عروبة الإخباري- تحدثت مصادر أمريكية موثوقة لـ»القدس العربي» عن لقاء قريب سيجمع بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره السوري وليد المعلم، وهو تطوّر سياسيّ لافت في المسألة السورية، فيما هددت السعودية بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد بالقوة.
وكان كيري أجرى أمس الاثنين مباحثات في جنيف هدفها التوصل إلى تفاهم يعيد إحياء الهدنة في سوريا وخصوصا في مدينة حلب التي تشهد منذ صباح أمس تراجعا في حدة القصف المتبادل بين قوات النظام والفصائل المقاتلة.
والتقى كيري، أمس الاثنين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير واجتمع مع موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لبحث الهدنة السارية منذ 27 شباط/فبراير وتتعرض لانتهاكات خصوصا في حلب.
وقال كيري إن الحرب الأهلية في سوريا أصبحت في «نواح عدة خارجة عن السيطرة» متعهدا ببذل الجهود لإنقاذ الهدنة المترنحة «في الساعات المقبلة».
لكن كيري، وفي أكثر تعليقاته المتشائمة على الجهود الرامية لإنهاء النزاع المستمر منذ خمسة أعوام، حذر من أنه لا يريد إعطاء وعد بالنجاح.
وشكر دي ميستورا على دعم العملية السياسية في خضم «نزاع أصبح في نواح عدة خارج نطاق السيطرة ويقلق الجميع في العالم، كما آمل».
وأكد كيري أن وقف الأعمال القتالية الذي تم التوصل إليه بوساطة روسية ـ أمريكية في شباط/فبراير لا يزال متماسكا في أجزاء من البلاد، لكنه أشار إلى الوضع في حلب.
وقال إن نظام الرئيس بشار الأسد استهدف عمدا ثلاث عيادات ومستشفى ما أسفر عن مقتل أطباء ومرضى وتهديد للهدنة.
وأضاف أن «الهجوم على هذا المستشفى يفوق حدود المعقول (..) ويجب ان يتوقف».
وتابع كيري أن «الطرفين المعارضة والنظام يساهمان في هذه الفوضى وسنعمل في الساعات المقبلة بشكل مكثف في محاولة لإعادة فرض وقف الأعمال القتالية».
وأكد إن فريقاً أمريكياً يلتقي مع الفرق الأخرى لإعادة وقف الأعمال العدائية وإنه يناقش كيفية «فصل مواقع جبهة النصرة عن مواقع المعارضة السورية في حلب».
وذكرت مصادر معنية في الرياض أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أبلغ نظيره الاميركي جون كيري والمبعوث الدولي لسوريا دي مستورا، أن فصائل المعارضة السورية المقاتلة لاسيما في جنوب سوريا لن تسكت كثيرا على «جرائم النظام وقصف طائراته للمدنيين في حلب وأنها ستنهي خلال أيام اتفاق وقف «الأعمال العدائية» الهش في سوريا.
وكان وزير الخارجية السعودي قد التقى يوم أمس في جنيف نظيره الأمريكي والمبعوث الدولي لسوريا وصرح عقب ذلك «أن مصير الهدنة معلق حتى عودة دي ميستورا من موسكو، حيث يفترض أن يلتقي الثلاثاء وزير الخارجية الروسي.
وشدد الجبير على وجوب الضغط على نظام الأسد من قبل المجتمع الدولي للبدء بالعملية السياسية وأكد في مؤتمر صحافي أن الوضع في سوريا خطير جداً، قائلاً: «الخيار واضح… إما الهدنة أو الاستمرار بالقتل والدمار، وننتظر مشاورات دي ميستورا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء في موسكو».
يأتي هذا وسط توقعات بان يعود الوضع العسكري والمواجهات بشكل أعنف وأشد إلى كافة المناطق والمدن السورية، لاسيما في منطقة الجنوب من درعا إلى دمشق، وتحدثت مصادر عسكرية مراقبة في الرياض عن أن اجتماعات عسكرية تمت مؤخرا في عمان ضمت ضباطا وخبراء عسكريين سعوديين وأردنيين وأمريكيين وقادة عسكريين من المعارضة السورية للبحث في الأوضاع والخطط العسكرية المطلوبة في حالة انهيار اتفاق الهدنة مع النظام السوري، وقد تم مؤخرا إرسال كميات من الأسلحة المتطورة عبر الحدود الاردنية لفصائل الجيش السوري الحر في منطقة درعا.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن النظام السوري وروسيا «يقومان بارتكاب تطهير عرقي من خلال قصف حلب، ويسعيان إلى إبعاد كل فصائل المعارضة عنها».
وفي ردّ على بعض ما ذكره الجانبان الأمريكي والروسي أضاف الجبير في تصريح صحافي الإثنين، أن الادعاء «بارتباط جبهة النصرة مع قوات المعارضة المعتدلة، لا يخوّل النظام السوري وروسيا قصف المشافي والأسواق، وإلقاء براميل متفجرة بشكل عشوائي».
واتهم الجبير، النظام السوري «بانتهاك الهدنة، وعدم أخذه محادثات جنيف على محمل الجد، وعدم إبداء أي مبادرة للتوصل إلى حل»، مشيرا إلى «إرسال إيران المزيد من القوات إلى سوريا».
وتابع الوزير السعودي، «في حال لم يتجدد اتفاق وقف الأعمال العدائية، فإننا مضطرون للتفكير بالخطة (ب)، كما أنه إذا أرسل التحالف الدولي، قوات إلى سوريا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، فإن المملكة أيضا مستعدة لإرسال قوات خاصة».
وأكد مجدداً أن «بشار الأسد سيرحل عبر العملية السلمية وإلا سيجري طرده بالقوة لأن هذا الرجل قتل 400 ألف من شعبه وأجبر 12 مليونا على النزوح والهجرة ودمر بلاده ولن يكون له مستقبل في سوريا».
ويتوجه دي ميستورا اليوم الثلاثاء إلى موسكو حيث سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بحسب ما أعلنت متحدثة باسم الخارجية الروسية.
وتشهد مدينة حلب منذ أكثر من عشرة أيام تصعيدا عسكريا بين قوات النظام والفصائل المقاتلة التي تتقاسم السيطرة على المدينة بين أحياء شرقية وغربية. وأسفرت أعمال العنف في المدينة خلال تلك الفترة عن مقتل أكثر من 250 مدنيا بينهم حوالي 50 طفلا، بحسب حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتستهدف الطائرات الحربية السورية الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل، فترد الأخيرة بقصف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام بالقذائف الصاروخية وقوارير الغاز.
واعتبر الجبير أن «ما يحصل في حلب انتهاك لحقوق الإنسان، إنه جريمة». واتهم روسيا والنظام السوري بانتهاك «الاتفاقات التي تم التوصل إليها» في إطار عملية السلام.
أما كيري فأوضح أن واشنطن ستمارس ضغوطا على الفصائل «المعتدلة» لتفصل نفسها عن «جبهة النصرة» في حلب.
وأكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن «تراجع حدة القصف المتبادل منذ صباح اليوم (أمس). وقال «استهدفت غارات حيين في الجهة الشرقية صباحا».(القدس العربي)