باتت فكرة إجراء الانتخابات النيابية قبل انقضاء العام الحالي أقرب للواقعية في فرصها من احتمالية تأخيرها حتى مطلع العام المقبل؛ كما دلل على ذلك، ابتداء، عدد من المعطيات، آخرها التغيير الذي يطاول الهيئة المستقلة للانتخاب.
غير أن هذه الفكرة تبدو الآن أنضج أيضاً، في أعقاب اجتماع رباعي ضم مسؤولي السلطات الثلاث؛ الحكومة والبرلمان (بمجلسيه؛ “النواب” و”الأعيان”) والسلطة القضائية، حيث تم التوافق على أسماء محددة لشغل المناصب في “الهيئة”، والتنسيب بها لجلالة لملك بانتظار صدور الموافقة الملكية.
الخياران اللذان جرى الاتفاق عليهما لرئاسة “الهيئة”، بحسب ما رشح من معلومات، يتمثلان في وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الحالي د. خالد الكلالدة أو المحامي ووزير العدل السابق أيمن عودة، إضافة إلى التنسيب بقائمة تضم 16 اسما ليكونوا أعضاء في مجلس المفوضين.
في حال تم تعيين عودة، أو أي شخص آخر من خارج الحكومة رئيساً للهيئة، فإن القصة تنتهي، وتبدأ الأخيرة بترتيب أمورها تحضيرا للانتخابات المقبلة. لكن القرار سيفتح على سيناريو آخر في حال تمّ تعيين الوزير الكلالدة في المنصب.
السيناريو المطروح إزاء تسلم الكلالدة رئاسة “الهيئة” يأخذ اتجاهين. الأول، وهو الأوفر حظاً، يتمثل في أنه مع تقديم الوزير استقالته من الحكومة حتماً، يتم تكليف وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، د. محمد المومني، الذي حمل ملف “الشؤون السياسية والبرلمانية” في بدايات دخوله الحكومة. وبذلك تنتهي القضية أيضاً؛ إذ ستكون هذه المعادلة صالحة لتمضية ما تبقى من عمر الحكومة.
لكن الواقع لا يبدو بهذا الوضوح والسلاسة. فالساعون إلى المناصب والتوزير خصوصاً، يشيعون أنباء عن تعديل وزاري أوسع، يتضمن عددا من الحقائب التي يعاني حاملوها ضعفاً في الأداء. وهؤلاء في الحقيقة طاولتهم أنباء التغيير منذ التعديل الأخير على حكومة د. عبدالله النسور.
ربما كان مواتيا وحتى مطلوباً في حينه توسيع التعديل السابق، إذ كان الزمن في صالح الحكومة. أما الحديث عن تعديل وزاري في الوقت الحالي يشمل أربع أو خمس حقائب، فهو بصراحة لن يحمل أي قيمة مضافة. فرحيل الوزير الفلاني والوزيرة العلانية الآن، وتقليد المواقع لأشخاص جدد لأشهر معدودات، لا يبدو مفيدا بأي درجة تذكر، كون ما تبقى من وقت لن يمكّن أي وزير جديد، بغض النظر عن مؤهلاته، من إحداث فرق.
هكذا، فإن الأفضل والأكثر عملية هو أن تُبقي الحكومة على تركيبتها الحالية، مع تولي د. المومني حقيبة الكلالدة في حال استقالته، لحين مغادرة الفريق الوزاري ككل “الدوار الرابع”. لاسيما أنه انتهى، أيضاً، مع الاستحقاقات الإصلاحية التي تفرضها خريطة الطريق التي رسمها صانع القرار، مفعول لعبة شراء الوقت التي أجادتها الحكومة.
وبمناسبة العودة إلى الحديث عن ضعف الأداء الحكومي، فإنه فعلاً السمة الغالبة على بعض الوزارات، وبما غيّب فكرة الفريق الاقتصادي تحديداً عن الحكومة الحالية، وقلّص المنجز المتوقع منها على هذا الصعيد، رغم تسجيلها رقما أردنيا قياسيا في بقائها في دار الرئاسة. وهي مسألة تنطوي على كثير من الدلالات، لكن لم يعد التفكير في معالجة نقاط الضعف متاحا اليوم.
مرة أخرى، فإن من الأفضل الإبقاء على فريق د. النسور على حاله حتى رحيل الحكومة مجتمعة، على أمل أن تأتي حكومة جديدة، ويسعفنا الوقت آنذاك لمعالجة الأخطاء التي رافقت الحكومة الحالية. أما تعديل وزاري جديد اليوم، فإنه لن يقدم أو يؤخر، ربما باستثناء توجيه رسالة للمقصرين في ربع الساعة الأخير، بتقاعسهم وفشلهم في النهوض بالمسؤوليات المناطة بهم.