عروبة الإخباري – ينتظر السياسيون في الأردن ما سيتفتق عنه ديوان التشريع ، من تسطير نظام للمساهمة في دعم الأحزاب السياسية ، بعد أن وافق مجلس الوزراء مؤخراعلى الأسباب الموجبة لنظام المساهمة في دعم هذه الأحزاب في الأردن .
يهدف المشروع إلى تحفيز انخراط الأحزاب في الحياة السياسية وخاصة في الإنتخابات ودعم وصولها إلى البرلمان .
وتقول المعلومات : إن المجلس وافق على الإبقاء على مبلغ الـ 50 ألف دينار التي تمنح للأحزاب سنويا ، بالإضافة إلى تقديم مبلغ 20 ألف لكل حزب بغية تشجيعه على المشاركة من خلال دعم حملاته الإنتخابية ، وأيضا تقديم مبلغ 5 آلاف لأي ائتلاف بين أحزاب معترف بها .
أي أن هناك إغراءات حكومية مالية للأحزاب لتحفيزها من أجل إثبات وجودها والعمل في ظل قانونها ، وهي مبادرة طيبة على كل حال .
إلا أن ما لم يخبر به النظام المقترح ، أو بالأحرى أسبابه الموجبة ، هو إجابة سؤال :كيف سيتم متابعة هذه الأموال ” على ضآلتها ” ، وضمان أن أمين عام الحزب ، أي حزب ، لن يضعها في جيبه .
قد يقول قائل : إن قانون الأحزاب يفرض رقابة داخلية ، ولكن من يضمن بأن هذه الأحزاب ، وأتحدث هنا عن بعضها ، ليست أحزابا عائلية ، وإذا كان ذلك كذلك ، فإن الرقابة تنتفي وتصبح كلاما فارغا .
وإذا نظرنا إلى واقع بعض هذه الأحزاب ، فإن الأسماء التي أسستها هي نفسها التي تتربع على كراسي إدارتها ، وهذا ، لمن يقرأ في علم السيكلوجيا، أمر طبيعي ، حيث إن حب الذات ، وفق علم النفس غريزة فطرية في الإنسان ، ولكن الذي ينظم الغرائز في العادة ، هي القوانين التي يجب أن تفصل تفصيلا كل شاردة وواردة ليس في الحزب السياسي فقط ، ولكن في كل شأن من شؤون الحياة العامة ، وهكذا تفعل الدول الديمقراطية التي لا تكتفي بإيراد أسباب واجبة لسن قوانين أو أنظمة ، بل تلحق مع هذه الأسباب أدق تفاصيل البنود التي تحيط بجميع هذه الأسباب ، ومن أجل ذلك فهي ” أنظمة ” مفصلة ، وقوانين غير مطاطة .
نحن مع أحزاب سياسية غير محددة العدد ، بل نحن مع إطلاق هذه الأحزاب بلا شروط ، انطلاقا من قاعدة ” الشاطر يثبت وجوده ” في ظل القانون ، ولكن الأهم من وجود أحزاب بالعشرات أن يكون كل واحد منها ذا مصداقية لدى الأردنيين ، فالمصداقية لا تتأتى من خلال مشاركة في الإنتخابات ، واستئجار المقرات ، وإصدار البيانات وتوزيع الملصقات ، بل من خلال العمل الجاد على الأرض وطرح برامج عملية و”العمل ” على تحقيقها بغية خلق قواعد شعبية تصدقها ، فالقواعد في النهاية تؤمن بالأفعال وليس الأقوال .
دعم الأحزاب مهم ، بل إن المبالغ التي وافقت عليها الحكومة ، وكما قلت آنفا هي مبالغ قليلة ولا تكاد تذكر ، ولكنها مبالغ كبيرة إذا كانت ستنفق على البعض بحكم استحقاق ” الشيخة ” الذي لا زال يعشعش في عقول بعض الأردنيين وكأننا نعيش في العصر الحجري .
أما الحكومات فعليها أن تدرك بأن شعبا تتوفر له أسباب الحياة الكريمة ، والعدالة الإجتماعية كفيل هو نفسه بإيجاد أحزاب فاعلة على الأرض انطلاقا من نفس المبادئ الفطرية التي تؤكد : الملكية الفردية ، حفاظا على مكاسبه ومكتسباته ، أما بعكس ذلك فإن كل جهد لتفعيل وتنشيط الأحزاب سيكون أحلام يقظة .
د. فطين البداد