عروبة الإخباري – يعتبر الممثل الأردني جميل عواد واحدا من بين قامات التمثيل العربية القليلة التي استطاعت أن تنفذ بأدوارها الدرامية العديدة في المسلسلات التلفزيونية أو على خشبة المسرح وعلى الشاشة البيضاء إلى وجدان المشاهد العادي في طاقة متمكنة أعادت إلى فن التمثيل جوهره الحقيقي في الإمتاع والبهجة.
بملامحه الهادئة وأسلوبيته المبتكرة التي لا نجدها سوى لدى القلائل من الممثلين رسم عواد أدواره الدرامية المتنوعة التي تمتد في رحلة زمنية طويلة من خشبة المسرح في إطلالته الأولى على المشاهد وصاحبته عاما تلو آخر إلى حقول إبداعية أخرى في الكتابة وهندسة الديكور والإخراج وصولا إلى ريادته التمثيلية في فنون الإذاعة والتلفزيون وعالم الفن السابع.
يقول جميل عواد لوكالة الأنباء الأردنية انه بدأ أداءه التمثيلي بشكل عفوي بعد أن أبصر النور في العاصمة عمان العام 1928 وخلال طفولته لم يكن عواد يتعايش في محيطه الاجتماعي مع أي مظهر تمثيلي أو فني.. لكنه في المدرسة الابتدائية لاحظ أساتذته عليه انه يحمل نواة آخذة في التشكل في مجال إجادته لفن الرسم.. من هنا قرر متابعة دراسته في هذا الاختصاص عندما جاءته الفرصة للدراسة بالخارج رغم الممانعة والصد التي واجهها من عائلته التي كانت ترغب برؤيته مهندسا. لكنه في طريقه إلى دراسته العليا ظل يحمل في ذاكرته تلك اللحظة التي جاءته بغتة في أن يقوم بأداء دور تمثيلي بسيط في احد النشاطات المدرسية بادارة احد المعلمين في مدرسته الابتدائية حيث كان يجيد تقمص حركات تشبه فنون الأداء الدرامية.
ويشير إلى اللحظة الحاسمة التي شكلت نقطة التحول في حياته عندما قرر المرحوم الشريف عبد الحميد شرف تأسيس أول نواة لمؤسسة تعنى بشؤون الثقافة والفن في الأردن العام 1964 أطلق عليها قسم الثقافة والفنون وفيها وجد جميل عواد نفسه يشغل رئيسا لقسم الفنون التشكيلية إلى جانب مجموعة من الأسماء الأردنية اللامعة والمهتمين بأشكال الإبداع المتنوعة من المسرح والتشكيل والموسيقى والفنون الدرامية والشعبية.
عندما بدأ المخرج هاني صنوبر يعمل على إخراج إحدى المسرحيات جرى اختيار عواد لواحد من الأدوار البسيطة إضافة إلى قيامه بعمله مهندسا للديكور في المسرحية وهي المهنة التي لازمته عندما التحق بالعمل بعد سنوات قليلة في التلفزيون الأردني لدى افتتاحه العام 1968 قبل أن يغادر عمان لعدة سنوات ويعود إليها العام 1974مخرجا في عمل مسرحي تحت عنوان»الغائب» المستمدة عن مسرحية»الزوبعة» للكاتب المسرحي المصري محمود دياب لدى عرضها على مسرح دائرة الثقافة والفنون وعلى خشبته واصل عواد مسيرته الفنية في الإخراج والكتابة في العديد من المسرحيات التي توجها لدى مشاركته في مسرحيته»الشحادين» مطلع الثمانينات ضمن فعاليات مهرجان قرطاج المسرحي الأول في تونس والتي حازت على نجاح جماهيري ونقدي لافت كرسته كواحد من ابرز رواد الفن المسرحي محليا وعربيا عقب إخراجه وأدائه أدوارا رئيسة في مسرحيات متنوعة الموضوعات والاهتمامات..البعض منها حققه في مسرحيات موجهة للأطفال بالمشاركة مع زوجته المبدعة جولييت عواد.
في تلك المرحلة التي كانت من أدق المراحل وأهمها في حياة الفنان جميل عواد تمكن بفضل انغماسه وتمرسه بالعمل الفني من اقتحام تجارب إبداعية أخرى في مجال الفن السابع عندما اسند له المخرج السوري نبيل المالح احد ابرز أسماء السينما العربية الجديدة دورا لافتا بفيلم»بقايا صور» العام 1983 والمأخوذة أحداثه عن رواية تحمل العنوان ذاته للأديب حنا مينة وهو الفيلم الذي شارك بالعديد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية وحاز على الكثير من الجوائز ولا زال الفيلم يعرض بين حين وآخر في مناسبات الاحتفاء والتكريم في أرجاء العالم.
ولم تكن تلك التجربة السينمائية الأولى له كما يقول عواد فقد سبقها قيامه بأحد الأدوار الرئيسية تحت ادارة مخرج ايطالي إلى جوار ممثل أجنبي في فيلم سينمائي جرى تصويره بدمشق إبان مطلع عقد السبعينيات من القرن الماضي.
وعن مشاركته في السينما الأردنية لم يكن عواد كما يشير على اقتناع بالمحاولات السينمائية التي شهدها الأردن بعكس ما كانت تجربته مع المخرج نجدت أنزور عندما شارك في كتابة وصياغة الفيلم السينمائي»حكاية شرقية»الذي ساهم بإنتاجه مع أنزور..ورغم انها تجربة أردنية ناضجة إلا انها حملته عبئا وكلفة مالية بعد أن استنزفت العمليات الفنية التي جرت في ايطاليا الجزء الأكبر من ميزانية الفيلم الذي شاركه فيها المخرج نفسه بعد عجزهما عن تسويق الفيلم تجاريا في الصالات المحلية أو العربية نظرا لقواعد وأحكام العرض والتوزيع السائدة.
وعن تجربته السينمائية الأخيرة بالفيلم السعودي»ظلال الصمت»كواحد من بين الممثلين الرئيسيين الذين اختارهم المخرج عبدالله المحيسن من نجوم الدراما العربية يؤكد عواد على أهمية مشاركته بهذا الفيلم بعد قراءته لنص السيناريو الذي أعجب به ورأى فيه فرصة أخرى له للظهور في دور لائق رغم قصره عدا عن كون الفيلم يحمل مواصفات الفيلم السينمائي العربي الناجح الذي وفر له ميزانية وطاقما تقنيا بارعا يؤكد على حساسية وحماسة مخرجه في الاشتغال على إيجاد صناعة سينمائية تتجاوز الحدود والحرص على تقديم نوعية مغايرة للسينما السائدة.
جميل عواد يرسم أدواره الدرامية بأحاسيس تلامس الوجدان
22
المقالة السابقة