عروبة الإخباري – سلط موقع ” ميدل إيست مونيتور” الضوء على موقف سلطنة عمان من سلسلة الأحداث الجارية في المنطقة حاليًا، وذلك في معرض تأكيده على أن “خسارة” عمان ليست خيارًا مطروحاً لدى دول المنطقة، لاسيما بسبب التسامح الذي تبديه السعودية تجاه عمان النابع من أسباب عديدة أولها أن السياسة الخارجية لسلطنة عمان ليست موالية لإيران، ولكنها تقع أكثر على الحياد وتتجنب الانحياز الذي يؤهلها للقيام بدور الوسيط.
وثانيها – على حد وصف الموقع- لأن سلطنة عمان تمثل عنصراً طبيعياً في بنية الخليج العربي مع شبكة من المصالح والعلاقات الإقليمية والدولية.
الموقع الذي قدم عرضًا لجهود الوساطة التي قامت بها السلطنة في الماضي، استذكر الظروف التي مرت بها عمان خلال السنوات الماضية، منوها بأن موقف السلطنة تجاه مختلف القضايا الإقليمية، هو موقف سلمي، ويختلف عن غيره من مواقف دول أخرى في المنطقة، مشيرًا إلى أنه تقف وراء هذا الموقف ، خلية نشطة لا يعرف الكثيرون شيئًا عنها.
سياسة احتواء ناجحة
تقرير الموقع استذكر بداية كيف تعاملت عمان مع موجة الحراكات التي شهدتها المنطقة قبل سنوات ، حيث نُظمت سلسلة من المظاهرات الشعبية في عمان، طالبت فيها الجماهير بتحسين مستويات المعيشة، بما في ذلك انخفاض تكاليف المعيشة والحد من الفساد، وزيادة المرتبات وخلق فرص للعمل، والمزيد من الديمقراطية، مشيرًا إلى أن تلك الاحتجاجات كانت سلمية وأظهرت الاحترام للحاكم، وفي المقابل قبل السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد تلك المطالب، واتخذ عددًا من الخطوات لاحتواء الحراكات.
وكان أول رد فعل اتخذه السلطان قابوس، هو إجراء تعديل وزاري، ووعد بمنح المجلس التشريعي المزيد من الصلاحيات، ومن بين الإجراءات التي استهدفت امتصاص غضب الشباب هو قرار الديوان الملكي بإنشاء هيئة مستقلة لحماية المستهلك، وفي موازاة ذلك تعهد السلطان بتوفير 50 ألف وظيفة حكومية وتقديم منح شهرية بقيمة 390 دولار للعاطلين عن العمل، وباختصار تمكن من ضبط الإيقاع في ظل تداعيات الربيع العربي على الرغم من ظهور تحد آخر أكثر أهمية وهو الاستقطاب.
حياد مدروس
وفي ظل التحولات الهائلة الجارية في المنطقة، احتدمت أزمة جيوسياسية كبيرة، وهددت بالتحول إلى صراع طائفي واسع النطاق.
وفي خضم هذه التطورات الهامة، لا تزال عمان تبدو بعيدة عن تلك الأحداث، وعندما عارضت دول الخليج الأخرى الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، لم تؤيد سلطنة عمان ذلك الاتفاق فقط، بل استضافت أيضا محادثات سرية بين الحكومتين، هذا الموقف المحايد يعطي للبلد خصوصية كوسيط، حيث لعبت سلطنة عمان دورًا جوهرياً في تحرير ثلاثة سياح أمريكيين، اعتقلوا من قبل إيران بتهمة التجسس في العام 2011، وهذا الأمر أكد ثقة كل من الأمريكيين والإيرانيين في السلطان قابوس، وأتى بهما إلى طاولة المفاوضات وراء الأبواب المغلقة.
وفي يوليو 2012، استضافت عمان أول لقاء بين الأمريكيين والإيرانيين، وبعد تسعة أشهر التقى نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز سرًا مع نظيره الإيراني مجيد رافانتشي، في مسقط.واستمرت الاجتماعات السرية وحمل المبعوثون العمانيون، رسائل هامة تحتوي على شروط إجراء المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وقد لعب العمانيون دورًا رئيسيًا.
وعززت عدة أحداث أخرى، من سياسة عمان ووضعها في المنطقة، وهذا في الواقع لا يعد شيئًا جديدًا، حيث استضافت عمان محادثات سرية بين الأطراف خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وفي اليمن، حيث يسيطر الحوثيون الشيعة على العاصمة، لا تزال عمان الدولة الخليجية الوحيدة التي لها سفارة لا تزال مفتوحة في صنعاء.
موقف مختلف
وأشار الموقع إلى أن عمان، لم تشارك أيضا في “عاصفة الحزم”، تلك الحملة العسكرية ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبدلاً من ذلك أبقت عمان على قنوات الاتصال مفتوحة، كما لعبت دورًا محوريًا في إعادة رفات الطيار المغربي الذي تحطمت طائرته في إحدى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وليس من المستغرب بعد ذلك أن تكون مسقط هي المكان المفترض للمفاوضات المحتملة بين الأطراف المتحاربة.
وبالإضافة إلى ذلك، استخدمت عمان حيادها في تطوير علاقات الثقة مع جميع الأطراف في الأزمة السورية، ما يتيح للسلطنة، أن تكون بمثابة وسيط مقبول هناك، فعندما قاطعت وهاجمت كل البلاد العربية والخليجية تقريباً الرئيس بشار الأسد، حافظت عمان على العلاقات مع نظامه.
وفي أغسطس -آب- 2015 ، التقى وزير الخارجية السوري نظيره العماني في مسقط، وفي أكتوبر الماضي التقى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الرئيس ببشار الأسد في دمشق، وقامت السلطنة أيضا بجهود الوساطة في الجزائر العام الماضي وذلك للمساعدة في احتواء أزمة طائفية غير ملحوظة بين الإباضية الأمازيغ، وبعض العرب التابعين للمذهب المالكي في الفكر الإسلامي.
ورأى الموقع، أن موقف عمان الخاص ينبع من اعتبارات المصلحة الوطنية ، مشيرًا إلى أنه على الرغم من أنها تمثل جزءاً من مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها تشترك مع إيران في ملكية الأراضي، التي يقع فيها مضيق هرمز الاستراتيجي، علاوة على ذلك، في ظل الانخفاض الحالي في أسعار النفط، فإن الحفاظ على العلاقات مع مصدر ضخم للغاز الطبيعي هو خيار استراتيجي، خاصة أن عمان هي أقل دول مجلس التعاون الخليجي في موارد النفط، ومن ثم ارتفع مستوى العلاقة الاستراتيجية بين البلدين بشكل ملحوظ إلى حد ما، وكل من مسقط وطهران بصدد تطوير خط أنابيب للغاز الطبيعي تحت سطح البحر، ناهيك عن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة في يناير الماضي.