عروبة الإخبار ي- – برعاية سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه، وحضور كبير من قانونيين وسياسيين ودبلوماسيين وكتَّاب وإعلاميين ومهتمين، نظم المنتدى ضمن لقاءات نادي الكتاب في مقرّه مساء الأربعاء 10/2/2016، حفل إشهار كتاب (قصة طموح) للقاضي الدولي العين الأستاذة تغريد حكمت، الذي قدمت له سموالأميرة بسمة بنت طلال، وأعده الباحث عمر العرموطي، وصدر مؤخراً في عمّان.
وأنتدب سموه د. محمد أبو حمور، الأمين العام للمنتدى، الذي أدار اللقاء وأشار في كلمته إلى أن العين تغريد حكمت، وهي أول قاضٍ امرأة في الأردن وأول قاضٍ عربية ومسلمة في القضاء الجنائي الدولي من خلال المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب في رواندا، تقدم تجربة مليئة بمحطات المثابرة والطموح، التي لم يكن من السهل الوصول إليها بغير العلم والوعي والثقافة، والقيم النبيلة والسامية في بناء الإنسان لذاته وامتلاكه أدوات المشاركة في بناء مجتمعه، وصنع النموذج المشرق كنتاج حضاري لمجتمع ووطن وثقافة أصيلة.
وأضاف أن سيرة حياة القاضي تغريد حكمت، التي سُجِّلت بجهد توثيقي وبحثي متميز، تُبرز سمات وأبعاداً تتجاوز الطابع الشخصي والفردي إلى الطابع العام وسيرة المجموع. فالكتاب يصور التطور الاجتماعي المتعلق بدخول المرأة في المشاركة بالحياة العامة والمواقع القيادية والمؤثرة في إطار هذا التطور، كما أنه يصور تجربة ريادية ناجحة بكل المقاييس، وإن لم تكن عادية وتبلغ درجة من التفرد في الوصول إلى موقع دولي مرموق لسيدة طموحة ومثابرة بدأت حياتها في سلك التعليم، ثم انتقلت إلى المحاماة، فالقضاء والقضاء الدولي، مما يجعل خلاصة تجربتها بمثابة دروس مستفادة لجيل الشباب والشابات في تطوير الفكر والتفكير بأفق واضح، وبعيداً عن اليأس، واكتساب القدرة والتفتح على التعامل مع بيئات مختلفة وثقافات متنوعة.
وقال د. أبو حمور: إن هذه التجربة تؤكد أيضاً دور الأسرة والمجتمع في مساندة الكفاءات لخدمة الوطن، ودور القرار السياسي البصير ودعم القيادة الهاشمية الكريمة لتمكين هذه الكفاءات من أداء دورها، والتكامل بين مختلف الأدوار في عملية التنوير والتحديث الاجتماعي، وبناء مجتمع مدني صالح يحقق ممارسات النزاهة والكفاءة والشفافية؛ مضيفاً أن منتدى الفكر العربي يسعى من خلال هذه اللقاءات إلى فتح الأبواب لقراءة التجارب والرؤى الفكرية والإنسانية عبر الكتب، والحوار حولها والمساهمة في نقل الأفكار الإيجابية إلى واقع السلوك والفعل.
العين الأستاذة تغريد حكمت
من جهتها أشادت العين تغريد حكمت بالدور الفكري للمنتدى ولسمو رئيسه الأمير الحسن بن طلال، الذي أضاء بعلمه وعقله الطريق للسلام والوئام وحفظ كرامة الإنسان، وزرع قيم العيش المشترك والتآخي بين الديانات محلياً وعالمياً، كمساهمة أساسية لتحقيق العدالة والتفاهم بين الشعوب.
وأوضحت أن كتابها (قصة طموح) يلخص تجارب أربعين عاماً، كانت مليئة بالمفاجآت التي توالت “كأنني عشت أكثر من حياة واحدة كلٌّ منها لها طعم خاص بين حياة بسيطة لابنة ضابط متقاعد في مدرسة الزرقاء الثانوية إلى رئاسة المحكمة الجنائية الدولية في رواندا”، وامرأة واجهت صعوبات كثيرة للوصول إلى مواقع المسؤولية، لتصل أن تكون أول قاض من النساء العربيات في المحكمة الجنائية الدولية في راوندا، التي حاكمت مجرمي الحرب والقادة العسكريين الذين أعطوا الأوامر بالإبادات الجماعية، ومحاكمة الحكام الإداريين وغيرهم ممن يفقدون إنسانيتهم في الحروب الأهلية، وكذلك مكافحة الفساد وإرساء دعائم ثقافة المسؤولية بدلاً من ثقافة الحصانة.
وتناولت العين تغريد حكمت تجاربها كمحاضرة في اللقاء السنوي لجامعة هارفرد ما بين 2006-2011، وكاديمية وست بوينت العسكرية، وجامعة سيتون هول لمشروع كليات الحقوق في العالم، وتحدثت حول انتقالها من مُطبِّق للقانون كمحام وقاض إلى مشرع في مجلس الأعيان، ونقل خبراتها إلى الشباب في الجامعات حول قضايا العنف الجامعي، والعنف المجتمعي، وحماية الشباب، ووسائل تجاوز الشعور بالظلم وعدم العدالة ضمن الأطر القانونية.وقالت في هذا الصدد: إن النمو السريع الذي لم يكن فيه للشباب نصيب جعل الكثيرين عرضة للوقوع كفريسة للمخدرات والتطرف.
كما تناولت في حديثها خبراتها في مكافحة الأشكال الحديثة للعبودية والاتجار في البشر في المنطقة، وأكدت أهمية حماية الأسرة من ظواهر العنف الأسري والإساءة للأطفال، وأهمية المحافظة على الثقافة العربية والإسلامية في كل المعالجات الاجتماعية والأسرية. وختمت حديثها بالقول إن الأمومة تظل فوق كل الطموحات.
الأستاذ عمر العرموطي
وصف الباحث الأستاذ عمر العرموطي، مُعدّ الكتاب، في كلمته تجربة القاضي والعين تغريد حكمت بأنها صورة للمرأة العصامية، صاحبة الإرادة القادرة على تغيير المعطيات وخلق الفرص وتحقيق الذات. وقال: لقد استطاعت أن تحطم كل الحواجز التي وقفت في طريقها وأن تصبح أول قاضٍ امرأة في بلدها وأول عربية في المحاكم الجنائية الدولية، فأثبتت نفسها بجدارة على الساحتين المحلية والدولية، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير. وأضاف أنها عاشت في بيئة ثقافية محترمة، اكتسبت منها العلم والثقافة والمبادرة، واستطاعت أن تنشىء أسرة مثالية وكرست جهدها لخدمة بلدها وأمتها والإنسانية بشكل عام، وأثبتت أن المرأة العربية والأردنية لا تقل عن مثيلاتها من نساء العالم القياديات والمبدعات، وقدمت نموذجاً للمرأة الواعية المبدعة التي تحسن إدارة الوقت، وتعرف كيف توجه بوصلة الإنجاز في الاتجاه الصحيح.
ودعا العرموطي الشخصيات الأردنية على اختلاف مواقعها إلى تدوين سيرها الذاتية، موضحاً أن ذلك يرقى إلى الضرورة الوطنية، وأن جزءاً كبيراً من تاريخ العالم الغربي قد أخذ من السير الذاتية لشخصياته في مختلف المجالات. كما دعا وزارة الثقافة إلى تشكيل فرق عمل تنتشر في جميع أنحاء الأردن لجمع الذاكرة الشفوية للوطن.