومصر في علاقتهما مع إسرائيل. زيارتي الحالية للولايات المتحدة تهدف إلى تحقيق تقدم في هذا الشأن، والإدارة الأميركية توافقني في ذلك.
وفيما يتعلق بالاستيطان يجب النظر في انعكاساته السلبية على عملية السلام. وأعتقد أن التحدي الرئيس الذي نواجهه هو: هل نحن أمام حل الدولتين، فليس هناك بنظري أي بديل عن حل الدولتين.
* كيف تنظرون إلى الوضع في سورية؟ هل الرقة، والتي تتخذها داعش عاصمة لها، شارفت على السقوط؟ وإذا سقطت ماذا سيحدث بعد ذلك؟
– أعتقد أن الرقة سوف تُسترجع (من يد داعش)، وأعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد في سورية والعراق فيما يتعلق بدحر الإرهاب. إن المشكلة الوحيدة هي أن الإرهابيين سيضطرون للحركة وسوف يتوجهون جنوبا. إنه تحد، لكننا مستعدون لمواجهته بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
إنهم يقصدون وجهات أخرى أيضا، فنلاحظ توجههم إلى ليبيا، ومع نجاحنا في ليبيا سوف يتوجهون جنوبا إلى حوض تشاد، وهذا سيزيد من قوة بوكو حرام، ما سيزيد بدوره من قوة الشباب (الصومال). العديد من أعضاء الإدارة الأميركية يدركون هذا، لذا أعتقد بأننا سنرى استراتيجيات جديدة، فلا يمكننا التركيز على سورية والعراق فقط، بل لا بد أن يكون التركيز عالمياً، فأينما تواجد هؤلاء الإرهابيون علينا محاربتهم.
وفيما يخص الهجوم الكيماوي الأخير الذي رأيناه في سورية هذا الأسبوع، علينا كأعضاء في المجتمع الدولي أن نتحمل المسؤولية الأخلاقية للتعامل مع هذه المأساة الإنسانية البشعة، التي طالت المدنيين في سورية.
* لكن الهجمات على المدنيين في سورية كان وراءها على الأغلب الرئيس بشار الأسد؟
– أجل، هذا الموضوع يعالج ضمن سياسة موحدة إزاء ما هو مقبول وما هو مرفوض.
* هل هذا يشمل التخلص من الأسد؟
– إن هذا الموضوع سيبحث في محادثات جنيف المقبلة، في حين أن محادثات أستانه والتي نشارك فيها (بصفة مراقب)، تقتصر فقط على التوصل إلى وقف إطلاق النار. أعتقد أننا ندرك جميعاً أن روسيا تريد بقاءه لفترة أطول مما نريده نحن. لكنني لا أعتقد أن روسيا متمسكة ببقاء بشار. فالمنطق يقتضي بأن شخصاً ارتبط بسفك دماء شعبه من الأرجح أن يخرج من المشهد.
* إذن، جلالتك تعتقد أنه خلال مباحثات جنيف القادمة قد يتم التخلص من الأسد، أهذا ما تقوله؟
– سيكون هناك نوع من الاتفاق بين الأطراف على تحديد أولوياتهم ومصالحهم المشتركة حول كيفية التعامل مع بشار الأسد، في نهاية المطاف نحتاج نظاما سورية مقبولا من كل الشعب السوري.
* هل تود أن ترى الولايات المتحدة منخرطة مع روسيا فيما يخص سورية؟
– سأوضح لكِ لم هذا الأمر مطلوب. إن لروسيا مصالح على عدة مستويات من ضمنها القرم وسورية وأوكرانيا، بالإضافة إلى الاهتمام في ليبيا. فكيفية تعامل الأميركيين والأوروبيين مع روسيا بالنسبة لجميع هذه القضايا بشكل متواز هو أمر مهم.
* وإذا ما تم فهم هذه القضايا بشكل متكامل ما العمل بعد ذلك؟
– يتم الاتفاق بين الأطراف بناء على أولوياتهم ومصالحهم. برأيي ما يهم روسيا بالدرجة الأولى هو القرم، إذا ما تم التوصل لتفاهم حولها سترى مرونة أعلى فيما يخص سورية. وستصبح أوكرانيا أقل القضايا إشكالية.
وبالنسبة للرئيس بوتين فإنه يواجه تحديا رئيسيا يتمثل في الإرهاب. فداعش بذراعها الدولي بدأت تشكل تهديدا لهم. وأعتقد أن حادثة (مترو) سانت بطرسبرغ هي بداية انتقال المقاتلين الأجانب إلى ساحة قتال جديدة. ولذلك هناك مصلحة للرئيس بوتين لأن يعمل على إيجاد حل سياسي عاجلا أم آجلا في سورية. فإذا كانت الدول الأوروبية تواجه خطر المقاتلين الأجانب، فإن روسيا تواجه هذا الخطر بعشرة أضعاف. فهناك الكثير من المجموعات الإرهابية من القوقاز، وقد خاضوا حربين في الشيشان.
* ماذا تتوقع من الرئيس بوتين؟
– ننظر إلى الحوار بين الولايات المتحدة وروسيا كعنصر مساعد، وبخلاف ذلك، ستستمر الولايات المتحدة وروسيا في السعي نحو تحقيق مصالحهما بشكل متضارب في سورية، وإذا ما استمر هذا التوتر فقد يمتد إلى مناطق أخرى مثل مولدوفا. وسيستمر هذا الوضع المتأجج حتى يتم التوصل إلى تقارب في وجهات النظر.
* الصحيفة : لكن هل هذا حل مناسب للغرب؟
– إذا تمكنا من الوصول إلى حل في سورية والتوصل إلى تفاهم مشترك يكون عادلا للشعب السوري عندها يكون الحل مناسباً. قضية القرم هي القضية الأولى للرئيس بوتين. وهنا يمكن أن يكون التوجه كالآتي: فيما يتعلق بالقرم فلنناقش الوضع، لكن فيما يتعلق بسورية، فإننا بحاجة إلى أن نتقدم للأمام.
* هل من الصحيح أن قادة عربا فرحون لاعتقادهم بأن الرئيس ترامب سيكون أكثر حزما وشدة مع إيران من الرئيس السابق؟
– بعض الدول تعتقد ذلك.
* وما رأيك أنت؟
– هناك بعض المشاكل الاستراتيجية التي لإيران علاقة بها في منطقتنا، ولكن هناك فرصة ماثلة أمامنا تتمثل في إيجاد حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي الأمر الذي سيعزز الاستقرار في المنطقة، ويحقق الأمن لاسرائيل، التي تشعر بالتهديد الإيراني، وإذا استطعنا أن نجد حلا للقضية الفلسطينية، سيشكل ذلك مرحلة جديدة من الاستقرار في منطقتنا تستطيع من خلاله اسرائيل العيش بسلام إلى جانب جيرانها في المنطقة.
* الصحيفة : هل أنت قلق عندما تنظر إلى الشمال من أن إيران ستهيمن على سورية في مرحلة ما بعد الرقة؟
– هناك محاولة لإيجاد تواصل جغرافي بين إيران والعراق وسورية وحزب الله في لبنان. لقد ناقشت ذلك مع الرئيس بوتين، وهو يدرك جيداً نوايا إيران الاستراتيجية بأن يكون لها نفوذ هناك.
* أليس الحرس الثوري الإيراني على مقربة من حدودكم؟
– نعم، إن الحرس الثوري الإيراني على بعد 70 كيلومتراً تقريباً (في جنوب سورية). وإذا كانت الأخبار غير جيدة بالنسبة لنا، عليكِ أن تأخذي أيضا المعادلة الإسرائيلية في الحسبان.
* لا شك أنهم في غاية القلق؟ ماذا ستفعلون بشأن ذلك؟
– لقد كنا في غاية الوضوح مع روسيا، بأن مجيء لاعبين آخرين، من تنظيمات وغيرهم، إلى حدودنا لن يتم التهاون معه، وأعتقد أننا وصلنا إلى تفاهم مع روسيا بهذا الخصوص.
* هل ستسيطر إيران إذن على العراق في المستقبل إذا لم يتغير أي شيء؟
– لقد بذلنا جهدا في سبيل المصالحة الوطنية بين جميع العراقيين: الأكراد والسنة والشيعة. وسيكون لي لقاء مع قادة من السنة والشيعة والأكراد في المستقبل القريب، لنتمكن من خلق أجواء مناسبة لتحقيق المصالحة.
* لكن، يبدو أن إيران ستهيمن على عراق المستقبل، هل أنا مخطئة؟
– لديها تأثير، لكن أعتقد أن جمع المكونات العراقية الوطنية لتعمل معا سيوفر التوازن المطلوب.
* لكن أليس النفوذ المتنامي لإيران يعتبر تهديدا للمنطقة؟ ألا تدعم إيران ميليشيات الحوثي بقيادة شيعية في اليمن؟
– لا يمكن إنكار النفوذ الذي تتمتع به إيران في العراق. وتتواجد أيضا في شرق أفريقيا وفي أفريقيا بشكل عام، إنهم موجودون هناك منذ فتره ويحاولون فرض نفوذهم . ووجودهم هناك تم إحباطه مبكرا إلى حدٍ ما. ولكن، ما لم نعمل على تقوية الدول الإفريقية، فإن لاعبين آخرين سيدخلون إلى المشهد، وسيحاولون فرض سياساتهم. لذلك، مجددا، فإن الولايات المتحدة منخرطة بشكل أكبر في الصومال، وتعمل على تقوية علاقاتها مع كينيا، وأثيوبيا، وجيبوتي، لأنها دول محورية في الحرب ضد حركة الشباب.
* ماذا عن المساعدات الأميركية للأردن؟ هل تريدون أن تروها في نفس المستوى الحالي أم أن يتم زيادتها؟
– نريد، خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة، أن نخرج من إطار اعتمادنا على المساعدات، لذلك فإن تعزيز الدعم للأردن في المرحلة القادمة سيزيد من مستويات النمو، لنتمكن من الاعتماد على انفسنا، ونحن نعمل الآن على إعادة هيكلة القوات المسلحة، لتخفيض النفقات خاصة فيما يتعلق بالمعدات الثقيلة، ولذلك، فإن دعمها أمر مهم للغاية أيضاً.
ومع وصول نسبة اللاجئين في بلدنا إلى
20 % من إجمالي عدد السكان، فإن الحكومة تواجه عبئا كبيرا جداً، فنحن نوفر لهم الخدمات الصحية والتعليم، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر للأردن، فقد تلقينا مساعدات بقيمة 1.275 مليار دولار العام الماضي.
* ما هو انطباعك عن الرئيس ترامب؟
– لمست أن لديه رغبة كبيرة بالانخراط من أجل الوصول إلى تسوية واتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولقد فوجئت بمدى التزامه بالعمل من أجل التقريب بينهما.
* ما هو أكبر مصدر قلق بالنسبة لك؟
– الوضع الاقتصادي لشعبي.
* إن معدل البطالة مرتفع في الأردن، أليس كذلك؟
– إن ارتفاع نسب البطالة قد يقود إلى التطرف. إن مصدر القلق الذي أرقني على مدار 5-6 سنوات الماضية هو الوضع الاقتصادي، وليس الوضع السياسي أو العسكري أو الأمني. إنني أحاول جهدي لتحقيق نمو اقتصادي والاهتمام بشعبي.
واختتم جلالة الملك عبدالله الثاني، الخميس، زيارة العمل التي قام بها إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبدأ زيارة خاصة.-(بترا)