عروبة الإخباري – مر مرور الكرام خبرا بثته وكالة الأنباء الاردنية “بترا” قبل أيام ، ومفاده تسيير رحلة عمرة لعدد من اهالي بلدة عرجان بمحافظة عجلون ، واعتقد أن الخبر لم يأخذ البعد والاهتمام في مراميه ومعانيه وما يتصل بتفاصيله، لكون هذه الفترة هي معتادة في توجه المسلمين نحو مكة لاداء مناسك العمرة تقربا الى الله وطلبا لرحمته.
الا ان تفاصيل الخبر واحداثياته ، لم يتم التعامل معها بما تحتمل من صور انسانية غاية في الروعة ، وتشكل نقطة مضيئة من ضمن النقاط المضيئة والعلامات الفارقة لمجتمعنا الاردني ، الذي يثبت في كل يوم انه استثنائي ويستحق الاحترام بكل اطيافه ومعتقداته .
ولعب دور مؤثر في اتجاهات تفكير مجتمعنا الاردني الوسطي ، قيادة هاشمية عبرت في كل مرحلة عن وقوفها ضد التشدد والغلو الصادر من اي طرف سواء كان مسلم او مسيحي او يهودي وطالبت على الدوام باعتماد الوسطية منهجا في التعامل والتحاور مع الاخرين ، وعدم الانكفاء على الذات واغلاق العقل عن التدبر والتفكر والانفتاح على الاخر لبلوغ السمو الانساني الذي وهبنا اياه الله.
وبالعودة الى تفاصيل خبر تسيير مدير عام شركة النقليات السياحية “جــــــت” مالك حداد ، رحلة عمرة لمجموعة من اهالي بلدة عرجان في عجلون والتي تعد رسالة لا تحتاج الا للتقدير والتدبر في مضامينها الانسانية السامية التي وحدت تفكير هذا الرجل الذي يلقى الاحترام والتقدير لمواقفه المبدئية الوطنية تجاه اهله وبلده دون ان يتوقف عند مسألة الدين والمعتقد لتقرير كيفية تعامله مع الاخرين .
فكانت هذه البادرة درس عملي في التعايش والتلاحم بين ابناء المجتمع الاردني وصورة ناصعة البياض لما يمكن ان يترجمه الخلق الانساني الرفيع ، وما وصل اليه مجتمعنا الاردني من تلاحم اصيل بات انموذج في العالم يتكلم الجميع عنه .
وهو المستوى الذي يترجم الحالة المجتمعية الاردنية والتي ليس لها نظير ، في ظل اقليم ملتهب بالحروب التي يكون وقودها الاختلاف العقائدي والديني ومدخلها التطرف والشذوذ الفكري الذي يغذيه جهل بسمو الرسالات السماوية التي انزلت على انبياء الله على مر العصور ، وشكلت اجزاء متتابعة في ومتلاحقة في تعزيز المفاهيم الانسانية والمحبة والسلام الذي طالما دعت اليه الرسالات السماوية .
مالك حداد .. شكرا لك لانك اختصرت على الكثيرين الوقوف على منصات الخطابة واختصرت ايضا الكثير من الندوات والمؤتمرات التي تقام لايصال مفاهيم التسامح والحوار بين الاديان وتعزيز القواسم المشتركة بين الاديان … بفعل يفوق عشرات المرات ما يمكن ان تؤديه تلك الخطب وكل تلك المؤتمرات .
وترجمت بحق مفاهيم اسلامية انسانية بأن الدين المعاملة ، واي معاملة افضل من ان تجهز رحلة عمرة لثلة من ابناء بلدك المسلمين ، لتنقل هذه الحكاية عبر السنين عن المسيحي الذي جهز رحلة عمرة لابناء بلده المسلمين.
مثل هذه الشخصيات هي حقا ما نريده وما نفتقد وجوده في المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وهي القادرة على تعظيم الجوامع وتقليل الفوارق لتمتين جبهتنا الداخلية وتقوية بنيان المجتمع ، في مواجهة الفكر المتطرف والاعمى والذي يجتاح المجتمعات في البلاد المجاورة ويعيث فيها فسادا وانحرافا في العقيدة والخلق الانساني القويم.
محمود الدباس