عروبة الإخباري- لا يُشكل الثامن من مارس/آذار “تاريخاً استثنائياً” بالنسبة لكثير من النساء في قطاع غزة يستدعي “الاحتفال” على غرار ما تفعله نظرائهنّ في دول العالم.
فيوم المرأة العالمي يمر قاسياً ومؤلماً على آلاف النساء الفلسطينيات في غزة بفعل ما خلفته الحروب الإسرائيلية، بالتزامن مع تراكمات سنوات الحصار المفروض منذ 10 سنوات.
يوم المرأة ينكأ الجراح
ينكأ هذا اليوم جراح المرأة في غزة، كما تقول وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية “هيفاء الأغا”، فما تعيشه النساء من واقع “صعب ومرير” يُلغي مظاهر الاحتفال والبهجة بـ”عيدهنّ”.
وتضيف الأغا: “المرأة في غزة تعاني ظروفاً اقتصادية ونفسية صعبة، وتدفع فاتورة باهظة الثمن، بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق المستمر منذ 10 سنوات، المرأة أسيرة، ومريضة، وصاحبة المنزل المدمر بفعل الحرب”.
وتشير إلى أن واقع المرأة يزداد في قطاع غزة “قسوة” يوماً بعد آخر بفعل الظروف الاقتصادية والإنسانية القاسية.
وتتابع الوزيرة الفلسطينية: “الحرب الأخيرة خلفت آثاراً كارثية يصعب أن تندمل، وأثرت المشاكل في نفسية المرأة، إلى درجة يصعب التعامل معها، النساء دفعن الفاتورة الأعلى جراء الحروب المتكررة والحصار المستمر”.
وفي السابع من يوليو/تموز 2014، شنت إسرائيل حرباً على قطاع غزة (استمرت 51 يوماً)، تسببت بمقتل 2322 فلسطينياً، بينهم 489 امرأةً، وجرح 10870، آخرون، من بينهم 302 امرأة، أكثر من 100 منهن بتن يعانين من إعاقة دائمة وفقاً لإحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية.
وبحسب مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة (غير حكومي)، فقد تعرضت 600 امرأة للإجهاض خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، جراء “الخوف”، إضافة إلى تهجير 34697 سيدة بسبب تدمير منازلهن بشكل كُلّي أو جزئي، فيما فقدت 791 سيدة أزواجهن خلال الحرب.
ولا يزال نحو 20 ألف فلسطيني مشردين حتى اللحظة في مراكز الإيواء والمساكن المؤقتة، أو لدى عائلاتهم الممتدة، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان
نساء معتقلات وجريحات
وتقول مريم أبودقة، عضوة المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن “المرأة الفلسطينية في غزة تدفع ثمن الحصار القاسي والحروب المتكررة”.
وتتابع: “الثامن من آذار ينكأ وجع النساء الأسيرات، الجريحات، اللواتي فقدن أزواجهنّ وبيوتهنّ، تحلم المرأة في غزة بالسلام، والعيش بعيداً عن الحروب والمآسي”.
وشنت إسرائيل خلال أعوام (2008 و2014)، ثلاث حروب على قطاع غزة، خلفت آلاف القتلى والجرحى.
وترى أبودقة أن العالم مُطالب بإنصاف المرأة الفلسطينية وتقديم الدعم اللازم لها “اقتصادياً ونفسياً”.
وفرضت إسرائيل حصاراً على سكان غزة (1.9 مليون فلسطيني)، منذ نجاح حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير/كانون الثاني 2006، وشدّدته في منتصف يونيو/حزيران 2007، إثر سيطرة الحركة القطاع، واستمرت في هذا الحصار رغم إعلان حماس التخلي عن حكم غزة مع تشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو/حزيران 2014.
المرأة في القطاع
ووفقاً لتقارير أعدتها مؤسسات دولية فإن 80٪ من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش.
وقال التقرير السنوي الصادر عن منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”، مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015، إن غزة قد تصبح منطقة غير صالحة للسكن بحلول عام 2020، خاصة مع تواصل الأوضاع والتطورات الاقتصادية الحالية في التراجع.
وبمناسبة يوم المرأة العالمي قال اتحاد العمل النسائي الفلسطيني (غير حكومي)، إن نسبة البطالة في صفوف النساء بقطاع غزة وصلت لأكثر من 63%، فيما تخرج الجامعات الفلسطينية قرابة 30 ألف طالب وطالبة سنوياً.
وقال الاتحاد في بيان له إن عام 2015 الماضي كان من أصعب الأعوام على المرأة الفلسطينية، بفعل تداعيات الحصار والحرب الإسرائيلية، وفي ظل تدهور وانعدام الحياة المعيشية.
وكانت منظمة “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، (مركزها جنيف بسويسرا)، قالت في إحصائية نُشرت نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، إن “6 من كل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، منها 27% انعداماً حاداً، و16% انعداماً متوسطاً، و14% نقص في الأمن الغذائي”.
وأضافت المنظمة أن شرائح واسعة من سكان قطاع غزة تعاني من الاكتئاب، ومستويات عالية من “الضغط النفسي”.
ويحتفل العالم في الثامن من مارس/آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي، وفيه يتم الاحتفال عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء.(هافينغتون بوست عربي)