عروبة الإخباري – رجَّح خبراء ماليون واقتصاديون انتصار رجل الأعمال نجيب ساويرس في معركة عضِّ الأصابع بينه وبين محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، التي خرجت خلال الأيام القليلة الماضية من حيز الغرف المغلقة إلى الفضائيات واسعة الانتشار وصفحات الصحف، ربما لوضع الأخير في حرج وتأليب الرأي العام عليه بعد إظهاره في صورة مَنْ يحاول شخصنة القضية وعرقلة استثمارات محتملة لمصر بالمليارات وإهدار عشرات الآلاف من فرص العمل على المصريين.
من يربح المعركة؟
“رجل الأعمال نجيب ساويرس يكسب بالتأكيد في هذا الصراع، تدعمه أمواله وعلاقاته وقدرته على التأثير في أسواق المال وأسواق العمل إلى جانب قدرته على التأثير في الرأي العام وكسب التعاطف لقضيته التي صوَّرها على أنه يسعى لإفادة البلد وضخ استثمارات فيها، وكان جزاؤه مقابل هذا هو التعنت وتعطيل الصفقات التي يسعى إلى إبرامها”، هكذا يرى الأمر شريف مكي، الخبير الاقتصادي.
وأضاف مكي: “ساويرس الذي نجح في التملُّص من ضرائب بحوالي 7 مليارات جنيه، وبموافقة الحكومة، لن يعدم أن يجد الدعم السياسي لقضيته نظراً لعلاقاته النافذة في الدولة، والتي أشار إليها بنفسه في مقاله المنشور في صحيفة “الأخبار”، حيث قال: “بعد الشكوى إلى رئيس الحكومة انسحب البنك الأهلي من العرض”.
من الجانب الآخر – كما يقول مكي – فإن “المتغطي بالحكومة عريان”، وهذا هو حال محافظ البنك المركزي طارق عامر، حيث لا يأمن أي مسؤول في الدولة مهما علا شأنه أو ارتفع منصبه من الإقالة في أي لحظة إذا شعر النظام الحاكم بأنه خرج عن النص أو سبب إحراجاً ما، أو قام بخطأ ما لا يمكن التساهل معه فيه.
أوراق الضغط
“ساويرس يتمتع بالعديد من أوراق الضغط ونقاط القوة التي تؤكد تفوقه في هذه المعركة وحسمها لصالحه، فقد قام بجلب المليارات لمصر عبر مشاريعه الاستثمارية المتنوعة التي عادت بالفائدة على الاقتصاد المصري، وتهديده بنقل استثماراته للخارج لن يلقى آذاناً صماً في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، وتعثر جذب استثمارات أجنبية، الأمر الذي يحتم على الحكومة الحفاظ على الاستثمارات الموجودة بالفعل”.
كان هذا رأي الدكتور صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، الذي قال: “تظهر ملامح الشخصنة واضحة في قرارات محافظ البنك المركزي، خاصة قرار تحديد فترة محددة لرؤساء البنوك، الذي يحتاج إلى توضيح، والذي يبدو منه أنه يستهدف شخصيات بعينها ربما بتصفية حسابات قديمة، حيث إن اختيار رئيس أي بنك خاص يأتي بموافقة أفراد الجمعية العمومية، والمحافظ يقبل أو يرفض، وليس من شأنه تحديد فترة رئاسته”.
واتفق فهمي مع مكي في أن طارق عامر هو الحلقة الأضعف في هذا الصراع، في ظل الأزمة الحادة الناتجة عن ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل اليوم في السوق السوداء إلى 10 جنيهات بالرغم من كل الإجراءات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية، التي كان آخرها تخفيض سعر الجنيه بحوالي 14% مقابل الدولار وهو التخفيض الأكبر في تاريخ الجنيه المصري.
وتشهد الأوضاع الاقتصادية في مصر تراجعاً ملحوظاً منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما انعكس بوضوح على قيمة سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، فكان الدولار يساوي 5.8 جنيه مصري بداية عام 2011، ليصل حالياً إلى 8.88 جنيه./“هافينغتون بوست عربي”