عروبة الإخباري – تعيش مناطق عديدة في تونس عشية الذكرى السادسة للثورة التونسية احتجاجات متصاعدة، للمطالبة بالتنمية والتطوير وتحسين الظروف المعيشية، خاصة أن الحكومات المتعاقبة منذ يناير/ كانون الثاني من العام 2011 لم تنجح بتحقيق انتظارات التونسيين خاصة، الشباب المتعطلين عن العمل.
وانتقلت الاحتجاجات من مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا، جنوب تونس، إلى ولاية سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، ومن ثمّ إلى ولاية سليانة، ومنطقة جبنيانة في ولاية صفاقس، ويتخوّف المسؤولون من أن تتصاعد الاحتجاجات، وتتحوّل إلى مختلف الجهات فتتطور إلى وضع لا يمكن التحّكم فيه.
وفي مدينة بنقردان، قريبًا من الحدود التونسية الليبية، تجددت الاشتباكات مساء يوم الخميس، بين مجموعة من المحتجين والوحدات الأمنية في المنطقة، حيث قام المحتجون بقذف أعوان الأمن بالحجارة قبل أن يردّوا عليهم بالغاز المسيّل للدموع.
ويطالب المحتجّون -وأغلبهم من العاملين في قطاع التجارة بين تونس وليبيا- بالإسراع في التفاوض الجاد مع الجانب الليبي، حول فتح معبر رأس جدير بلا توقف، إلى جانب المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وفي منطقة “القلعة الكبرى” من ولاية سوسة، وسط تونس، أحرق مجهولون سيارة رجل أمن كانت أمام منزله، ما اعتبر تهديدًا لحياته، أما في مدينة “مدنين”، جنوب شرقي تونس، فأغلق المحتجون طريق “بني خداش” بالعجلات المطاطية المحترقة، فتدخلت وحدات الأمن باستعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وفي “معتمدية سبيطلة” من ولاية القصرين، وسط غربي تونس، قرر المعتصمون إغلاق مقر المعتمدية وهدّدوا بالتصعيد، وندّدوا بما اعتبروها “مماطلة السلطات والتسويف في تلبية مطالبهم”.
وقام المحتجون بإشعال العجلات المطاطية وإغلاق طريق الوطنية رقم 14 الرابط بين قفصة وصفاقس، قبل أن تتدخل قوات الأمن لتفريق المحتجين.
ودعا الاتحاد المحلي للشغل بالمكناسي، إلى الدخول في إضراب عام، وانطلقت مسيرة وسط المدينة وجابت شوارع ورفع خلالها المشاركون من نقابيين ومكونات مجتمع مدني ونشطاء سياسيين شعارات تطالب بإقالة والي الجهة وحق المنطقة في التنمية والتشغيل والقطع مع سياسة التهميش.
ودعا المشاركون السلطات إلى التعامل بجدية مع ملفات التنمية والبطالة، وضرورة التعاطي بجدية مع استحقاقات المعتصمين وعقد مجلس وزاري خاص بمعتمدية المكناسي.
احتجاجات مشروعة
وأكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد في تصريحات صحفية، أنّ الوضع في منطقة بنقردان ومعبر رأس الجدير الحدودي محل متابعة على مستوى رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية.
وأقرّ الشاهد بمشروعية التحركات الاحتجاجية المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، معبّرًا في ذات الوقت عن رفضه لتحركات احتجاجية أخرى قد تكون غير مقبولة.
من جهته، دعا المتحدث باسم الحكومة إياد الدهماني، المحتجين في بنقردان إلى الحفاظ على الطابع السلمي لتحركاتهم، معلنًا أنّ اجتماعا مع الأطراف الدبلوماسية الليبية ينعقد حاليًا حول الإشكاليات المطروحة على مستوى معبر رأس الجدير الحدودي.
وأشار إلى أن وفدًا وزاريًا يضم 3 وزراء إلى جانب مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية، سيتوجه، اليوم الجمعة، إلى ولاية مدنين ومعتمدية بنقردان لبحث الحلول الممكنة وسبل التواصل مع الطرف الليبي.
انتقاد صمت الحكومة
وانتقد منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما أسماه “صمت الحكومة المريب تجاه الاحتجاجات”، وقال المكلف بالإعلام في المنتدى رمضان بن عمر: “صمت الحكومة المريب تجاه الاحتجاجات التي تشهدها بعض مناطق البلاد قد يدفع إلى تعميق حالة الاحتقان”، مشيرًا إلى أنّ “الحكومة لم تتفاعل مع اعتصام بنقردان رغم أنه تواصل لفترة فاقت أربعين يومًا”.
وأضاف بن عمر في تصريح إذاعي: “إذا حافظت الحكومة على نفس السلوك فإن الجهات ستواصل التصعيد، وبالتالي عليها التحاور مع هذه الفئات واتخاذ إجراءات سريعة إلى جانب اعتماد خطاب مطمئن للمحتجين”.
من ناحيته، قال الجيلاني الهمامي القيادي في حزب العمال: “ما يحصل الآن قد يؤدي إلى اندلاع ثورة جديدة، وبالتالي على الحكومة أن تتدخل لإيجاد حلول تطمئن المحتجين”، مضيفًا: “لقد دعونا الحكومة إلى محاربة الفاسدين والمهرّبين واستخلاص الأموال المنهوبة حتى تتمكن من الاستجابة لاحتياجات الجهات المحرومة، وتوفير الشغل للشباب المتعطلين عن العمل”.