عروبة الإخباري – هددت مصر حركة «حماس» بقطع العلاقات معها فى حال عدم تسليم المتهمين المطلوبين من أعضاء الحركة إلى القاهرة، واشترطت السلطات المصرية تسليم المطلوبين قبل التفكير فى أى طلبات للحركة خاصة بالتعاون أو بأى شكل من أشكال العلاقات.
وكانت السلطات المصرية سلمت «حماس» قائمة تضم 13 حمساوياً متورطاً فى أعمال إرهابية تم تنفيذها فى مصر، وتهربت الحركة من الاستجابة لتلك المطالب، وتحججت بعدم وجود مذكرات قضائية بهذا الشأن. وكشف مصدر مصرى أن حماس ليس أمامها الآن سوى أن تنفذ تعهداتها السابقة باستعدادها لتسليم أى مطلوب تصدر بحقه مذكرة قضائية.
وأوضحت مصادر مطلعة أن «حماس» تواصل محاولاتها لفك الحصار الدولى المفروض عليها، خاصة بعدما شعرت بأن الموقف القطرى ربما يتغير تجاهها بعد تزايد الضغوط العربية والخليجية على قطر للتخلى عن دعم ومساندة تنظيم الإخوان.
ولم يجد قادة الحركة بداً من العودة لأحضان إيران، الحليف التقليدى القديم، وهو القرار الذى اتخذه اجتماع مجلس شورى الحركة، مايو الماضى، لكن إجراءات تنفيذه استغرقت وقتاً طويلاً، خاصة مع التعنت الإيرانى، وإصرار حكومة طهران على تنفيذ عدة اشتراطات، منها إعلان حماس بشكل واضح دعمها ومساندتها لإيران ولسوريا، وهو ما فعله خالد مشعل فى تصريحات أطلقها من الدوحة، مشيداً بالموقف السورى الذى وصفه بـ«الداعم لحماس».
ولما كان خالد مشعل وقادة «حماس» لا يريدون أن تضر الاتصالات السرية مع إيران بمحادثات واتصالات أخرى تجريها الحركة سراً وعلناً، ومنها مفاوضات المصالحة مع فتح منذ ثلاثة أشهر تقريباً، فقد اقترحت «حماس» أن يصل إلى طهران وفد على مستوى منخفض، لكن الإيرانيين رفضوا المقترح، وقالوا إنه دون وصول خالد مشعل نفسه إلى العاصمة الإيرانية، أو عقد لقاء فى الخليج مع ممثل إيرانى رفيع المستوى، فهم ليسوا على استعداد للتحدث مع أى شخص، حتى ولو كان الأمر يتعلق بنائب مشعل، موسى أبومرزوق.
وفى النهاية، وأمام الإصرار الإيرانى، تراجع مجلس شورى حركة حماس، وقرروا الموافقة على لقاء مشعل مع الإيرانيين، وقبول شرطهم بعقد اللقاء فوراً، وعدم الانتظار حتى تشكيل حكومة فلسطينية جديدة. وهو ما تم بالفعل، بعد أن التقى نائب وزير الخارجية الإيرانى، حسين أمير عبداللهيان، مع زعيم حركة حماس، خالد مشعل.
اللقاء شكّل الموافقة النهائية على اتفاق سرى وُقّع بين حماس وطهران، بموجبه تعود حركة حماس كحليف لإيران وسوريا وحزب الله فى الشرق الأوسط. ويتضمن كذلك استئناف المساعدات المالية الإيرانية للحركة بقيمة 200 مليون دولار سنوياً، ومعها المساعدات العسكرية. ومن المنتظر، حسب مصادر مطلعة، أن تتسلم حركة حماس منظومات ومعدات عسكرية متقدمة من إيران تشبه تلك التى تحصل عليها حركة الجهاد الإسلامى، كما سيعود أعضاء حركة حماس للمشاركة من جديد فى دورات فى إيران تدار من قبل حرس الثورة الإيرانى.
ووصل الشهر الحالى وفد قيادى رفيع المستوى من حركة حماس إلى العاصمة الإيرانية طهران فى زيارة رسمية استمرت عدة أيام، وترأس الوفد عضو المكتب السياسى، محمد نصر، وضم: ماهر عبيد، وجمال عيسى، وخالد القدومى، ممثل حماس فى طهران، الذى أجرى لقاءات مكثفة مع القيادات الإيرانية حول تطورات القضية الفلسطينية، والاتفاقات الأخيرة للدخول مرة أخرى تحت عباءة إيران.
وكشفت المصادر أن رغبة «حماس» فى العودة للحضن الإيرانى ليست فقط من أجل استئناف الاعتماد السنوى الإيرانى، وقيمته 200 مليون دولار، لكن لأن قادة حماس ينظرون بقلق متزايد للاستثمارات الضخمة التى تنفقها طهران فى الأشهر الأخيرة على حركة «الجهاد الإسلامى» فى قطاع غزة ولبنان، ما قد يؤدى لتحويل الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامى فى غزة إلى قوة عسكرية عصرية، أكبر من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرى لـ«حماس».
ووصل إلى قطاع غزة، خلال الأشهر الأخيرة، بحسب تقديرات مصادر فلسطينية، مئات من حركة الجهاد، تدربوا بشكل خاص فى إيران على هذا الهدف، بعضهم تم تأهيله فى دورات نظمها حرس الثورة، وقسم آخر أُعد كمهندسين وفنيين عسكريين لاكتساب خبرة فى استخدام منظومات سلاح متطورة.
وفى الوقت نفسه، كشفت مصادر أن إيران تنفق أموالاً طائلة على شراء منظومات أسلحة متقدمة من ليبيا، ونقلها عبر مصر إلى حركة الجهاد فى غزة، وهى الخطة التى تعطلت تماماً بعد الإجراءات الأمنية المشددة التى اتخذها الجيش المصرى فى سيناء، وإخلائه الشريط الحدودى مع القطاع، وتدمير أغلب الأنفاق، ما أغضب «حماس» بشدة فشنت حرباً إعلامية ضد مصر، وحاولت الاحتكاك بالجانب المصرى، فضلاً عن وصفها للإجراءات المصرية بأنها محاولة لحصار غزة، وزيادة معاناة المواطنين الفلسطينيين المحاصرين فى القطاع، وشكا مسئولو حماس لعدد من المسئولين العرب من تلك الإجراءات، فضلاً عن شكاوى شفهية لعدد من المسئولين الأممين، وهو ما دعا عدداً من الدبلوماسيين العرب والأجانب إلى توجيه النصيحة لحماس بالعمل على عدم عرقلة الحكومة الفلسطينية الجديدة، إذا كان الهدف تخفيف المعاناة عن المواطنين المحاصرين، والسماح لها بالعمل لحل الأزمة ورفع المعاناة عن آلاف الفلسطينيين فى القطاع.
وكشفت مصادر أممية عن اجتماع سرى عُقد فى غزة، سبتمبر الماضى، بين موسى أبومرزوق، نائب رئيس حركة حماس، وروبرت سرى، مبعوث الأمين العام لعملية السلام فى الشرق الأوسط، هاجم فيه «سرى» موقف «حماس» من حكومة التوافق، قائلاً: «لا أستطيع أن أخفى قلقى من الحديث الدائر فى غزة ورام الله حول الحكومة، ولدىّ شك حول إمكانية استمرارها»، وأضاف: «نريد حكومة فاعلة تستطيع تولى مهمة إعادة الإعمار، وللأسف الحكومة تتعرض لمخاطر، وهى الآن غير فاعلة».
وتابع: «هناك تغير فى مواقف الإسرائيليين الذين ركزوا على وجود السلطة فى المعابر، ونحن الآن نبحث عن آلية لإدخال مواد الإعمار إلى القطاع، وسنراقب دخول مواد الإعمار واستخداماتها فى غزة، وأدرك أن حماس لم يسبق لها أن تدخلت فى عمل الأمم المتحدة، أو فى دخول مواد البناء».
وقال «سرى»: «نحن قريبون من التوصل لاتفاق بين الأطراف الثلاثة، السلطة وإسرائيل والأمم المتحدة، لتسهيل دخول مواد الإعمار، ونريد منكم أن تلتزموا به، وإذا لم يعجبكم النظام الذى سنعلن عنه، ربما يكون عليكم البحث عن طرف آخر تتعاونون معه، إسرائيل تريد وجود السلطة على المعابر، ونحن نحبذ ذلك، وعليكم أن تجدوا صيغة مع السلطة للتنفيذ».
وأضاف «سرى»: «نريد بناء ثقة بينكم وبين الإسرائيليين، وسبق أن نقلنا مقترحات من مردخاى حول هدنة طويلة الأجل معكم مقابل تطوير البنية الاقتصادية فى غزة».