عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب- لم أعرف شخصية عربية استطاعت أن تضبط ايقاع بلدها باتجاه التنمية والاستقرار والابتعاد عن العنف والفوضى والاضطرابات في هذه المرحلة من الحياة العربية كما جلالة سلطان عمان. فقد كان مثال القائد المدرك للمخاطر الداخلية والخارجية وتفاعلاتها ومثال الحليم حين الاختلاف وحين تقع الحيرة وتشتت الافكار والرؤى.
نعم ضبط ايقاع بلاده .. كما يضبط الفارس حصانه وسط المعركة وكما جاء في مضمون قول المتنبي:
وفارس الخيل من خفت فوّقرها في الدرب والدم وفي اعطافها دُفع
لقد بنى السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الذي جرى الاحتفاء بمنحه جائزة الانسان العربي الدولية من منظمة المركز العربي الاوروبي لحقوق الانسان والقانون الدولي ومقرها اوسلو العاصمة النرويجية لعام 2016. اقرارا واعترافا وتقديرا لهذه الشخصية الفذة المميزة لما قدمته في سبيل رفعة وطنها عمان والصورة الايجابية لهذا الجزء من العالم العربي المتمتع بالاستقرار والتفاعل والحياد الايجابي والابتعاد عن الاحلاف والصراعات الاقليمية والدولية.
لقد سطع اسم عمان واضحا على خارطة حقوق الانسان حماية ودعما وتعزيزا وكان ذلك واضحا لدى المحافل المحلية والعربية وحتى الدولية.
لقد كرس السلطان حياته في سبيل بلاده منذ جاء الى سلطاته الدستورية عام 1970 ليواجه تحديات كبيرة تعامل معها بشجاعة لانقاذ بلاده ولم يجعل الصراعات التي قامت في وجه بلاده ومعها صراعات قابلة للترحيل او كامنة بل بادر الى حلها بتضحيات وعمل ان تكون خلافات بلاده مع دول الجوار صفرا..
لقد ظلت عمان تحافظ على موقعها وموقفها من صراعات الاقليم ومن التحالفات الطارئة والمستمرة وترى في المصلحة الوطنية العمانية والعامة العربية ما يسمو فوق الخلافات الجانبية وسياسات الاستقطاب الاقليمية كما كان نهجها المعتدل اجتماعيا وثقافيا ما حال دون استفحال السلوكيات المتطرفة في المجتمع.
فقد ظل العمانيون ( ومن خلال النهج الذي اقره و دعا له السلطان قابوس) يتمتعون بتدين معتدل بعيد عن الاعتلال والتطرف , و شطط الفقه و ظلت رؤيتهم التاريخية منسابة بوعي واعتدال في الحياة العامة العمانية رغم ما ظل يحيط بها من تقلبات .
فالسلطان قابوس الذي التهب جواره في اليمن , و عاش حالة الاجتهادت المتباينة مع دول الجوار الاخرى , وعبر مجلس التعاون الخليجي ظلت بلاده تمسك بحيادها وتبتعد عن التحالفات التي تنزلق الى الانحياز , و لذا كان الموقف العماني والمتمثل في مواقف السلطان وعبر المؤسسات العربية والاقليمية المختلفة يشكل حالة توازن وايجابية وابتعاد عن الغلو والانحياز اوالتماهي في مصالح الدول الكبرى او الانحياز لها .
لقد تبنت سلامة الرؤية العمانية للكثير من المراقبين المنصفين بعد طول جدل حين رأوا ما تتميز به عمان الان عن الاخرين , وما استطاعت ان تقدمه من مساهمات عملية وايجابية لمجتمعها ولجوارها وللمجتمع الدولي .
لقد كان لدى العمانيين دائما فائض جهد للمساهمة في مصالحات وتسويات ووساطات مفيدة و ناجحة استفادت منها اكثر من دولة .
السلطان قابوس بن سعيد يستحق جائزة عالمية ليست اقل من نوبل , ولعل سجله العام وسجل بلاده فيه تزكية لاستحقاق ذلك , وهذا ما يجب ان ينتبه له المجتمع الدولي وهو يراقب سياسات الدول عبر الازمات ومواقفها في المساهمة في الامن و الاستقرار الدوليين .
كل التهنئة للسلطنة وشعبها وللسلطان قابوس على ما قدم لتكون بلاده بمستوى الفخر العربي والتقدير الدولي .
و كل عام والسلطان ووطنه وشعبه بخير .
سمو السيّد أسعد بن طارق آل سعيد يتسلم الجائزة