عروبة الإخباري – التقى صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال في مكتب سموه، صباح يوم الأحد 22/5/2016، الشيخ د. خالد بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي في مملكة البحرين وعضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي، الذي يزور عمّان بدعوة من المنتدى لإلقاء محاضرة حول الأمن القومي العربي.
وأكد سموه خلال اللقاء أهمية العمل على تعزيز الهوية العربية الجامعة بوصفها حاضنة للمواطنة، وبلورة رؤية عربية مشتركة تجاه المستقبل، والتعامل مع التحديات بنظرة شمولية للأبعاد الإنسانية، مع الإبقاء على الصلة مع الماضي العريق واقتباس القدوة منه. كما ركّز سموّه على دور الشباب وترسيخ أسس التعاون الثقافي العربي، واستعادة المبادرة النهضوية العربية لتجاوز الأزمات الملحّة في الواقع الراهن.
ومن جهته، تحدث د. خالد بن خليفة آل خليفة مشيداً بجهود منتدى الفكر العربي برئاسة سمو الأمير الحسن بن طلال، ودور المنتدى عربياً وعالمياً من خلال الحوارات وتبني القيام بمشروعات بحثية ودراسات مستقبلية تخدم قضايا التنمية والتحديث في الوطن العربي، وجسر الفجوة بين الفكر وصانعي القرار وبين الفكر والمواطنة، معرباً عن اعتزازه بالتعاون بين مركز عيسى الثقافي والمنتدى.
هذا، واستضاف منتدى الفكر العربي، مساء اليوم الأحد، الشيخ د. خالد بن خليفة آل خليفة، في محاضرة بعنوان “الأمن القومي العربي: الآفاق المستقبلية”، حضرها مفكرون وأكاديميون ودبلوماسيون وإعلاميون من الأردن وعدد من الدول العربية، وتناول فيها التحولات الأخيرة على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، ومحدّدات بناء أمن قومي عربي جديد، يستند إلى وحدة المصير المشترك بين الدول العربية كافة. وأدار هذا اللقاء د. محمد أبو حمور الأمين العام للمنتدى، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق بين مركز عيسى الثقافي والمنتدى.
محاضرة الشيخ د. خالد بن خليفة آل خليفة
أكد د. خالد بن خليفة آل خليفة أن الأرضية مهيأة حالياً لقيام اتحاد عربي شامل، وذلك بالاعتبار بالماضي، ومن منطلق العودة إلى مبدأ وحدة المصير المشترك بين الدول العربية كافة، مع أهمية أن يشمل ذلك الاتحاد طوقاً أمنياً عسكرياً قوياً، يقوم على التحالفات والتكتلات العربية والعالمية التي تردع كل المشروعات التوسعية، كما هو حال الاتحاد الأوروبي وذراعه الأمني في حلف الناتو؛ مشيراً إلى أن عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي ضد الإرهاب يمكن أن تكون أولى تلك الخطوات.
وأضاف أن التحديات والأخطار التي يفرضها علينا الواقع المتغيّر تدفع للحاجة وبشكل حاسم إلى بناء أمن قومي عربي جديد، الأمر الذي يتطلَّب تأمين الجبهة الداخلية، وضمان أن تكون متماسكة في كل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتعامل بحزم مع القوى غير النظامية التي تهدد استقرار الكيان الوطني، أو تريد مثلاً إشعال فتن طائفية وشقّ صف المجتمع. كما يعني هذا أيضاً السعي نحو إصلاحات سياسية واقتصادية ضرورية لتحقيق التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية.
وقال: إن إحدى القناعات الاستراتيجية الكبرى التي تبلورت خلال الفترة الماضية، ومع عاصفة الحزم خصوصاً، هو أنه لا يمكن ضمان أو تحقيق أمن الخليج العربي إلا في إطار محيط عربي آمن، أي في إطار تحقيق للأمن القومي العربي العام. ولهذا، فإن إحدى المهام الكبرى المطروحة في الفترة القادمة، تتمثل في التوصل إلى استراتيجية خليجية عربية لتحقيق الأمن القومي العربي.
وأوضح د. خالد آل خليفة أهمية بناء قوة خليجية موحدة قادرة، بعد أن أثبتت عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي ضد الإرهاب إمكانية حشد القوى العسكرية المشتركة في مواجهة الخطر، الأمر الذي يثير مباشرة مسألة الاتحاد الخليجي المطروح منذ سنوات، والتفكير في صيغ لتحقيق هذا الاتحاد. كما أنه لا بد من إعادة النظر في نمط التحالفات الاستراتيجية الدولية لدول مجلس التعاون، والتفكير جدياً في شكل العلاقات الاستراتيجية مستقبلاً مع الولايات المتحدة الأمريكية بالذات على ضوء خبرة السنوات الماضية والخبرة الحالية. وكذلك بناء تحالفات جديدة مع قوى دولية أخرى فاعلة ضمن بعض المهام التي تعتبر ضرورية عند أي حديث عن بناء أمن قومي عربي جديد.
كما دعا إلى إسناد الجهود العسكرية المشتركة فكرياً وتعزيزها ثقافياً وإعلامياً واجتماعياً، لتشكيل الوعي الشعبي وبناء قاعدة مجتمعية من القبول والتأييد؛ مؤكداً ضرورة إيجاد سوق عربية مشتركة لتنمية العلاقات الاقتصادية وإشراك القطاعات الصناعية المدنية في نشاطات الصناعات العسكرية الكبرى، واستثمار مخرجاتها في مشاريع تنموية تساند الازدهار الاقتصادي للدول العربية، إلى جانب تعزيز مقومات البحث العلمي.
كلمة د. محمد أبو حمور
أكد د. محمد أبو حمور الأمين العام لمنتدى الفكر العربي، الذي أدار اللقاء، في كلمته التقديمية، أن من واجبات العمل الفكر العربي وأولوياته النظر بكثير من التمعّن في المشهد العربي الحاضر، وتداعيات الاضطرابات في المنطقة، بما فيها تلك الناجمة عن التدخلات الخارجية وموجات العنف والتطرف والإرهاب، وإفرازات ما سمّي “الربيع العربي” من احترابات ونزاعات واصطفافات إثنية وطائفية وفئوية، وتقاطعات مع التحولات الجذرية في النظام الدولي وخريطة التغيرات في موازين القوى، وتشابك مصالح القوى الإقليمية والعالمية ومشاريعها وأجنداتها.
وتساءل د. أبو حمور: أين نحن من كل هذه التحديات أمام الأمن القومي العربي؟ لقد بدأت القوى الكبرى تعيد هيكلة العلاقات التعاونية فيما بينها في ظل تحولات استراتيجية عالمية، على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وصعود قوى جديدة في المعادلة الدولية. هذا في الوقت الذي دخلت فيه المنطقة العربية في حلقة جديدة من الأزمات والاضطرابات، أيضاً على مختلف المستويات، وتحمل الكثير من النُذُر والنتائج الخطيرة على الأمن الإنساني عموماً، وانتشار حالات من عدم الاستقرار، وإعاقة الجهود الإصلاحية، والتشرذم والتباعد بين أجزاء الوطن العربي.
وأشار د. أبو حمور إلى أن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، واتساع الفجوة التكنولوجية والمعرفية مع العالم، والنمو الاقتصادي المكبوح في الدول العربية ذات الدخل المتوسط، كل ذلك يدفع بتنامي المشاريع والأجندات الإقليمية والخارجية، كما يهيء الفرصة لجماعات التطرف والإرهاب أن تزيد وتنتشر، مما سيشكل ضغطاً غير عادي على الوطن العربي ويهدد هويته وحقّه في أن يمتلك خياراته وقراراته المستقلة، واستثمار ثرواته الطبيعية والبشرية وإيقاف استنزافها، وأن يبقى في وضع المتأثر بخيارات الآخرين، لا أن يمارس تأثيره في المجتمع الدولي بما يخدم مصالح الدول العربية وحقوق شعوبها في الحياة الكريمة.
وأوضح أن التغيير مطلوب من العرب أنفسهم لإعادة ترتيب البيت العربي الداخلي وإعادة مأسسة التكامل بينهم، وكذلك إعادة هيكلة علاقاتهم الدولية على صعيد السياسة والاقتصاد والثقافة، والتوافق على مشروع عربي نهضوي يحفظ لهم كيانهم وسط التحديات الماثلة أمامهم اليوم بحدّة، ويضعهم على طريق تكوين كتلة قوية قادرة على المنافسة مع التكتلات العالمية.
توقيع مذكرة تفاهم بين منتدى الفكر العربي ومركز عيسى الثقافي
وكان د. محمد أبو حمور والشيخ د. خالد بن خليفة آل خليفة قد وقّعا في بداية اللقاء مذكرة تفاهم بين المنتدى ومركز عيسى الثقافي، في إطار رغبة الجانبين في تقوية وتعزيز أواصر التعاون بينهما، والتشاور فيما يتعلق بشؤون الفكر العربي، وتطوير عرى الترابط العلمي والبحثي لمواجهة التحديات في الواقع المعاصر.
ونصّت المذكرة على التعاون بين المنتدى والمركز ضمن برامج عمل مشتركة، من خلال القيام بدراسات مشتركة، وورش عمل وندوات، وتبادل الكتب والدوريات والوثائق والمعلومات العلمية والثقافية، وتبادل الزيارات، وتطوير الأنشطة والفعاليات ذات الاهتمام المشترك لخدمة القضايا العربية.
وقال د. محمد أبو حمور في كلمته بهذه المناسبة: إن مركز عيسى الثقافي يعد من أهم مراكز الدراسات والبحوث في الوطن العربي، وإننا نلتقي معه في الرسالة والأهداف والرؤى المشتركة؛ المستندة إلى التراث الحضاري العربي والإسلامي، وإلى تنمية الحوار بين الثقافات والحضارات. كما نقدِّر دوره الوطني الأساسي والمهم “في التعريف بثقافة مملكة البحرين العزيزة، التي كانت منذ فجر نهضتها مركز إشعاع حضاري، منفتحاً على مراكز الفكر الرصين في العالم، ومستوعباً لكل جديد ومفيد من العطاء الإنساني، ورمزاً على مرّ الزمان لتقدم البحرين ورقيها”؛ حسب ما جاء في رؤية المركز المستوحاة من خطاب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأضاف أن توقيع مذكرة التفاهم مع هذا المركز المرموق، يأتي ضمن تعزيز التشبيك والتعاون والتنسيق للمنتدى مع العديد من المؤسسات والمراكز والجامعات في الوطن العربي والعالم، وبما يخدم العمل العربي المشترك، ويصب في صالح قضايا أمّتنا العربية والإسلامية ورفعة أجيالها ومستقبلها.