عروبة الإخباري – شارك سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، في نقاشات اليوم الثاني من أعمال مؤتمر “المحبة والمغفرة” الذي ينظمه المعهد بالتعاون مع معهد سلام للعدالة والسلام في واشنطن.
وركزت نقاشات اليوم الثاني على أهمية التعايش مع القيم الانسانية وتعزيز ثقافة الحب والتسامح خاصة في المجتمعات التي تُعاني من صراعات طائفية، والمعايير للتعليم المطلوب التي تؤدي لتعزيز ثقافة الحب والتسامح، ودور وسائل الاعلام في تعزيز قيم الحب والتسامح.
وطرح خلال المؤتمر تجارب واقعية كان لها أثر كبير في بناء التضامن والمحبة والمغفرة بين المجتمعات المسيحية والمسلمة، وفي كسر القوالب والصور النمطية ومناقشة السُبل التي من شأنها أن تعزز الأمل والتفاؤل لدى الأجيال الشابة وشعوب المنطقة عموماً.
ويهدف المؤتمر الى تعزيز مفاهيم التضامن والمحبة والمغفرة والتعايش، حيث طرح المشاركون تجاربهم وانجازاتهم التي كان لها تأثيرات ايجابية في تعزيز هذه المفاهيم بالمجتمعات العربية والاميركية على حد سواء بين المسلمين والمسيحيين، كما ركز المؤتمر على بناء واستدامة علاقات فاعلة بين الخبراء ورجال الدين من الدول المشاركة.
وشارك في المؤتمر الذي يتزامن مع الأسبوع العالمي للوئام بين الأديان واستمر ليومين، اكاديميون ورجال دين وصحافيون واخصائيون اجتماعيون من الاردن وفلسطين ومصر والسودان ولبنان والولايات المتحدة الامريكية.
وقال سموه أنه في السياق التاريخي الآسيوي فإن حكمة الإشراق، كما وصفت من قبل الشيخ شهاب الدين السهروردي، كانت مساهمة آسيوية تجاه الإنسانية العالمية المشتركة.
وأضاف سموه: “لا استطيع فهم نوعية أي حياة مستدامة وتلتقي مع أهداف الألفية الجديدة دون أن تكون مستندة إلى محتوى أخلاقي”؛ مشيراً إلى أن الأردن يستضيف منتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا الذي يمثل دعوة إلى العدالة.
وأشار سموه إلى الميثاق الاجتماعي الذي أطلقه منتدى الفكر العربي والذي استغرق ثلاث سنوات لتطويره في مواجهة جميع أنواع التمييز العرقية والدينية وغيرها.
وأكّد الأمير الحسن أنه في سياق أعمال المعهد الملكي وغيره من المؤسسات يجب ألا يكون الحوار بين النصوص وإنما بين النفوس؛ داعياً إلى النظر في السياق الذي توضع فيه النصوص الدينية.
وقال سموه أن ما نحتاجه اليوم هو أصوات أصيلة بالشراكة مع أولئك خارج الإقليم.
وأضاف ” ما أؤمن به هو الفضيلة الإنسانية، والحقيقة الفضلى”؛ متسائلاً “كم من البشر يجب أن يسقط قبل أن يستقر الإقليم؟ ما هو مستقبل الإنسانية؟”.
ودعا سموه إلى تفعيل الحوار بين مختلف المدارس والمذاهب الإسلامية؛ قائلاً أن على المساجد والكنائس التفاعل مع الناس وفهم أمانيهم ورغباتهم وممارسة الحاكمية الرشيدة تجاههم.
وأشار الأمير إلى حادثة شارلي إيبدو في باريس وغيرها، مؤكداً أن الاغتيالات السياسية تتعدى نتائجها المباشرة لتكون اغتيالاً للمصداقية التي تبنى بين الناس.
وقال الأمير الحسن أنه إذا لم نقم بالتشبيك وتشكيل جماعات ضغط أخلاقية فلن ندرك الحقائق من حولنا؛ فالقضية الأمنية الأساسية هي الكرامة الإنسانية.
وكانت أعمال اليوم الثاني للمؤتمر التي جاءت متممة لليوم الأول قد بدأت بجلسة تحدث فيها الدكتور حمدي مراد، الأستاذ في جامعة العلوم الإسلامية العالمية، حول أن استمرار الحوار يبني التعايش الحقيقي والسلام العالمي.
وقال مراد أن أربعة عقود في مسيرة الحوار الديني والثقافي والحضاري والفكري والاجتماعي والسياسي والإنساني في عديد من المجتمعات والمؤسسات ومراكز البحث والدول والجامعات والمؤتمرات أكّدت وتؤكّد أن استمرار الحوار الإيجابي الذي يعترف بالآخر ويحترمه هو الطريق الوحيد الأمثل لبناء واستمرار مسيرة التعايش والعيش المشترك بين كل الديانات والثقافات والحضارات والمعتقدات والمجتمعات الإنسانية وبناء السلام العالمي العادل.
كما تحدث في الجلسة القس سامر عازر، راعي الكنيسة اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، حول تجربة بناء التضامن ونشر المحبة والأخوة بين المسلمين والمسيحيين من خلال تجربته في مركز الخيمة.
بدوره، تحدث الدكتور محمد غوشة، المتخصص في العمارة الإسلامية في القدس، حول مدينة القدس كنموذج للتسامح والمحبة بين المسلمين والمسيحين.
وقال غوشة أن المسلمين والمسيحيين في القدس بسلامٍ ومحبةٍ وأخوة منذ أن سطّر الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب العهدة العمرية مع بطريرك المدينة آنذاك صفرونيوس.
وأوضح غوشة ان العهدة العمرية تعتبر أشهر وثيقة محبةٍ وسلام عرفها التاريخ؛ فمنذ ذلك الحين، أي قبل حوالي 1400 عام، ما زال المقدسيون، مسلمين ومسيحيين، يتأثرون بسماحة الخليفة العادل والمحبة التي جمعتهم عبر هذه القرون الطويلة من الزمن.