كتب الناقد محمد المشايخ- قبل أن يولد كثيرون من عمالقة الإبداع في عالمنا العربي، كان العلامة د.ناصر الدين الأسد ، يملأ الدنيا ويشغل الناس، ويخوض أشرف معاركة الأدبية مع عميد الأدب العربي «طه حسين» حول مصادر الشعر الجاهلي، وكان لوجوده في القاهرة خلال العقدين الرابع والخامس من القرن الماضي، سببا في ازدهار الحياة الثقافية فيها، إذ قام بتثوير أهم أكاديمييها وأدبائها ونقادها ولغوييها، وأدخلهم في أتون نقد النقد، حتى خلدوا إنجازات ما زالت تـُثري المكتبة الأدبية العربية.
ولأن الأمم تتباهى بأهم مبدعيها، فإن العرب يفتخرون بأديب الأردن أ.د.ناصر الدين الأسد، ويحرصون على مشاركته وحضوره في أهم الفعاليات الأدبية والفكرية واللغوية العربية ، وقد أطلق عليه د.محمود السمرة(رجل الأوائل)، فهو أول رئيس للجامعة الأردنية، وأول وزير للتعليم العالي، وأول رئيس لمؤسسة آل البيت، ويـُكمل د.أحمد ماضي أوائله ، ومنها انه كان الأول على دورته في الثانوية المتوسطة، والأول على دفعته في الكلية العربية في القدس، ثم في جامعة فؤاد الأول، وأول الأردنيين الحاصلين على درجة الدكتوراه في جامعة القاهرة، وأول مؤرخ للأدب في الأردن وفلسطين، وأول أردني قاد حوارا إسلاميا مسيحيا، وأول من أقام حوارا شاملا بين المذاهب الإسلامية.
ولئن كان محمود الكايد قد قال عنه بأنه «رجل لا ذنب له إلا العـُلا والفضائلُ»، فإن كثيرين يرون أن علاقته بـ»طه حسين»، أقوى من صلة القربى أو النسب، وأن د. الأسد امتداد صحي له، يـُضيف ولا ينقل، هو منه لكنه غيره، وأنه ورث عنه عمادة الأدب العربي، وثمة أحاديث عن علاقته بعدد من القمم الشامخة من مثل: محمود محمد شاكر، عباس محمود العقاد، شوقي ضيف، احمد أمين، زكي نجيب محمود،وأحمد حسن الزيات.
إن تعداد شهادات وجوائز وأوسمة وحفلات تكريم ومؤلفات ومناصب ومواقع وعلاقات د.الأسد، يحتاج إلى كتاب خاص، كما أن الحديث عن علاقاته وصداقاته، وعن طلابه، وخاصة الذين تسلموا مواقع مهمة في الدولة، وفي الجامعات والمؤسسات الثقافية والإعلامية والفكرية، ومنهم د.خالد الكركي، وغدوا قياديين فيها أيضا يحتاج إلى كتاب، والإشارة إلى مشاركاته في أهم المؤتمرات والمهرجانات والملتقيات واللجان والجوائز العربية، وكذلك رصد مقالاته ودراساته وتحقيقاته يحتاج أيضا إلى كتاب.
أذكر هنا أنه افتتح مقر رابطة الكتاب الأردنيين في جبل اللويبدة بتاريخ 4/8/1974، وانتسب للرابطة بتاريخ 15/11/1978، وكانت علاقته وطيدة مع أعضائها بعامة، ورؤسائها بخاصة.
كان د.الأسد مؤسسة في فرد، وصاحب مشروع ثقافي عربي، يحتفظ بشبابه، ويحرص على أناقته، أما فصاحته، فقد جعلت منه حجـّة في اللغة في وقتنا الراهن، أما ديوانه «همس وبوح « فيعكس قدرته على إبداع القصيدة التي تشبه الجوهرة ليس في شكلها الخارجي، أو لمعانها فحسب، بل في مضمونها القيـّم.