سناء عاصم/في ذكرى الإسراء والمعراج

كثيرة هي المشاعر التي تفيض على قلوبنا حين تمر بنا هذه الذكرى المباركة..سواء ما يختص منها بعظمة حضرة نبينا الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، أو ما يختص منها ببركة بيت المقدس وربطه بالمسجد الحرام، أو المشاهد الكبرى التي رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة العظيمة..
فالاسراء والمعراج يؤكد فضل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على جميع الأنبياء ،ولو صح أن بعض الأنبياء عرج الى السماء فانما عرج بروحه فقط، أما نبينا فقد أسرى وعرج بروحه وجسده الشريف، فكان هذا تأكيداً لخصوصيته وعظمة قدره صلى الله عليه وآله وسلم، بدلالة أنه أمّ الأنبياء في بيت المقدس فهو خاتمهم وامامهم وسيدهم..يقول أمير الشعراء احمد شوقي :
يا أيها المُسرى به شرفاً الى
مالا تنال الشمسُ والجوزاءُ
يتساءلون – وأنت أطهرُ هيكل –
بالروح أم بالهيكل الاسراءُ
بهما سموت مطهرين كلاهما
نورٌ وروحانيــــــــةُ وبهاءُ

في ظل تزاحم هذه المعاني الجليلة ، يشرق في أرواحنا شعور غريب يسطو على أرواحنا في هذه الذكرى يستولي علينا يلازمنا بصورة مدهشة..نحس به ونستشعره
انه شعور السموّ والارتقاء..وكأننا نلامس السماء ونخترق حجب الغيب ،نرشف رحيق الخلد، ونزهو في رحاب الله، نرقى مدارج الافلاك،وطباق السموات ،نسمع تسبيح الملائكة ،ونواجه أنوار الملأ الأعلى وكأن اسراء النبي ومعراجه كان لنا جميعا..
وكأن نبينا حين علا السبع الطباق، ناب عن البشرية في هذا السمو العظيم ،وهذه المنزلة الفريدة..لذلك نحسّ في أنفسنا بهذا الشعور..وهذا يؤكد لنا قيمة الانسان وقيمة السموّ في الفطرة الانسانية.
ويؤكد لنا : أن ( المثل الأعلى ) للبشرية يسكن في فطرتنا، ويأوي في أعماقنا (واعلموا أن فيكم رسول الله) عنوان الطهر والنقاء، رمز العدل والاخاء، مثال الصدق والوفاء.
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير)
يعلمنا الاسراء أن نرتقي بأخلاقنا..لأن صاحب الذكرى يقول:
(انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
ويعلمنا أن نرتقي بتعاملنا مع اهلنا لقوله عليه السلام
(خيركم خيركم لأهله.)
وأن نرتقي في هممنا لانه عليه الصلاة والسلام يقول :
(علو الهمّة من الايمان.)
وليكن احتفالنا بهذه المناسبة أن ندرك قيمة أنفسنا (فمن عرف نفسه عرف الحق) وأن ندرك قيمة الانسان كانسان دون النظر الى أي اعتبار..وهو ما يعبّر عن رقي النظرة ،وسمو الاحترام لبني البشر.
يقول أحد الحكماء :
(من كان سماويّ القلب كانت الأرض له سماءً)
وليكن هذا اليوم فرصة لنحدّث أبناءنا عن عظمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعظمة حب الله تعالى له، وعظمة اخلاقه وشمائله ونقبس لهم من سيرته العطرة ما يقربهم من قدره العظيم ويحببهم في ذاته قال صلى الله عليه وآله وسلم :
(لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب اليه من والده وولده والناس أجمعين، ونفسه التي بين جنبيه)..
لعلنا نقترب من القدوة العظمى للبشرية جمعاء صلى الله عليه وآله وسلم في تعاملنا واخلاقنا، وجميع شؤون حياتنا.

شاهد أيضاً

لم يشهد زوراً لكنْ شهدوا بالزور عليه ‏* حسين الرواشدة

عروبة الإخباري – ‏آخر نسخة من «الافتراء» على الدولة الأردنية، وصلتنا عبر بريد صحيفة عربية، …

اترك تعليقاً