اعتدنا في العالم العربي أن نرى السجاد الأحمر ممدودا على مدارج المطارات للسياسيين وحكام الدول، أو للفنانين والمطربين والمطربات أمام أبواب المسارح والمهرجانات التي يصرف عليها الملايين، أما أن يفرش السجاد الأحمر من أجل حملة الأقلام والوراقين وكتاب الروايات، فهذا ما لم نعتد عليه، ولم نعرفه في وطننا الممتد من المحيط إلى الخليج، لكن المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا”، أبت إلا أن تفرش الأرض بساطا أحمر لفرسان الرواية العربية، وأن تضعهم تحت الأضواء نجوما تتلألأ في سماء الإبداع العربي، وهذا ما حدث على مدخل مسرح الأوبرا الرائع في “كتارا” التي استضاف حفلا بديعا لتكريم أصحاب الأقلام العربية من كتاب الروايات الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الأولى، وهي الجائزة الأضخم من نوعها عربيا.
كان الحفل بديعا في كل شيء، إلا أن أبدع ما فيه كان اعتلاء ثلة من الروائيين خشبة المسرح من أجل استلام جوائزهم المستحقة بعد فوزهم الشاق.. لقد كانوا 10 فقط من بين 711 عربيا قدموا روايتهم لكي يحفروا أسماءهم في سجل الروايات العربية الفائزة بجائزة الحي الثقافي، ولكي يكرسوا أنفسهم نجوما في فضاء الرواية العربية، ولم يكن لهم أن يفوزوا إلا بعد أن رشحتهم اللجان المختصة من أصحاب وصاحبات القلم والأدب والنقد والرواية ، وهم الذين توجوا خمسة فائزين عن فئة الروايات المنشورة وهم: واسيني الأعرجي من الجزائر عن رواية “مملكة الفراشة”، وأمير تاج السر من السودان عن رواية “366”، ومنيرة سوار من البحرين عن رواية “جارية”، وناصرة السعدون من العراق عن رواية “دوامة الرحيل”، وإبراهيم عبد المجيد من مصر عن رواية “أداجيو”، إضافة إلى خمسة فائزين عن فئة الروايات غير المنشورة وهم جلال برجس من الأردن عن رواية “أفاعي النار- حكاية العاشق علي بن محمود القصاد”، وعبدالجليل التهامي من المغرب عن رواية “امرأة في الظل”، وميسلون هادي من العراق عن رواية “العرش والجدول”، وزكريا أبو مارية من المغرب عن رواية “مزامير الرحيل والعودة”، وسامح الجباس من مصر عن رواية “حبل قديم وعقدة مشدودة”.
وتوجت رواية “مملكة الفراشة” للروائي الجزائري واسيني الأعرجي، بجائزة أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي من بين الروايات المنشورة الفائزة وقيمتها 200 ألف دولار أمريكي مقابل شراء حقوق تحويل الرواية إلى عمل درامي، ورواية “حبل قديم وعقدة مشدودة” للروائي المصري سامح الجباس ، عن فئة الدراما للرواية غير المنشورة قيمتها 100 ألف دولار.
كل نص روائي فائز عن فئة الروايات المنشورة حصل على جائزة مالية قدرها 60 ألف دولار أمريكي، ليصبح مجموع جوائز هذه الفئة 300 ألف دولار أمريكي. وكل نص فائز عن فئة الروايات غير المنشورة حصل على 30 ألف دولار أمريكي، ليصبح مجموعها 150 ألف دولار أمريكي. إلى جانب طباعة وتسويق الأعمال الفائزة التي لم تنشر وترجمة الروايات إلى خمس لغات هي الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والصينية والهندية.
تستمر قطر في تكريس ريادتها في عالم الثقافة العربية، ، الأسرع نموا، والأنشط حركة، والأكثر استقطابا للمواهب الأدبية والثقافية العربية، وهي تتحول إلى حاضنة للإبداع الثقافي العربي، وكتارا لها بصمة واضحة في هذا الحراك الثقافي القطري، وهي تتحول من مؤسسة محلية إلى مؤسسة عابرة للحدود العربية، وأضحت معلما من المعالم الثقافية العربية البارزة لتعزيز الإبداع العربي. بإعلانها عن جائزة كتارا للرواية العربية التي استقطبت الإبداعات العربية من كل أقطار عالمنا العربي بلا تمييز ، فكل المبدعين سواسية لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بالإبداع والمهارة في حرفة الكتابة والرواية، وهذا ما دفع المئات من الروائيين على اختلاف مدارسهم الأدبية وأفكارهم وتوجهاتهم، لتقديم أعمالهم الروائية لثقتهم باستقلالية الجائزة وشفافيتها ونزاهتها وحياد القائمين عليها.
لم يكن هذا ليحدث لولا وجود إدارة فاعلة وجسم منظم وإشراف منضبط لتفاصيل جائزة كتارا للرواية العربية، وإذا كان الأمر لا يستقيم إلا بذكر أهل الفضل من القائمين على هذه الجائزة القطرية العربية فلا بد من ذكر الدكتور خالد السليطي مدير عام كتارا، الذي رعى الجائزة بكل تفاصيلها، والدكتور خالد السيد المشرف على الجائزة وعمل على إنجاحها، والفريق العامل معهما، فالأسماء الفائزة تعبر عن المشهد الروائي العربي، فهي أسماء لها وزنها وتجاربها في فضاء الكتابة، إلى جانب إتاحة الفرصة لكتاب مبدعين جدد، مما يمنح هذه الجائزة مصداقية كبيرة في عالم الرواية في أرجاء العالم العربي.
سمير حجاوي/سجاد أحمر للرواية العربية
18
المقالة السابقة