هذا شعار رفعته إحدى الناشطات، للاحتجاج على المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، والتي تسمح لمن يرتكب جريمة الاغتصاب والاعتداء على العرض، بالزواج ممن اعتدى عليها في بعض الحالات.
يصعب الفهم، ونحن في القرن الواحد والعشرين، أن هذه المادة موجودة في قوانين العديد من الدول العربية، وذلك تحت مبررات مغلوطة ومخزية، مثل “السعي إلى ستر الفضيحة”، و”حماية المرأة من العار” أو مما يدعى “جرائم الشرف” التي ليس لها من الشرف شيء.
ما تزال أغلب مجتمعاتنا العربية تحكمها عقلية ذكورية، لا تعتبر أن للمرأة حقوقا، على الدولة مسؤولية تحقيقها. فبدلا من حقها في العيش بأمان وتحت حماية المجتمع والدولة، تتم مصادرة هذا الحق، بل وتجاهل كل ما تتعرض له أي امرأة تمر بمثل هذه التجربة المريرة، حتى لا تقوم الدولة بواجبها بمعاقبة كل من تسول له نفسه الاعتداء السافر على المرأة. وبدلا من توجيه الاتهام والعقاب للفاعل، كما يقول العقل والمنطق والدين، تخرج مجتمعاتنا الذكورية ببدع وقيم لا يجوز أن يتضمنها أي مجتمع؛ فتتم مكافأة المذنب، والضرب عرض الحائط بأحاسيس وحقوق المرأة، وعفا الله عما مضى! ثم تبلغ الصلافة حدا بتبرير ذلك على أنه حماية للمرأة، وستر لعرضها! وكما ذكرت لي إحدى المحاميات المرموقات، فماذا لو تم الاعتداء على امرأة من أكثر من رجل؛ أي منهم يتزوجها؟ وهل يختزل الزواج إلى هذا الحد؟
إن كانت بعض العادات الاجتماعية بالية، وتحتاج لوقت طويل كي تتطور، فإن أضعف الإيمان أن تحمي التشريعات على الأقل حق المرأة، بدلا من أن تجاري العادات المتخلفة، فتساهم في ترسيخها بدلا من ردع المعتدي، وتحميل المرأة مسؤولية الاعتداء عليها.
مصر كانت أول دولة عربية ألغت هذه المادة من قوانينها العام 1999. ومؤخراً، صادق مجلس النواب المغربي، بالإجماع وبأطياف أحزابه المدنية والدينية كافة، على قانون يحذف هذه المادة أيضاً من القانون الجنائي المغربي. وكانت الحكومة الأردنية التزمت أثناء مراجعة تقريرها الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان العالمي، بتاريخ 24 /10 /2013، بحذف هذه المادة، وأي مواد أخرى تميز ضد المرأة. إلا أن اللجنة المشكلة لدراسة التعديلات على قانون العقوبات في وزارة العدل، خلصت إلى توصية بتعديل المادة وليس بإلغائها، وبما يبقي على مبدأ زواج المعتدي على الضحية في بعض الأحيان.
اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، والعديد من المنظمات النسائية، تطالب -منذ فترة- بإلغاء المادة. كما أن على الأردن التزامات دولية بشأن الاتفاقيات التي وقّعها وصادق عليها، بما يلزم الحكومة احترام هذه الاتفاقيات. لكن، هل يصح أن يكون دافعنا لإلغاء المادة هو التقيد بالاتفاقيات الدولية فقط، أم أن الدين والمنطق والنواميس الإنسانية هي ما يجب أن يدفعنا للنظر إلى المرأة نظرة المساواة التي لا مكان فيها للتمييز، أو للشرف الزائف الذي يكافئ المغتصب على جرمه، ويحمل بعضا من المسؤولية على الضحية المعتدى عليها؟
هناك مسؤولية علينا جميعا؛ كمجتمع مدني، لمؤازرة الحملة لإلغاء -وليس تعديل- مثل هذه القوانين البالية. فالأردن لا يشرفه أن تكون فيه مثل هذه القوانين، وقد حان الوقت للمجتمع، حكومة ونوابا وأعيانا ومنظمات مجتمع مدني وأفرادا، ان يجسّر الفجوة بين الخطاب الرسمي حول حقوق المرأة وواقع الحال.