عروبة الإخباري- «مفاتيح بيتي في دمشق»، قالت هذه الكلمات كاثرين الثانية إمبراطورة روسيا في القرن السابع عشر في إشارة إلى أهمية الوصول إلى المياه الدافئة.
بعد أربعة قرون، تحلق الطائرات الروسية فوق الأراضي السورية، وتثبت وجودها أمام سواحلها بسفنها الحربية، لتدخل موسكو بقوتها العسكرية في الحرب السورية، مستهدفة بأولى ضرباتها وسط سوريا، لتتنقل أهدافها من ريف حمص الشمالي وإدلب متجهة نحو الرقة وريف الحسكة، لتصبح قريبة من اللاذقية وتلامس الحدود العراقية – السورية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية استهداف طائراتها مقار ومعسكرات تدريب تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» والتنظيمات المصنفة إرهابية. وأشارت إلى استهدافها المراكز في دار عزة بريف حلب ومنطقة الهبيط بريف إدلب ومركز تدريب وقيادة قرب الرقة وغيرها من المناطق.
وتحرص وسائل الإعلام الروسية والسورية على استخدام المصطلحات التي تؤكد التنسيق بين القوى الجوية الروسية والسورية، وهو ما أشارت إليه وزارة الدفاع الروسية بعملية التنسيق مع مختلف أجهزة استخبارات المنطقة مثل العراق وإيران وسوريا.
ويوضح مصدر مطلع، لـ«السفير»، أهمية المنطقة الوسطى في سوريا. ويقول «تشكل المنطقة عقدة وصل بين شمال سوريا وجنوبها، فهي الطريق الواصل بين العاصمة دمشق نحو حلب واللاذقية، كما تعتبر البوابة من الساحل السوري نحو الداخل باتجاه الرقة ودير الزور». ويضيف أن «المعركة هي بمواجهة جيش الفتح بشكل خاص في سهل الغاب، وتنظيم داعش في البادية السورية».
ويشير المصدر إلى الأهمية الجغرافية للمناطق عسكرياً، موضحاً أن ريف حماه الشمالي يتداخل مع ريف إدلب والمدينة، وهو يشكل امتداداً لبعضه من اللطامنة وكفرزيتا وخان شيخون ومعرة النعمان، فيما يعتبر جبل الزاوية أهم المعاقل الأساسية للمجموعات المسلحة في المنطقة، والذي يشكل خزان المقاتلين نحو إدلب، ويهدد ريف اللاذقية، المفتوح على الحدود التركية التي تعد الممر الأساسي للمسلحين وعتادهم.
وعن معركة سهل الغاب وجسر الشغور، يعتبر المصدر أن المعركة مع «جيش الفتح» هي لمنع فصل الساحل عن الداخل، واستباق أي تهديد للتواجد العسكري الروسي على الشواطئ السورية. ويضيف أن «أحد بنود هدنة الزبداني هو نقل المسلحين نحو إدلب، وهو ما يشكل تركيزاً من وحدات الجيش السوري على جبهة محددة. فانتشار الجيش على مختلف الجبهات سيختلف حين يبدأ عدد الجبهات بالانخفاض، وتصبح في أماكن تحددها القيادة العسكرية».
أما عن ريف حمص الشمالي، فيشير إلى أن الأساس هو منطقة الرستن وتلبيسة ودار الكبيرة والوعر، التي تشكل تهديداً لمحافظة حمص، موضحاً أن الوجهة الرئيسية هي حلب، لكن الأمر لا يمكن تحديده بمدة معينة، فأعداد المجموعات المسلحة كبيرة وتملك عتاداً وتلقت تدريباً، والتنسيق بين القوى الجوية الروسية والقيادة العسكرية السورية يشكل تمهيداً لعمليات التقدم البري التي لم تظهر بعد وجهتها الأولى، التي يمكن أن تكون تدمر أو الفوعة وكفريا.
نحو الشرق باتجاه تدمر والرقة ودير الزور تتجه الطائرات الروسية، بمواجهة مع مسلحي تنظيم «داعش». ويضع المصدر أهمية المنطقة لكونها على تماس مع الحدود العراقية باتجاه الموصل شرقاً والحدود الأردنية جنوباً. ويعتبر أن السيطرة على الطريق البري من سوريا باتجاه العراق وإيران يسهل أي عملية عسكرية برية قد تتفق عليها هذه الدول في المستقبل.
لا يمكن الفصل بين الميدان العسكري واقتصاد الطاقة في وسط سوريا، فهذه المنطقة تمتد من ميناء اللاذقية وطرطوس مروراً بمصفاة حمص وصولا إلى حقول النفط في دير الزور.
محافظة حمص هي في قلب الصراع بين مشروعين، الأول يهدف إلى استجرار الغاز القطري نحو حمص ومنها إلى أوروبا، أما الثاني فهو يبدأ من إيران ويمر بالعراق وحمص متجهاً نحو اللاذقية.
يشار إلى قيام فريق الخبرة الأوروبي في سوريا بتقديم اقتراح لوزارة الإدارة المحلية في العام 2010، بنقل العاصمة من دمشق إلى حمص. وجاء هذا الاقتراح من البعثة التي عملت على مشروع مخطط تنظيم دمشق، بسبب أن تنظيم العاصمة صعب للكثافة السكانية والتشعب العمراني، بينما حمص قابلة للتوسع وتقع وسط البلاد وكونها لا تقع على الفالق الزلزالي، فقامت القيادة القطرية لحزب «البعث» بتعديل المقترح بحيث تصبح حمص هي العاصمة الإدارية وحلب العاصمة الاقتصادية ودمشق العاصمة السياسية، لكن تم تجميد المشروع بسبب دخول البلاد في أزمتها الطويلة.