الدولة الإسلامية أو داعش أذهلت العالم أجمع، وبالأخص العالم العربي والإسلامي بعد ظهورها المفاجئ، في مشهد يذكرنا بالقصة القرآنية لأهل الكهف الذين لبثوا في كهفهم مئات السنين ثم خرجوا، وكأنهم اختفوا في ذلك الكهف لأيام! أدبيات داعش من قتل وتكفير وتدمير ومحاربة من يخالفها العقيدة، حتى أقرب الناس لها في العقيدة (معظم أهل السنّة) هو أمر ليس بالبدعة الإسلامية المستحدثة، بل هو أمر موجود، روّج له في العصر الحديث الإخوان المسلمون، ومن غيرهم وراء كل ما نعيشه من كوارث خرجت من رحم ما يسمى بثورات الربيع العربي التي أخذت تنتقل مثل النار في الهشيم من بلد إلى آخر، بتخطيط محكم وتنفيذ متقن لا يعقل أن يكون عشوائياً أو طبيعياً أو غير مخطط له أو يتم تنفيذه تحت إشراف محترفين..
وحتى لا نلقي الكلام على عواهنه، ونتهم من البعض بأننا نروج دائماً ضد أفكار وأفعال الإخوان المسلمين لاختلافنا معهم في العقيدة والرؤية الضيقة ونفسهم التآمري، سأنقل هنا ما كتبه الزميل السعودي عبدالله بجاد العتيبي في جريدة الشرق الأوسط (6 يوليو)… «فكرة استعادة الخلافة هي فكرة أصيلة وتأسيسية لدى الإخوان المسلمين، وكل ما تفرع عنها من حركات إسلام سياسي كحزب التحرير وتيارات السلفية السياسية كالسرورية وغيرها، وحركات عنف ديني كالتنظيم الخاص بالجماعة وورثته من الجماعات الإرهابية في السبعينات ثم التسعينات في مصر، وكذلك الحركات المقاتلة التي انتشرت في غالب مواضع الاضطراب في أفغانستان إلى الصومال ومن البوسنة والهرسك إلى الشيشان.
أدبيات الإسلام السياسي قائمة في الأساس على هذه الفكرة الجامحة، فخطب وخطابات حسن البنا وتنظيرات سيد قطب ومفاهيمه التي خلقها والكتابات الإخوانية الأخرى تصب جميعها في تعزيز هذه الفكرة، وهي فكرة تقوم على أن نموذج الحكم يجب أن يكون واحداً في كل زمان ومكان وهو الخلافة فقط لا غير. ورغم التطور التاريخي والسياسي الهائل في أنظمة الحكم وإدارة السلطة، فإن هذه التيارات جميعاً ترى العودة إلى نموذج تحقق في الماضي، والمثير أنهم يشملون بذلك الخلافة العثمانية باعتبارها ممثلة لذلك النموذج، وهي التي عانى منها وحاربها العرب طويلاً!
أخيراً، فإن ارتباك جماعات ورموز الإسلام السياسي تجاه إعلان داعش الخلافة ومبايعة قائدها خليفة جاء من التشابه لا الاختلاف، ومن رفضوا تلك الخلافة الساذجة، إنما رفضوها لأنها لا تتبع لهم وليس رفضاً للمبدأ» انتهى.
متمنياً أن يكون زميلنا العتيبي قد وضع النقاط على الحروف في أن فكر الإخوان المسلمين هو وراء فكر داعش الظلامي، والدليل على ذلك أنه لم تصدر عن المنتمين لذلك الفكر أي إدانة أو رفض لما قامت به «داعش» من زلزال، لا منهم أي الإخوان، ولا من السلف الذين يحاولون التهوين من شر داعش، كما ورد مؤخراً على لسان اثنين من نقبائهم، وهو أمر يعزو كما شخّص زميلنا العتيبي، ليس إلى رفضهم فكرة دولة داعش، وإنما هم يرفضون داعش ويهونون من شرها باستحياء لأنها لا تتبع لهم!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
• هامش:
الإخوان المسلمون فرع الكويت احتفلوا بليلة القدر – قبل موعدها بعد أن تحقق حلمهم – وذلك بحجز مسلم البراك، فشاركوا وحرّضوا على الحراك الفوضوي الشوارعي الأخير.. والدليل على وقوفهم وراء ذلك الحراك، الذي دانه معظم شرفاء أهل الكويت لفوضويته وعدم قانونيته، أنهم استنسخوا حراك معازيبهم (إخوان مصر)، فإخوان مصر بدأوا حراكهم من مسجد رابعة العدوية، وإخوان الكويت (الصبيان) بدأوه من المسجد الكبير. معازيب مصر استخدموا الأطفال والنساء في الحراك من دون خجل أو وجل، «صبيان الكويت» فعلوا الشيء نفسه، فرأينا الأطفال والنساء في حراك أمسيات رمضان الفوضوية التخريبية.. ويقولون: إحنا حركة مستقلة مسالمة!
علي أحمد البغلي
Ali-albaghli@hotmail.com